هزات ارتدادية لزيارة أمير قطر
د. فايز أبو شمالة
غضبوا على أمير قطر، وثاروا، وانفعلوا، وانفجروا، وقالوا بحق الأمير ما لا يقال، ولكنهم نسوا أن أمير قطر هو نفسه الذي زار ياسر عرفات سنة 1999، وقطر هي نفسها التي وصفوها في ذلك الوقت بأنها تمثل قمة العمل الوطني والقومي العربي، فما الذي تغيير في قطر؟ وكيف يصير الجميل قبيحاً بين عشية وضحاها.
أمير قطر الذي تضامن من الثائر ياسر عرفات قبل أن يحاصره الإسرائيليون، هو نفسه أمير قطر الذي يزور قطاع غزة المحاصر، ألم تلاحظوا أن أمير قطر يحمل رسالة تقول: نحن مع المقاومة، ومع كل طرف فلسطيني يتحدى الإرادة الإسرائيلية، ولا يفرط بالثوابت.
لقد تجاوز بعض المسئولين في غضبهم على أمير قطر كل الحدود، وهاجموه لأنه يزور غزة الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي مثل الضفة الغربية، ونسوا أنهم صفقوا لمفتي مصر الذي زار القدس الواقعة للاحتلال الإسرائيلي!
أما بعض الفقهاء التنظيميين فقد طالب أمير قطر أن يستأذن محمود عباس، وأن يأتي البيوت من أبوابها، فإذا كان محمود عباس هو باب البيت لقطاع غزة، فلماذا منع بالقوة خروج أي مظاهرة فلسطينية في مدن الضفة الغربية للإعلان عن تضامنهم مع سكانها أثناء العدوان الصهيوني سنة 2009؟ وإذا كان عباس هو صاحب الولاية على قطاع غزة، فلماذا غضب على مصر لموافقتها على إقامة منطقة تجارية حرة مع غزة؟ ولماذا هدد إيران بعدم المشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز إذا شارك فيه رئيس الوزراء إسماعيل هنية؟
يتواصل الهجوم على أمير قطر من كافة فصائل منظمة التحرير، حتى أن بعض الوزراء السابقبين في حكومة سلام فياض ادعي أن الزيارة التي تهدف إلى تعمير غزة ظاهرياً، هل الوصفة الذكية لتدمير القضية. وكأن تواصل المفاوضات العبثية مع إسرائيل لمدة عشرين سنة، والذي أسهم في تعمير عشرات المستوطنات لم يدمر القضية؟
لقد وصل الصلف بالبعض ليقول: الآن يجري تأسيس حلف جديد في المنطقة يتألف من الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وجماعة "الإخوان المسلمين" ودول عربية أخرى! وطالما كانت أمريكيا حليفة إسرائيل، فمن العار التحالف مع قطر لأن فيها قاعدة أمريكية!
إذا صح ما تقولون، فأي جريمة تلك التي يمارسها الفلسطينيون الذين يتحالفون مع إسرائيل مباشرة، وينسقون مع المخابرات الإسرائيلية مباشرة، ويحجون إلى مؤتمر هرتسليا الصهيوني كل عام، ويبكون على ضحايا الكارثة من اليهود؟
أيها الغاضبون على أمير قطر، ألم تنتبهوا لردات الفعل العالمية على الزيارة، حيث لم يشاركم غضبكم على زيارة أمير قطر إلا الاحتلال الإسرائيلي؛ لقد غضب قادته، وقالوا: كان الأجدر بأمير قطر أن يشجع محمود عباس، وان يزوره في رام الله، وقالوا: نخشى أن يتحول المال القطري إلى تعزيزات عسكرية للمنظمات الفلسطينية التي ما انفكت تطلق قذائفها على التجمعات الصهيونية الغاصبة لفلسطين، وقالوا: سنهاجم غزة التي يتشكل في داخلها مقومات صمود، ونواة قوة عسكرية تهدد مصير دولة الصهاينة. فهل أنتم خائفون على إسرائيل؟