ماراتون بوسطن وزلزال ايران بقلم آرا سوفاليان
هناك من يُسقط ما حدث في ماراتون بوسطن وردود الافعال عليه، على ما يحدث في سوريا، وظهرت تسميات كتنسيقيات بوسطن ونيوورك والى آخره...والبعض ورغم الألم يقف امام هذه الاسقاطات موقف المشارك فيؤلف الشعر والنثر والزجل ويطيّب، وآخرون ردود أفعالهم لا تتجاوزالضحك والتفكه ولكن بمرارة، خاصة وان كل الذي حدث هناك يشبه غيض مما حدث لنا هنا في سوريا سواء ما يتعلق بانفجارات الماراتون او بزلزال ايران الاول والثاني مع فارق بسيط وهو "هناك الغيض ولدينا الفيض" فألف تفجير كالذي حدث في بوسطن ومعهم عشر زلالزل قد لا تكون نتائجها مجتمعة تعادل ربع ما حدث لنا هنا في سوريا خلال السنتين الماضيتين.
و...هنا تنطبق المقولة المشهورة "شر البلية ما يضحك" نحن في البلاء منذ سنتين، والعالم نصفه يتفرج ونصفه الآخر يصب الزيت على النار، ومع ذلك فهناك من كتب بعد دقائق من انفجاري بوسطن العبارة الآتية: من هنا من سوريا الحبيبة التي روعها الارهاب ورغم البلاء الذي نحن فيه نستنكر اي عمل ارهابي يطال أي مخلوق على وجه الارض...تعازينا لأهل الضحايا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للجرحى...نقول ذلك رغم ندرة المعلومات وعدم معرفتنا بأرقام الضحايا وبأسباب الحادث وبالفاعلين ودوافعهم الغير مبررة على الاطلاق.
ان الذي ذهب اليه جماعة بوسطن السوريون على الفيسبوك هو متنفس بسيط، وهذا المتنفس البسيط مقبول إن لم يتعد الفكاهة اما اذا تحوّل للشماته فلقد تحوّل الى إثم ونحن لا تنقصنا الآثام فلدينا منها الكثير.
عاجلاً أو أجلاً سيدرك العالم انه لا بد من الوحدة والتكاتف والتعاضد على المستوى الانساني وخاصة أمام الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى والحروب، فالزلازل تواكبها الاعمال الاغاثية، والكوارث الطبيعية الأخرى تواكبها وحدة سكان الارض والتضحية بجزء من متحصلات المجموع ووضعه في خدمة الدولة المتضررة خاصة وأن الكوارث الطبيعية ممكن ان تحدث في كل مكان ولا توجد دولة مستثنات من آثارها، والحروب تواكبها الدعوات للتهدئة ثم فرض السلام بالقوة على الجهات المتحاربة بعد توافق الاطراف التي أضرمتها.
ولطالما أنه ومن خلال تجارب الشعوب نعلم بأن النتائج معروفة، والامور تذهب الى مستقراتها، فلماذا لا يتم اختيار أقصر الطرق وأقلها ضرراً، إذا كان الوصول الى هذه النتائج معروف وحتمي؟؟؟
والذي يحدث في سوريا اليوم هو مئة حرب وعشر كوارث طبيعية مجتمعة ومن أعلى الدرجات وبما يفوق آخر درجة في سلّم رايختر؟ وزلزال اليوم في ايران هو الثاني خلال اسبوع واحد، يعطي دروس وعبر فهل هناك من يتعظ ويدّخر طاقة التعويض والجبر العالمية وهي طاقة محدودة لدرئ آثار الكوارث الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها؟ عن طريق تحييد الكوارث الأخرى التي هي من صنع البشر.
زلزال ايران الثاني كان عنيفاً جداً فلقد تجاوز عمقه 95 كم وهذا العمق يتفوق على العمق المتعلق بكل الزلازل السابقة وكذلك اتساعه اما قوته فلقد تجاوزت الـ 7،7 درجات على مقياس رايختر...ويجب ان لا ننسى ابداً أن الرقم 10 هو آخر درجات رايختر...والاحتمالات كثيرة....ان الوصول الى الرقم 10 وفي مكان أقل عمقاً و يتمتع بكثافة سكانية أعلى، فإنه قد يحوّل منطقة أكبر مساحة من المساحة التي شملها الزلزال اليوم الى هباءً منثوراً، ولطالما أن هناك سلم أولويات فلماذا يتم ترتيب درجات هذا السلّم بحسب الأمزجة وليس الواقع؟ وهل اذا كان رايختر على خطأ وأن هناك درجات للزلال أعلى من 10 وهذا ممكن، فهل ستتاح الفرصة للإنسان الذي أضاع الفرصة أصلاً في ما لا يفيد، ان يعيد ترتيب درجات سلم الأولويات بعد تحييد الأمزجة؟
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق الثلاثاء 16 04 2013
arasouvalian@gmail.com