هل الخطبة الشقشقية منسوبة حقا للامام علي؟


يزخر تاريخنا العربي – الإسلامي بكل العجائب والغرائب ويكفي من أبدع تأليف أو تجميع ألف ليلة وليلة او غرائب كليلة ودمنة دليلا بسيط الفحوى على تلك العجائب.أقترب عيد الأضحى وسيختلف المسلمون كعادتهم في بداية الشهر الهجري ذو الحجة وينعكس ذاك الاختلاف على موعد عيد الأضحى تقريبا كل سنة وتعود للذاكرة الإسلامية حجة الوداع وعيد الغدير في الجانب الشيعي وأحقية الخلافة التي لم ينته مفعولها لليوم في الكتب والنفوس وتبعاتها لازالت غصّة في قلوب ملايين المسلمين من الطرفين وتطرقت للغدير بمقالتين تقربا للتوافق الإنساني والمعرفي قبل المذهبي.. واليوم طلب بعض الأخوة مني التطرق لخطبة منسوبة للإمام علي تتميز بإنه يشقشق!! فيها والشقشقة أفهمها التفصيل للحدث... وظهر لغويا((معنى الشقشقيه : شيء يخرجهالبعير من فيه(فمه) إذا هاج))وعند التقصّي وجدت فيها بلاغة تليق بمقامه وعندما أسردها بشيء من التطويل أجدها رغم كل التشكيك الذي ساسرده منسوبة للإمام علي فمن يقوى على هذه السردية البلاغية الناهضة سواه؟ وفي سردها لااميل لطرفه دون من ينقدهم في فحوى الخطبة ولكن كمتأمل أجدها تستحق التوقف والمراجعة والتأمل بمناسبة قدوم موسم الحج وحجة الوداع وعيد الغدير عند أخواننا الشيعة بما يقرّب النظرة الإنسانية بيننا كبشر نختلف ونبحث عن الحقائق بعيدا عن التعصب الأعمى لنصل لضفاف موضوعية تنعكس على حاضرنا. [الخطبة]
أَمَا وَاللهِ لَقَدْتَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافة، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيمِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلايَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ. فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَطَوَيْتُ عَنْهَاكَشْحًا، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَعَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُوَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَعَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ، وَفِي الْعَيْنِ قَذًى وَفِي الْحَلْقِ شَجًا،أَرَى تُرَاثِي نَهْبا.ً حَتَّى مَضَى الأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَىابن الخطاب بَعْدَه.ُثُمَّتَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأَعْشَى
)شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ (
فَيَا عَجَباً! بَيْنمَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لآخَرَ بَعْدَوَفَاتِهِ، لَشَدَّمَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا. فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍخَشْنَاءَ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَاوَالاعْتِذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَاخَرَمَ وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ. فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُاللهِ بِخَبْطٍوَشِمَاسٍ وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَشِدَّةِالْمِحْنَةِ، حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ، جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَأَنِّي أَحَدُهُمْ! فَيَا للهِ وَلِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَالأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ؟! لَكِنِّيأَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْلِضِغْنِهِ وَمَالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ، إِلَى أَنْ قَامَثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ، وَقَامَمَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ مَالَاللهِ خَضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ،إِلَى أَنِ انْتَكَثَ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ بِهِبِطْنَتُهُ. فَمَا رَاعَنِي إِلا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ، يَنْثَالُونَعَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ،مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ. فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِنَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَمَرَقَتْ أُخْرَى وَقَسَطَ آخَرُونَ، كَأَنَّهُمْ لَمْيَسْمَعُوااللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: {تِلْكَالدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِوَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} بَلَى وَاللهِ، لَقَدْسَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْوَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ،لَوْ لا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَاأَخَذَاللهُعَلَى الْعُلَمَاءِ أَلا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلا سَغَبِ مَظْلُومٍ،لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِأَوَّلِهَا، وَلأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِعَنْزٍ.
