عرس الديمقراطية...

بقلم: د. زهير عابد

نبارك لمجلس جامعة الأقصى الجديد، ونتمنى له التوفيق في تطوير الجامعة إلى الأمام من خلال وضع سياسات ناجعة وناجحة، ونبارك للاتجاهين الرئيسين في الجامعة اللذان استطاعا أن يرسما هذا المجلس بالتوافق فيما بينهم وحسب رؤيتهما ورؤية رئيس مجلس الأمناء، بالرغم أنهما أقصيا كل من هو خارج هذين الاتجاهين ولا يتفق مع سياستهم وسياسة رئيس مجلس الأمناء.

فنعتبر هذه الاتفاقية وهذه الخطوة الإيجابية للاتجاهين الممثلين للفصلين الكبيرين على الساحة الفلسطينية مسارا حقيقيا لنبذ الفرقة والانقسام للوطن الذي أنعكس على الجامعة، لتكون جامعة الأقصى رمز الوحدة الوطنية، وليكون العلماء هم أول من يؤسس الطريق نحو المصالحة الوطنية التي تصل الوطن إلى الوحدة الوطنية ولم الشمل، وتكريس لجو من الديمقراطية وحرية التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر.

وندعو لدعم هذه الخطوة إلى إطلاق الحريات كاملة في الجامعة للجميع لتعبير عن رأيهم من خلال منبر حر لنقابة أساتذة الجامعة وأخرى للعاملين الإداريين ونقابة للأطر الطلابية من جميع الاتجاهات لتكرس العرس الديمقراطي في جامعة الأقصى ليكون دليلا للآخرين كيف تكون الوحدة والديمقراطية، وأن العلم هو منارة الوحدة الوطنية، لكي يستطيع الجميع الوقوف أمام من يستهين بأساتذة والعاملين في الجامعات ويحرمهم من حقوقهم ومن تطبيق الكادر الموحد أسوة بزملائهم في الجامعات الفلسطينية.

وندعو الجميع في هذا الوطن للإتباع نفس الطريق التي اتبعتها جامعة الأقصى في نبذ الخلافات السياسية وأن تكون قضيتنا هي في سلم أولويتنا وأن مصلحة الوطن لا تعلو عليها أي مصلحة، وأن الوطن باق والأحزاب والمصالحة الحزبية والفردية إلى زوال، وأننا سنبقى أبناء هذا الوطن متحدين شعب واحد يسعى إلى تحقيق أهداف الحرية والاستقلال، بالرغم عن أنف دعاة الانفصال والحزبية والإقصاء.

كما ندعو المسلمين والعرب في كل مكان إلى نبذ الفرقة والتخلف والسير على درب العلم والعلماء في تحقيق أهداف شعوبهم نحو الديمقراطية والحرية، فالإسلام بني على الحرية وهو مؤسس الديمقراطية والشورى، وهو من أضاء طريق التقدم للبشرية وعلمها كيف تكون الحضارة وكيف تتطور الأمم.

وبهذا ندعو إلى نبذ التطرف وأتباع الوسطية في الدين، ولكن لا يعنى هذا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الهجمة الغربية التي يتعرض لها الإسلام في كل مكان؛ فنحن أمة باقية وهي خير الأمم على وجهة الأرض، صحيح نحن في كبوة ولكن الكبوة لا تستمر طويلا؛ فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للصبح أن ينفجر على الإسلام ليعم هذا الكون، ولكن بإرادة الشعوب العربية والإسلامية الحية التي ترغب في أن تكون رقما صعبا بين الأمم في هذا العصر وكل العصور. كما كانت في الماضي.

إن من يسئ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسئ إلى نفسه، وأن الرسول لا يحتاج إلى أن نقول من هو قال تعالى: مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم "وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ"، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بأخلاق حميدة لم توجد في أحد من الخلق لا من قبله ولا من بعده، عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت "ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من علمنا الديمقراطية وسن لنا الطريق نحو الشورى، يروى أبو هريرة فيقول: " ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله …". كما روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو كنتُ مُؤمَّراً أحدا دون مشورة المؤمنين لأمَّرتُ ابن أم عبد "، لذا علينا أن نقتدي بالرسول الكريم وأن نعزز مبدأ الشورى والديمقراطية من أجل تحرير الوطن من المغتصبين الصهاينة.

أختم بتوجيه نداء إلى وزير التعليم العالي بأن ينصف العاملين في الجامعات ويعمل على تطبيق الكادر الموحد، حتى يستطيع الأستاذ أن يعطي وهو مطمئن على أمنه الوظيفي ولديه رضا كامل عن وظيفته، وهذا يعزز من مبدأ الجودة في التعليم عند الأستاذ والطالب.

د. زهير عابد

أستاذ جامعي