لن نحتفل بالمرأة
نوال العيد

الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٣
الـ8 من آذار (مارس) من كل عام هو اليوم العالمي للمرأة، وفيه يحتفل عالميًا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء بميزان الأمم المتحدة التي اعتمدت التاريخ يوماً للاحتفال بالمرأة، ورمزاً لنضالها، وتاريخ هذا اليوم يعود إلى 1908، حين عادت آلاف من عاملات النسيج في أميركا للتظاهر من جديد بعد قمعهن في مرة سابقة بطريقة وحشية على أيدي رجال الشرطة، عُدْن في شوارع مدينة نيويورك، لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار «خبز وورد»، طالبت المسيرة هذه المرة بخفض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع، وشكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة، ومن ثم تم اعتماد هذا اليوم يوماً عالمياً للمرأة من منظمة الأمم المتحدة، كما جاء في موسوعة ويكيبيديا.
إذنْ هذا اليوم يعني انتصار المرأة بالطريقة الأميركية والمباركة الأممية، فعلام تحتفل نساء العرب المسلمات به؟ هل يحتفلن بسحق سيدات العراق على ظهر الدبابة الأميركية وبمباركة الأمم المتحدة، وانتهاك حقوق المرأة الفلسطينية بأيد إسرائيلية ودعم أميركي، وتشريد المرأة المالية على طائرة فرنسية، وقتل المرأة السورية بمباركة دولية وموت ضمير عالمي و... و... أمثلة أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر.
لن نحتفل في يوم 8 مارس على بنود اتفاق «سيداو» cedaw. اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي تبنته الأمم المتحدة، لتحارب بها الأديان السماوية والفطرة الإنسانية، وإحلال القوانين الدولية بدلاً عن الشريعة الإسلامية.
الاتفاق الذي يدعو للمساواة التماثلية بين الجنسين، واعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية لا صفة بيولوجية فطرية يمكن أن يقوم بها إنسان آخر، حتى إنها لا تختلف عن بقية الأعمال المنزلية غير المربحة الأخرى التي تعد أدواراً نمطية وتقليدية يجب تغييرها.
الاتفاق الذي يدعو إلى تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لدور كل من الرجل والمرأة، وإلغاء رب الأسرة والقوامة والنفقة والمهر باعتباره تمييزاً يمارس ضد المرأة. الاتفاق الذي يشرّع الزنا والسفاح قبل سن 18 وتحرم وتجرم الزواج قبلها. الاتفاق الذي يمنح الشواذ شرعيةً، وتضمن لهم إقامة أسرة مكونة من رجل ورجل وامرأة وامرأة وليس قصر الأسرة على المفهوم التقليدي المرأة والرجل. الاتفاق الذي يدعو إلى إلغاء الولي في النكاح، ويبيح للمرأة أن تمارس عقد الزواج بنفسها مثل الرجل تماماً، ويدعو للمساواة بين الجنسين في الإرث في جميع حالاته، وتصور العلاقة بين الجنسين على أنها علاقة صراع وتنافس لا مودة وتكامل. الاتفاق الذي يريد أن يحكم العالم من خلال نظرة أفراد محدودين، ويقيم محكمة دولية لجميع من يخالفها في ثقافته الاجتماعية، ويتدخل في شؤون الشعوب الداخلية، ويلغي سيادة الدول. الاتفاق الذي يدس السم في العسل، الذي لا يشك عاقل بفشله لا لمخالفته الدين فحسب، بل وللفطرة الإنسانية.
ستحتفل المرأة المتحررة من التبعية، والواثقة بثقافتها، والمعتزة بدينها كل يوم إذا نالت حقوقها بميزان الشرع الذي كفل للمرأة مالها على ميزان القسط والعدل والمساواة التكاملية الذي نزل من عند الله من السماء خالق البشر، لا بمنظور الأمم المتحدة الذي أنشأه مجموعة من أهل الأرض بموازينهم البشرية ليقودوا به الأمم.
ليقودوا به الأمم.
إضاءة: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)
الحياة