حكومة غزة و احترام حقوق الناس/ مصطفى ابراهيم

27/4/2013

خلال الشهر الجاري تكررت اعتداءات الشرطة على الناس في أكثر من منطقة في قطاع غزة، والتدخل في خصوصياتهم من خلال التدقيق في بطاقاتهم الشخصية والطلب منهم اثبات الشخصية، ولم يميز افراد الشرطة بين صغار السن او الكبار منهم، وتعرض صحافيون وعدد من الشخصيات العامة ومواطنين للطلب منهم اثبات شخصياتهم وإبراز بطاقة الهوية لهم ولزوجاتهم او خطيباتهم وحتى شقيقاتهم، وفي حالات اخرى قام افراد الشرطة المتواجدين على الحواجز بتوقيف الرجال والنساء لفترات زمنية متفاوتة لغاية ان يقوموا بالاتصال بالعائلات للتأكد ان المرأة التي تتواجد في السيارة مع الرجل هي زوجته.
و الاسبوع الماضي قامت اذاعة القران الكريم التابعة لوزارة الاوقاف في غزة بإجراء لقاءات مع المواطنين في الشارع، ودارت الاسئلة حول نية الحكومة سن قانون يمنع الرجال من العمل في محلات بيع الملابس النسائية، وقبل اسبوعين قامت الشرطة بتنفيذ حملة قيمي حياتي التي اعلنت عنها الحكومة بذريعة الادعاء بنشر القيم والثقافة الوطنية ومنع البنطال الساحل ورفع الشعر بالجل “سبايكي” وتم اعتقال عدد من الفتية والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وقص شعرهم. في غزة عودتنا الحكومة على اتخاذ قرارات مختلفة تتعلق بالفضيلة وتتراجع عنها تحت الضغط، و النفي بشدة من انها قامت بتلك الاعتداءات، كما نفي اكثر من مسؤول في الحكومة وحركة حماس قيامها بالاعتداء على الفتية بما فيهم الدكتور موسى ابو مرزوق وقال انه مستهجن الخبر بل غير مصدق له. وعاد عدد من المسؤولين في الحكومة واعترفوا بذلك مع ان عدد من ضباط الشرطة اكدوا الخبر قبلهم، كما ان الحكومة اكدت ذلك من خلال بيانها التي اصدرته ردا على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وقالت فيه “ان كافة القرارات والقوانين الصادرة عن الحكومة تخضع لمصادقة المجلس التشريعي، وتحظى بنقاش مستفيض ودراسة معمقة، ويتم اقرارها وفق رؤية وطنية خالصة وبإرادة مستقلة تراعي المصلحة العامة فقط، ولا ترتهن لأية املاءات أو تخضع لأية ضغوط خارجية”. والغريب ان الحكومة في بيانها اكدت على احترامها المطلق لحقوق الانسان وصونها للحريات العامة والخاصة، فالحكومة تقول شيئ وعلى الارض تقوم بعكسه، وأحيانا يتولد لدي شك ان رجال الشرطة قاموا بتلك الاعتداءات باجتهادات شخصية، فما يجري مخالف لاعتقادي، فهي تقوم بذلك من خلال اجندة و فرض ايديولوجيا معينة على الناس والاستجابة لإطراف متشددة في الحركة والحكومة، فهي تتحدى الناس بحملة خلف حملة. بدء من حملة وضع الرمل على رؤوس الطلاب الذين يضعون الجل، إلى حملة الفضيلة على البحر إلى منع النساء من تدخين الأرجيلة، ومنع عرض المانيكان وازياء النساء الداخلية والصالونات النسائية، وأماكن التجميل، والأزواج وجلسة المرأة وهي تضع قدم على قدم، والتفتيش على الهويات، والجلباب، وزي المحاميات، وغطاء الرأس وقانون التعليم بمنع الاختلاط. والإكراه على الفضيلة من جديد في جامعة الاقصى الذي اتخذت ادارتها قرارا بإلزام طالبات الجامعة اللباس الشرعي المنضبط داخل الجامعة، و تراجعت عن القرار لاحقا، و منع المراكز النسوية من الاحتفال بالثامن من اذار وعيد الام، وسمحت بشروط، اولا ان لا يكون الاحتفال بعيد الام في الحادي والعشرين من اذار، وان يكون في يوم اخر، كما اشترطت عدم السماح للرجال والنساء بالاختلاط، ومشاهدة الرجال فعاليات الاحتفال ومنها الدبكة الشعبية ممن خلف ستار، وبرقابة الشرطة. حملات نجحت وحملات تراجعت الحكومة عنها بحجة عدم صدور قرارات بشأنها أو أنها لا تعلم أو كتل طلابية هي المسوؤلة عنها، تحت اسماء لغرس المفاهيم الإسلامية وحماية الثقافة الوطنية، وهاهي الحكومة تعترف بان كافة القرارات والقوانين الصادرة عنها تخضع لمصادقة المجلس التشريعي، وتحظى بنقاش مستفيض ودراسة معمقة. كم اصبح حالنا حزين ومؤلم، وتسيطر على قطاع كبير من شعبنا الفلسطيني همومه اليومية الداخلية والبحث عن لقمة العيش و كرامة ضائعة وحرية مفقودة، ومساواة وعدالة اجتماعية غائبة، والبحث عن مصدر رزق له يسد رمقه وأبناءه، و تحول الهم اليومي والبحث عن لقمة العيش الى مشروع كفاحي ونضالي ضد الاجراءات التي تتخذها الحكومة، بديلا عن البحث في مشروعنا الوطني للتحرر من الاحتلال والاستقلال والحرية، وتطبيق القانون وصدق الحكومة ومدى قدرتها على احترام حقوق الانسان.