فرنسا رائدة الحرب الصليبية ضد الإسلام ..؟! (3-4)
ونحن نتحدث عن فرنسا والغرب وحقيقة أهدافهما من التدخل في مالي غفلنا عن مصالح كيان العدو الصهيوني التي لا تنفصل عن مصالح الغرب، ولكن سرعان ما ذكرنا بها تقرير نشرته صحيفة القدس العربي بداية هذا الأسبوع وهو ملخص لدراسة صهيونية تبين أن مالي ستكون بوابة كيان العدو الصهيوني للعودة على إفريقيا مرة أخرى بعد ان انحسر وجودها ونفوذها فيها منذ عقود، وهذا يفسر لنا أسباب سرعة تأييد ودعم بنيامين نتنياهو للتدخل الفرنسي في مالي منذ بدايته! وتعود غفلة كتابنا إلى استدراك ذلك إلى نفس غفلتهم التي شوهت تاريخ صراعنا مع الغرب بقراءتهم الانتقائية لمبررات وأهداف وغايات الغرب لكل جولة من جولات الصراع! ومن يجهل تاريخ دولة مالي الإسلامية نذكره أنها اكتشفت وطن الهنود الحمر (أمريكا) في زمن كانت فيه أوروبا تخشى الاقتراب مما تسميه بحر الظلمات (المحيط الأطلسي)، وقد دفعت مالي ثمن حقد الغرب الأسود على المسلمين مثلها مثل كل أقطار الوطن بعد خروج الغرب الهمجي الصليبي من عزلته بفضل علوم المسلمين وقد نالت نصيبها من خطف أبنائها واستعبادهم وإذلالهم وتغيير دينهم وارتكاب المجازر ضدهم كما يفعل الفرنسيين الآن في مرحلة ما سماه كتابنا كما سماه الغرب كذباً وزوراً: الكشوف الجغرافية الأوروبية
على نفس النهج في تزييف التاريخ والحقائق العلمية وتغييب العقل والوعي لدى المسلمين حشى المتغربون كتبنا المدرسية بما نقلوه لنا من كتب الغرب دون النظر في مدى صحته أو توقفهم مع حقائق التاريخ المعلومة لسلفنا وهذا الأمر لا يحتاج إلى مزيد جهد كي نوضح مدى زيفه، ويكفي أن نسال أولئك المتغربين: · هل كان المسلمون جهلة بجغرافية وطنهم وحدوده وينتظرون ماجلان حتى يأتي ويكتشف لهم ان لهم إمارات إسلامية قائمة في جزر الفلبين في أقصى الجنوب الشرقي لقارة آسيا؟!. · وقد يكون المسلمون جهلة بحدود وطنهم في الهند وشرق وغرب إفريقيا، وخطوط الملاحة البحرية في المحيطين الهندي والأطلسي، وانتظروا فاسكو دي جاما كي يكتشفها لهم؟!. · أو قد يكون ابن ماجد الذي قاد سفن فاسكو دي جاما بنفسه إلى أن أوصلها إلى الهند لم يكن يعلم أن بلده في شرق إفريقيا بلداً إسلامياً، وأن الهند أيضاً حكمها حاكم مسلم وأنه جزء من وطنه الإسلامي، ولم يعرف ذلك إلا بعد أن كشفها فاسكو دي جاما؟!. · أو أن الجغرافيين المسلمين وعلى رأسهم الإدريسي عندما رسم خريطة جغرافية للعالم في القرن الثالث عشر هي أقرب ما تكون إلى خارطته الحالية كانت ضرباً من الخيال وليست خريطة على أساس الحقائق العلمية التي عرفها المسلمون حتى ذلك الوقت. أو قد يكون الرحالة المغربي ابن بطوطة الذي ذكر تلك الإمارات الإسلامية في رحلاته كان يخترع رواياته تلك من بنات الخيال أيضاً؟!. إن هذا المنطق لا يستقيم مع سلامة العقل! لذلك تعالوا معنا لنتعرف على الحقيقة التي دفعت وحركت الغرب النصراني للقيام بما يضلل به العالم ويسميه كشوف جغرافية. الهدف الرئيس القضاء على الإسلام
كان الهدف الرئيس لحركة الكشوف الجغرافية التي بدأتها أوروبا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر بحسب العقلية الغربية الصليبية وتوجهاتها الحضارية والعدائية الحاقدة على الإسلام وأهله حلقة من حلقات الصراع الصليبي ضد الإسلام. فقد كانت هذه الكشوف تهدف إلى الالتفاف حول الوطن الإسلامي والسيطرة عليه والقضاء عليه قضاءً مبرماً من خلال حصاره عسكرياً وإضعافه اقتصادياً بتحويل طريق التجارة بعيداً عن أراضي المسلمين. فقد كان من الدروس التي تعلمها الغرب الصليبي من الحرب الصليبية إدراكه حجم الأموال التي تدخل إلى خزانة الدولة الإسلامية من الضرائب والمكوس التي تفرض على البضائع والسلع التي تُجلب لبلاده من الهند وشرق آسيا وتمر عبر الأراضي الإسلامية، وحجم الدور الذي تلعبه هذه الأموال في المعركة التي بواسطتها يستطيع المسلمين تجييش الجيوش وتحصين المدن والقلاع، وبناء قلاع جديدة وتوفير السلاح واستمرار حالة الازدهار والانتعاش الاقتصادي في بلادهم. لذلك سعى الغرب إلى حرمانهم من هذا المورد المالي العظيم ليتمكن من الانتصار عليهم. فقد كان المسلمون على اختلاف أمرائهم وحكامهم أصحاب السيادة على البحر الأحمر وكانوا يمنعون سفن الغرب الصليبي وتجارتهم من دخول البحر