يَــا رَاحِــلا ً



يَا رَاحِلاً، هَتَفَ الْهَوَى: مَا أَرْوَعَـكْ !

يَا رَاحِلاً، هَتَفَ الْهَوَى: خُذْنِي مَعَـكْ

قَالُوا رَحَلْتَ ولَمْ تَزَلْ فِي خَافِقِـــي

مَأْوَاكَ قَلْبِي... كَيْفَ تَتْرُكُ موْضِعَكْ ؟

يَا رَاحِلاً، نَمْ فِي عُيُونِي هَانِئًــــا

مَنْ هَزَّ يَوْمًا فِي عُيُونِي مَضْجَعَـكْ ؟

رَحَـلَ الرَّبِيـعُ بِنُـورِهِ و بِنَــوْرِهِ

وأَرِيجِهِ – يَوْمَ الرَّحِيلِ- لِيَتْبَعَـــكْ

و تَسَامَقَتْ عِنْدَ الْوَدَاعِ مَوَاجِعِـــي

وتَسَاقَطَتْ أَوْرَاقُ قَلْـبٍ وَدَّعَـــكْ

إِنِّي أُطَالِــعُ كُلَّ فَجْرٍ طَالِــــعٍ

عَلِّي أَرَى بِالْفَجْرِ يَوْمًا مَطْلَعَـــكْ

وأهِيمُ فِي بَحْرِ الْهَوَى مَنْ هَمْسَــةٍ

أَوْدَعْتَهَا فِي خَاطِرِي كَيْ أَسْمَعَــكْ

هَذِي الزُّهُورُ كَئِيبَةٌ فِي غُرْفَـــتِِي

والْخَاتَـمُ الْمِسْكِينُ يَنْظُرُ إِصْبَعَــكْ

والنَّارُ بَيْنَ جَوَانِحِـي مَشْبُـــوبَةٌ

أَخْشَى عَلَيْكَ مِنَ اللَّظَى أن يَفْجَعَـكْ

يَا رَاحِلاً، كُلُّ السَّنَابِلِ أَطْرَقَـــتْ

حَانَ الْقِطَافُ؛ فَمُدَّ نَحْوِي أَذْرُعَـكْ

خُذْنِي أَنَا ظِـلٌّ ظَلِيــــلٌ وَارِفٌ

لأَقِيكَ مِنْ لَفْحِ الْفِرَاقِ وأَنْفَعـــَكْ

يَا رَاحِلاً، يَا رَاحِلاً، خُذْنِي أَنـــا

شُحْرُورَةٌ خَضْرَاءُ تَسْكُنُ أَضْلُعَــكْ

إِنْ خَانَكَ الأَحْبَابَ يَوْمًا إِنَّنِــــي

يَا فَاتِنِي فِي هِجْرَتِي لَنْ أَخْدَعَــكْ

كُلُّ الدُّرُوبِ إِلَى عُيُونِكَ تَنْتَهِـــي

كُنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّنِي دَوْمًا مَعَــكْ.


شعر: محمد علي الهاني

- تونس الخضراء -