قَالُوا: وَقَامَإِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِمِنْ خُطْبَتِهِ، فَنَاوَلَهُ كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُالإِجَابَةَ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ [فَلَمَّا فَرَغَ مِنْقِرَاءَتِهِ قَالَ لَهُ ابْنُعَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اطَّرَدَتْخُطْبَتُكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ]فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ،تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّقَرَّتْ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَىكَلامٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى هَذَا الْكَلامِ، أَلا يَكُونَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَبَلَغَ مِنْهُ حَيْثُأَرَادَ.سأورد معاني الكلمات لتبسيط فهم الفكرة في خطبته: الشقشقية: شيء يخرجه البعير من فمه إذا هاج- تقمصّها: لبسها كالقميص- القطب من الرحى : مسمارها الذي تدور عليه -الرحى مؤنثة جمعهاأرحاء وأرحيه : الطاحونة ، الجاروش- انحدر عني : نزل عنه وهبط مع السرعه- السيل : الماء الكثير السائر بسرعه- يرقى : يصعد-[[ قوله) : إن محلي منها محل القطب إلى قوله "الي الطير " أنه المستحق للخلافة دون غيره ،وان المفضول لا يجوز ان يتقدم على الفاضل . ثم شرح واقعة يوم مات النبي ، ولميكن له ناصر ينصره ، ودار امره بين القيام في وجوده القوم وهو أعزل ، وفي ذلكمخاطرة كبرى ، وبين أن يصبر ويحتسب . فكان الخيار الثاني مع مرارته هو المفروض]]- سدلت الثوب : ارخيته- طويت : ضد نشرت- كشحاً : الكشح مابينالخاصره والجنب .- طفقت : جعلت- أرتئي : أفكر طلباً للرأيالأصلح- اصول : صال يصول صوله : وثب وجمل عليه- الجذاء : اليدالمقطوعة- الطخية الظلمة- يهرم : هرم كفرح : بلغ اقصى الكبر- يشيب : من الشيب وهو بياض الشعر- يكدح : يسعى- هاتا : هذه- احجى : ألزم واجدر بالعاقل- القذى : ما يقع في العين من أعواد ومايشبهه .- الحلق : مجرى الطعام والشراب- الشجى : ما يعترض في الحلق منعظم ونحوه- تراثي : ميراثي . مايتركه الميت من المقتنيات- نهبا : منالنهب . وهو السلب والغنيمة- أدلى بها : القاها ودفعها وهذا مافعله أبوبكر عندما حضرته الوفاة بالخلافة إلى عمر- شتان : بعد وفراق- كورها: كور الناقة رحلها- يستقيلها: يطلب الإقاله منها ، أي التخلي عنها . وإن أبابكر عندما بويع بالخلافة قال قولته المشهورة ( أقيلوني فلست بخيركم(-تشطرالشيء : أخذ كل منها شطراً- الضرع : للناقة كالثدي للمرأة- حوزة : طبيعة ، ناحيه . والمراد بذلك عمر ، وقد كان فظاً غليطاً ، واجه النبي بقساوة ،وأغلظ على الملك الغساني جبلة ، فجعله يرتد عن الإسلام- الخشناء : من الخشنوهو خلاف نِعم ولان- الغلظ : ضد الرقة وهي القساوة-كلمها : جرحها-... العثار : الزلل- الاعتذار: تقديم كلام يرفععنه اللوم وهذا بيان لما كان يقع فيه عمر من التناقضات ، فكان يفتي بالشيء ثم يفتيبخلافه ، ويعتذر عن الأول.- الصعبه : الناقة التي يصعب قيادها- أشنقالناقة بالزمام : إذ جذبها إليه بالزمام- أخرم انفها : شقه- اسلسلها : أرخى لها الزمام- تقحم : هلك -. مُني الناس : ابتلوا هذا ماابتلى حين كان ولي الأمر بهذه الحالة من الإرباكوالفوضى -. الخبط : السير من غير هدى.- الشماس : الامتناع والنفار- الاعتراض : السير غيرالمستقيم ، ففي حال سيره طولا كأنه يسير عرضا- المحنه : جمعها محن : مايمتحنبه الانسان من بليه- اعترض الشي : اذا صار عارضا كالخشبه المعترضه في النهر- .
الريب : الشك ويريد الامام بذلك أني لست مجهولاً عند عمر حتى يأتيه الشكفي ّ واصبح كواحد ممن قرنني به وجمعني معهم- . أقرن :أجمع والقرن هو الجمعبين الشيئين- النظائر : الاشباه والامثال- اسف : الطائر إذا دنا منالارض- صغى : مال-/ الصهر : قيل هو أهل بيتالمرأة . وقال الأزهري : الصهر يشتمل على قرابات النساء ذوي المحارم كالأبوينوالإخوة.-مع هن وهن : مع عورات لا أريد ذكرها .-نافجا : رافعا- الحضن : مابين الإبط والخاصرة- النثيل : الروث وثالث القوم عثمانبن عفان الخليفة الثالث . وهذا الوصف له من الامام أبلغ هجاء يمكن أن يصدق على هذاالخليفة حيث يصورة الامام بالدابة التي لاتتحرك إلا بين اكلها وروثها ، ولايشغلبالها أمر مهم -المعتلف : موضع العلف- يختصمون : الخصم الأكل بكلالفم ، وضده القضم . وهكذا كان بنو أمية خلال فترة حكم عثمان .- انتكث: انتقض- فتله : فتل الحبل : لواه- أجهز على الجريح : اسرع قتله ،وأتمّ قتله- كبت الفرس : سقط على وجهه- البطنه : شدة الامتلاء منالطعام -هذا التفسير البسيط للخطبة وفيه نستنبط انها شجون في ذات الإمام علي هدرها بإعلامه الخاص وطبعه اللغوي المتميز بعيدا عن لغة التهديد والوعيد والتلويح المسلح يعني هي خطبة سلمية فصّل فيها كل مايريد ان يقول من حقه في الخلافة دون ان يستعدي على القوم أقرباؤه من بني هاشم ويحشد بالسلاح والترتيبات العسكرية المعروفة وهذا اكبر دليل عقلاني عندي ان الخطبة مع بلاغتها المتجاوزة حدود التصديق الكلامي هي خطبة سلمية إستنكارية لاتحشيد عسكري فيها ولاوعيد ولاتلويح ولاتهديد وتسعير حربي وتصعيد يستدعي نقدها انها لاتعود له مع سطوع بلاغتها القريب من كينونته المعروفة!وسأعود للتفاصيل في مقالة أخرى.عزيز الحافظ