غالب الغول يرد على مقالة الباحث الأستاذ محمد الحسناوي
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم شكري أولاً للأستاذ محمد الحسناوي الذي أثار قضية ينبغي توضيحها , وهي ( الفاصلة ) بين المصطلح العروضي , وبين أحكام التجويد , بهذا النص الذي أورده قائلاً (((((دور الفاصلة : من المعلوم أن (الفاصلة) هي كلمة آخر الآية كقافية الشعر وسجعة النثر، ومن المعلوم أيضاً أن للفاصلة في التقفية دورها الفني ، سواء في إيقاعها الموسيقي ، أم في علاقتها الجزئية بالآية التي ترد فيها أو المقطع في مجموعة آيات ، أو علاقتها الكلية بمجمل السورة .
))) واختار سورة الكهف وأواخر الآيات مثل ( عوجا حسنا أبدا ... وغيرها )))) انظر الرابط الآتي .
http://www.odabasham.net/show.php?sid=4784
وأحب أن أذكر الأستاذ حسناوي , بأن أواخر الآيات هذه لا نستطيع تسميتها بالفواصل , لأن الفاصلة مصطلح عروضي له دلالة إيقاعية , وتختلف أزمنتها اللفظية من بحر إلى بحر آخر , بينما أواخر الآيات مثل ( عوجا ) فإن لها زمن ثابت , أي أن الألف في التجويد لا تزيد على حركتين , لأنها (مد طبيعي) , وإن زادت على حركتين فإنها تخرج من أحكام التجويد , وينبغي أن يعلم الأستاذ حسناوي بأن الكلمة ( عوجا ) لو أتت في أواخر الأبيات الشعرية لبحور مختلفة , فإن أزمانها تختلف من بحر إلى بحر , فقد تأتي عوجا بوزن ثنائي , وألفها لها مدة زمنية مقدارها حركتان , أما لو جاءت ( عوجا ) في قافية بحر الكامل ( فإن زمن الألف يزيد على أربع حركات ) لأن المد هنا تزيد مدته , ويجب أن يمتد لتأخذ الفاصلة مدة وزمن التفعيلة الرباعية تامة ( متفاعلن ) .
وعلى الأستاذ حسناوي أن يعرف بأن كل من حاول مقارنة العروض وأوزانه , بالتجويد وأحكامه , سيبوء بالفشل , لأن التجويد ينسف بالإيقاع , ولأن التجويد مخصص للقرآن , بينما الإنشاد مخصص للشعر , ولا يجوز أبداً أن نضع مصطلحات العروض مع أحكام التجويد , لبعد القرآن عن الشعر , قال تعالى ( وما هو بقول شاعر ) , وعلى الأستاذ حسناوي أن يعلم معنى الإيقاع بالمصطلح العروضي الموسيقي , الذي هو عبارة عن تكرار وحدات موسيقية متتابعة لتخلق جملة موسيقية تطرب لها الأذن وتبهج القلب , والقرآن لم يأت لغرض الإيقاع بالمفهوم الموسيقي , بل جاء القرآن ذكراً للعالمين , والإيقاع والتجويد علمان متناقضان مفترقان ولكل منهما مسلكاً خاصاً , والتجويد جاء لتلاوة القرآن وضبط مخارج الحروف وتصحيح النطق بما يخص الإظهار والإقلاب والإدغام والإخفاء وباقي الأحكام كالميم الساكنة والقلقلة والمد , بينما جاء العروض لضبط الوزن الذي يساير الإيقاع بانتظام أزمنته ووحداته الموسيقية المتمثلة بالتفاعيل وزحافاتها وألقاب تفاعيلها, وإيقاعها لعملية الإنشاد الشعري , وجاء الإسلام ولم يحبب الناس بالإيقاعات وموسيقاها , لأن فيها الطرب واللهو , بينما القرأن فيه متعة المدود والتلاوة بالتجويد التي تذكرنا بالخالق بالخشوع نتيجة الفن في تجويده , الذي نزل به , قال تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا) وقال الناظم :
والأخذ بالتجويد حتم لازم @@ من لم يجود القرآن آثمُ
تحية لك أستاذنا الكريم حسناوي , وأحببت أن أذكرك بهذا الرد لعل في ذلك أجراً وثواباً لي ولك , لكي لا نخلط بين العروض وأحكام التجويد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم / غالب أحمد الغول
باحث في علم العروض