دراما الانتخابات الاسرائيلية/ مصطفى ابراهيم

23/1/2013

بينت النتائج شبه النهائية بعد فرز 99.8% من اصوات الناخبين الاسرائيليين للكنيست التي بلغت نحو ثلاثة مليون ونصف، باستثناء اصوات الجنود و الدبلوماسيين، ان الاحزاب الاسرائيلية الكبرى الليكود والعمل ويوجد مستقبل متقاربة في قوتها بحصولها على عدد مقاعد متقاربة و ان معدل حصول هذه الاحزاب هو من 15 مقعدا الى 20 مقعدا، وهذه قوتها الطبيعية.
الناخب الاسرائيلي اظهر انه ينتخب ليس على برامج الاحزاب فقط بل من خلال من الشخصية التي تقود الحزب، فالشخصيات التي تقود الاحزاب لها تأثير في الجمهور الاسرائيلي، وهذا ما حصل.
فدراما نتائج الانتخابات الاسرائيلية التي لم تنتهي إلا بالإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات، حيث شكلت هذه النتائج مفاجأة من الحجم الثقيل في الساحة السياسية الاسرائيلية، وستعمل على اعادة تشكيل النظام السياسي الاسرائيلي من جدي بعد تراجع قوى وغياب قوى، وبروز قوى جديدة، وتشكل القوة الثانية من بين الاحزاب الاسرائيلية مثل حزب يوجد مستقبل بزعامة الاعلامي يئير لبيد ابن الاعلامي تومي لبيد الذي كان يقود حزب شينوي وتحطم على يد حزب كاديما، وجاء الابن ليحل محل كاديما الذي لم يحسم امره بعد.كما اظهرت نتائج الانتخابات تزايد كبير في قوة البيت اليهودي بزعامة بينت وهو الحزب الاكثر تطرفا، كما تضاعفت قوة حزب ميرتس اليساري بزعامة زهافا غلئون من ثلاثة مقاعد الى ستة مقاعد، بعد ان دار الحديث عن ضعفه وهشاشته وان اليسار الاسرائيلي في اندثار، إلا ان ميرتس ضاعف مقاعده الاضافية الذي حصل عليها من حزب العمل بعد نفي زعيمة حزب العمل شيلي يحميفوتش عن نفسها وحزبها أي صبغة يسارية، وهي التي وعدت بحصولها على 24 مقعدا.نتائج الانتخابات أظهرت التنوع السياسي في صفوف الجمهور الاسرائيلي، وانه ذو اتجاهات ايديولوجية وسياسية متنوعة، كما بينت الانتخابات بشكل واضح الاصطفاف الجغرافي والعرقي، والتي جرت على اساسها الانتخابات، فالمدن الكبيرة مثل تل ابيب وحيفا والقدس كان التصويت فيها مرتفع للأحزاب الكبيرة، وكانت نسبة التصويت فيها مرتفعة لأحزاب الوسط وما يسمى باليسار.النتائج تشير الى تعادل بين كتلة اليمين واليمين المتطرف والمتدين “الحريديم”، من جهة وبين كتلة الوسط وما يسمى اليسار الاسرائيلي والأحزاب العربية من الجهة الثانية، وهذا يظهر انقسام في الشارع الاسرائيلي فهو متفق على الخطوط العامة والعريضة وثوابت إسرائيل من القضية الفلسطينية، لكنه مختلف من حيث التصنيف السياسي يمين او يمين الوسط واو يسار الوسط او يسار.ما يعني ان الناخب الاسرائيلي اراد الخروج من صبغة التطرف واليمين الذي حاول نتانياهو صبغ المجتمع الاسرائيلي بها، وعدم رضى الجمهور الاسرائيلي عن سياسية نتانياهو باقترابه من اليمين بشكل مبالغ جدا، وهو الذي يصنف نفسه انه ليبرالي ويمين الوسط.كما كانت المفاجأة بصعود ميرتس إلا ان المفاجأة الكبرى كانت بصعود نجم حزب يوجد مستقبل بزعامة يئير لبيد، الذي ورث حزب كاديما حيث حصل على تسعة عشر مقعدا بعد ان كانت استطلاعات الرأي تمنحه 14 مقعدا ليحل ثانيا بعد الليكود الذي حصل على 21 مقعداً، وان قوة لبيد الجديدة جاءت كرد فعل على سياسة نتانياهو الاقتصادية، وكذلك تبني لبيد عدم اعفاء المتدينين من الخدمة في الجيش الاسرائيلي، ومطالبته بالمساواة بين الاسرائيليين في هذه القضية منذ قيام الدولة العبرية.في ظل هذه الدراما والمفاجآت خاصة مفاجأة لبيد فان الخيارات امام نتانياهو محدودة اذا اراد ان يشكل حكومته الجديدة، وانه لم يعد بإمكانه تشكيل حكومة يمنية تمنحه الغطاء بتنفيذ سياساته، وهو سيضطر لتقديم تنازلات كبيرة سياسية واقتصادية وفي الحقائب الوزارية مثل الخارجية والتعليم لزعيم حزب يوجد مستقبل لبيد، الذي جاء على برنامج اقتصادي مختلف عن برنامج نتانياهو، وما كان يمنحه من امتيازات اقتصادية لليمين المتطرف من الحريديم، خاصة خدمتهم في الجيش.والسؤال هنا أي مستقبل للفلسطينيين في علاقتهم بالنظام السياسي الاسرائيلي الجديد؟ وفي في ظل هذه الدراما التي ادت الى تحطيم غرور وعنجهية نتانياهو بعد ان كان يمتلك ائتلافا واسعا في الكنيست السابقة مكون من 94 صوتا، والآن لا يستطيع تشكيل حكومته من دون تقديم تنازلات سياسية واقتصادية لحلفائه الجدد.ومع هذا فكل ذلك لا يبشر بأشياء جيدة للفلسطينيين، فحزب لبيد لم يبتعد كثيرا في قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي عن نتانياهو، ولم تتضح بعد مواقفه السياسية بشكل واضح وهذا ما ستقوله لنا الايام القادمة.
Mustafamm2001@yahoo.com
mustaf2.wordpress.com