الأحمر خوفاً من تآمرهم على المسلمين وغدرهم بهم، ولذلك كانت السفن التجارية الغربية تنزل تجارتها في ميناء عدن وعيذاب ثم يتم نقلها عبر البر على ظهور الجمال إلى قوص حيث تشحن عبر النيل إلى موانئ دمياط ورشيد على البحر المتوسط ومن هناك إلى أوروبا. وقد كان هذا الموقف الإسلامي نابع من وعي المسلمين واستحضارهم للأسباب التي دعت سيدنا عمر بن الخطاب معارضة حفر قناة تصل بين البحرين الأبيض والأحمر وقد كان رفضه هذا يدل على بعد النظر ودراية بأمور السياسة والحرب أبعد من زمانه، حيث كان مبرر رفضه: الخوف من أن يتمكن الروم من استخدام هذه القناة في عملياتهم الحربية ضد المسلمين، ولكنه سمح بإعادة وصل البحر الأحمر بالنيل لتسهيل إرسال القمح إلى بلاد الحجاز، وقد حفرت قناة تصل البحر الأحمر والنيل عرفت باسم قناة أمير المؤمنين. عادة الغرب الصليبي عبر كل مراحل صراعه لا يعلن عن حقيقة أهدافه وغاياته في وطننا فقد "ادعى الأسبان والبرتغاليون أنهم يريدون الاتجار بالتوابل، ولكنهم في الحقيقة هم يريدون القضاء على الإسلام، وقتل المسلمين ونشر النصرانية، إذ استطاع البرتغاليون سرقة خرائط البحار والمحيطات والمعلومات اللازمة عن الملاحة بدسهم من أجاد اللغة العربية من اليهود في بلاد مصر بغية القيام بتلك المهمة ثم انسل أولئك مدبرين إلى بلاد البرتغال. كما دار فاسكو دي جاما حول رأس العواصف حتى وصل شرقي إفريقيا وسارت سفنه حتى دخلت زنجبار عام 911هـ. والتقى في مالندي "مدينة في كينيا اليوم على الشاطئ المحيط الهندي" بالرحالة المسلم ابن ماجد الذي دله على طريق الهند، وعندما أتم رحلته ووصل إلى الهند، قال: " الآن طوقنا رقبة الإسلام، ولم يبق إلا جذب الحبل فيختنق ويموت". ثم رجع وعاد مرة أخرى وضرب كلكتا بالقنابل انتقاماً من المسلمين هناك. وقد أغرق سفينة محملة بالأرز وقطع أنوف تجارها وآذانهم كما دمر البرتغاليون معظم مساجد مدينة كيلوه في شرقي إفريقيا والبالغ عددها 300 مسجدا آنذاك". أما ماجلان فإنه أرسل إلى البابا عدة رسائل يطلب فيها الإذن له بإعداد رحلة إلى الفلبين لإخضاع (الكفار) أي المسلمين لحكم الصليب، وعلى الرغم من أنه لم يكن الغرب آنذاك يستطيع مواجهة الفتوحات الإسلامية العثمانية في أوروبا، ولا الظروف والأوضاع الداخلية للغرب الصليبي نفسه تسمح بقيام حرب صليبية جديدة إلا انه أذن له. وما أن أتم رحلته الاستكشافية العظيمة كما تدرس لنا ونجح في الدوران حول الأرض ووصل إلى جزر الفلبين، ولأنه كان يحمل معه حقده الصليبي وكراهيته للإسلام والرغبة في القضاء عليه فما أن وصل إلى جزيرة صغيرة قرب سيبو وعلم "أن فيها مسلمين وأن حاكمها مسلم أيضاً فصب جام غضبه عليهم وثار حقده وشن حرباً عليهم بأسلحته الحديثة ولكن الحاكم هناك قام بقتل ماجلان ولا يزال قبره هناك ورفض تسليم جثته للأسبان". هذه هي حقيقة تلك الرحلة العلمية الاستكشافية العظيمة وحقيقة البرابرة الذين قتلوا ذلك الرحالة العظيم التي نُدرها في المدارس والكتب الثقافية. إنها الروح الصليبية التي تحتفظ دائماً في وجدانها وعقلها بالعداء للإسلام وأهله إضافة لأي هدف مادي آخر، ازدواجية الهدف هذه عبر عنها القائد البرتغالي البوكيرك في إحدى خطبه في رجاله قبل احتلال ملقة قائلاً: "إن أجل خدمة نقدمها بعملنا هذا هي أننا سنرضى الرب بطرد العرب من هذه البلاد وخضد شوكة الإسلام بحيث لا تقوم له قائمة بعد اليوم، وأنا على يقين من أننا إذا انتزعنا تجارة البهارات والأفاوية من يد العرب، فإن الدمار سيحل بالقاهرة ومكة وستتوقف تجارة البندقية مع الشرق ويجد تجارها أنفسهم مضطرين إلى شراء بضائعهم من البرتغال". ذلك التضليل والتزييف للحقائق هو الذي يحدث اللبس في فهم حقيقة الموقف الغربي الصليبي من الإسلام عند الكثير من القراء ويجعلهم يفصلون بين الأبعاد الدينية لأي هجمة غربية على الأمة والوطن وبين الأبعاد السياسية والاقتصادية، لذلك نجد أنه هناك من يقرأ الصراع على أنه سياسي، وهناك من يقرأه على أنه اقتصادي، وآخر يقرأه خليط بين الاثنين، وهناك من يقرأه على أنه ديني بحث، وقليل ما هم الذين يجمعون بين تلك الأبعاد كلها، ونحن نرى: أنه دائماً يكون هناك أكثر من بُعد أو هدف للهجمة الغربية على الأمة والوطن يجمعها ويحركها كلها البُعد الديني. التاريخ: 20/2/2013