رئيس فلسطيني، أم أراجوز؟

د. فايز أبو شمالة

تمالكتنفسي، وكظمت غيظي، واستمعت لخطاب محمود عباس الاستفزازي، لقد شاهدت حركات الرجل،وكأنه أراجوز، يمارس حركات بهلوانية، وكأن لا علاقة له بمأساة فلسطين، ولا درايةله بوجع انحباس الراتب، ولا يعرف شيئاً عن ألاف الأسرى، ولم يشعر بحرارة دمالشهداء، وبراءة دمعة أمهاتهم، رجل يستخف بالشعب الفلسطيني إلى أبعد مدى، ويسخرممن حوله، لينطبق عليه قوله تعالي: فاستخف قومه فأطاعوه.

تتناثرالكلمات من فم عباس هنا وهناك، فإذا جاء على ذكر أمريكا، صلى عليها وسلم، وعدل منجلسته، وإذا جاء على ذكر إسرائيل، تلفت يميناً وشمالاً، وابتسم وهو يقول: السيد نتانياهووالسيد ليبرمان، بينما إذا جاء على ذكر الفلسطينيين من حركة حماس، قطب من جبينه،وراح يهدد ويتوعد وهو يقول: إسماعيل هنية ليس رئيس وزراء منتخب، ولا هو رئيس وزارةمقالة، إسماعيل هنية لا يمثل شيئاً، ولا أسمح له بأن يمثل شيئاً!.

لواستمع أيكم إلى خطاب السيد خالد مشعل في تونس، أو لخطاب السيد إسماعيل هنية، في أيمناسبة وطنية، لو استمع لتأكد لديه الفارق الكبير بين رجل يتحدث عن شعب له وطنمغتصب، ورجل يتحدث عن شعب ليس له وطن، بعد أن اعترف بحق اليهود في أرض فلسطين. لوقارن أحدكم بين خطيب له مبادئ، وخطيب له مصالح، لأدرك الفرق بين قيادي يتحدث منقلبه وروحه وعقله، ولا تغيب عن خاطره معاناة شعبه، وبين رجل يتحدث بهدف تجاوزمرحلة، وتمرير فكرة يرتبها في الخفاء، يتحايل فيها على القضية الفلسطينية.

فيخطابه، يشكو محمود عباس من أطماع الإسرائيليين، ويتحدث عن تواصل الاعتداءاتالإسرائيلية على حياة الناس، وعن توسع الاستيطان، وعن أطماع الصهاينة في كل أرضفلسطين. لقد شجع هذا الكلام الشفوي عن العدوان الإسرائيلي أحد الصحفيين ليطرحسؤالاً عن التنسيق الأمني، وإلى متى سيظل قائماً، طالما كان هذا هو حال الوطن!.

لقدجانب عباس الحقيقية، وخدع الناس حين أجاب قائلاً: إن التنسيق الأمني يخدمالفلسطينيين كما يخدم الإسرائيليين، ونحاول أن نبقي على هذا الوضع، فالتنسيقالأمني ليس مصلحة منفردة لإسرائيل، إنه العلاقات اليومية بيننا وبينهم".

ولميقل محمود عباس: إن التنسيق الأمني هو تبادل المعلومات الأمنية، والتجسس علىالمقاومة، واعتقال المقاومين، وإطلاق النار عليهم، وأن التنسيق الأمني هو الترتيبالسري لاقتحام الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية.

كانتقمة المأساة في خطاب عباس، حين اشترط عودة لجنة الانتخابات للعمل في قطاع غزة، قبلالبدء بأي حوار مع حركة حماس، ليوجه عباس مع هذا الشرط ضربة قاصمة للمصالحة،ولاسيما حين استخف برئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية، لقد شطبه عباسعن الخارطة السياسية، وهو يرى في نفسه منزهاً عن الخطايا، ويحسب أن الشك لا يرقىإلى سياسته وتفكيره وسلوكه، ويظن نفسه فوق كل اعتبار فلسطيني وعربي.

استمعتعلى مضض، وبكيت فلسطين التي تستحق رئيساً بمستوى الشهداء.