صحيفة الشرق القطريه الأربعاء 7 شعبان 1433 - 27 يونيو2012

مصر مرسي(؟!) – فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/201...post_3874.html



أحذر من رفع سقف التوقعات فيمخاطبة الدكتور محمد مرسي، حتى أكاد ألمح في بعض الكتابات والمطالبات ما يعطيانطباعا بأننا خرجنا من مرحلة مصر مبارك وأننا دخلنا في مرحلة مصر مرسي، ناسين أنالدنيا تغيرت بسقوط الرئيس الإله الذي كانت تدعمه وتسانده الدولة العميقة ويؤيدهالإسرائيليون والأمريكيون ومن أطلقوا على أنفسهم المعتدلين العرب.



ذلك أن الرئيس الجديد لميفقد قدسيته فحسب، وإنما جاء مكبلا ومحدود الصلاحيات، وأن له رئيسا آخر يقبع فيالظل يتمثل في المجلس العسكري.



ثم إن الرجل يقف في جانب فيحين أن الدولة العميقة بأسرها تقف في جانب آخر،

أقصد بتلك الدولة كل الأجهزةوالمؤسسات التي أعاد تشكيلها النظام السابق على مدى ثلاثين عاما. وهي الأجهزةالأمنية التي اخترقت القضاء وطوعته.. فضلا عن المؤسسة البيروقراطية.

وتضاف إلى الجميع شبكةالمصالح الاقتصادية التي انتفعت وانتفخت خلال تلك المرحلة.

ولست أشك في أن القوىالخارجية والإقليمية التي ارتبط بها ودللها الرئيس السابق تقف بدورها في معسكرالضد للرئيس الجديد.



خارج إطار الدولة العميقة،أو قل في الجزء الظاهر منها، هناك المنابر الإعلامية المتربصة والمعادية، والجاهزةدائما للاصطياد ولممارسة مختلف أساليب الترويع والاغتيال المعنوي، والتي لن ترحمالرئيس الجديد إذا صدرت عنه أي هفوة، وحتى إذا لم تصدر.



الخلاصة أن الرجل تم تكبيلهبالإعلان الدستوري الذي صدر إبان انقلاب 17/6، وبعد فوزه فتحت له أبواب القصر الجمهوري، ولكن الطريق إليه تم تلغيمه،الأمر الذي يعني أن الرجل مقدم على عملية استشهادية، النجاة منها مشكوك فيها،وربما كانت حظوظه في الآخرة مضمونة في هذه الحالة، إلا أن حظوظه في الدنيا محل نظر.



من المفارقات أن ذلك الرئيسالمكبل هو المسؤول الوحيد المنتخب شعبيا في مصر الآن. الأمر الذي وفر له شرعيةحقيقية لا تتمتع بها أي مؤسسة أخرى في البلد، بما في ذلك المجلس العسكري ذاته، وقدكان انتخاب مجلسي الشعب والشورى من بشارات تأسيس النظام الديمقراطي الجديد، ولكنمجلس الشعب جرى التخلص منه بحيلة قانونية معروفة. أما مجلس الشورى فهو في مهبالريح الآن.



الخلاصة أن الذي يدير البلدفعليا الآن هو المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي الذي هو عمليا رئيس الرئيس.

وفي هذه الحالة فإن سيلالكتابات والمطالبات التي توجه الآن إلى الدكتور محمد مرسي تحمله ما لا يستطيع الوفاءبه.

بل أزعم أن برنامجه الذي خاضبه المعركة الانتخابية سيظل من قبيل الأمنيات التي عبر عنها الرجل، طالما أنه ظلفي وضعه الراهن.



إذا صح ذلك التحليل فهو يعنيأن الدكتور محمد مرسي لديه مشكلات في غاية التعقيد يصعب حلها في الأجل المنظور،فلديه مشكلة صلاحيات مع المجلس العسكري، الذي لن يكون بعيدا عن اختيار رئيسالوزراء أو تشكيل الحكومة القادمة.



ولديه مشكلة أخرى مع الفراغالذي ترتب على التعسف في حل مجلس الشعب، الذي أدى إلى انتقال السلطة التشريعية إلىالمجلس العسكري، وهو ما يسوغ لنا أن نتساءل عما تبقى لـ«الرئيس» محمد مرسي من هامشللحركة، بعدما أصبح المجلس العسكري هو سلطة التشريع، وهو أيضا بحكم الأمر الواقعالمسؤول عن التنفيذ،



وله مشكلة ثالثة مع ملفجمعية وضع الدستور، التي بدأت عملها بالفعل في حين تبذل جهود أخرى لحلها وإعادةتشكيلها بواسطة المجلس العسكري دون أن يكون للرئيس المنتخب رأي فيها.

وطبقا للإعلان الدستوري فإنكتابة الدستور ذاتها لن تتم بسهولة، لأنه بوسع عدة جهات ــ منها المجلس العسكري ــأن تعترض على ما لا يعجبها من مواد مقترحة للدستور، الأمر الذي من شأنه إطالة أمدفترة كتابة الدستور، ومن ثم إطالة استمرار وجود ونفوذ المجلس العسكري.



لدى الرجل مشكلة رابعة معالذين صوتوا له لأنه لن يستطيع أن يفي بما وعد به.



أهم من ذلك أن لديه مشكلةخامسة مع الدولة العميقة التي لن تسمح له بالنجاح، هذا إذا لم تسع إلى إفشالمهمته.



أما مشكلته مع إعلام الدولة العميقة،إضافة إلى أبواق المتربصين والمتصيدين فلا حل لها فيما يبدو.



تبقى بعد ذلك مشكلة انتمائهإلى جماعة الإخوان، التي ستظل عند البعض «لعنة» تطارده و«وصمة» لن يستطيع التخلص منها. إذ سيصر هؤلاء على أن الرجل لايزال مكبلا بـ«البيعة» التي في عنقه لمرشد الجماعة، رغم إعلانه الاستقالة منها والتزامهبالقانون والدستور دون الجماعة.



وقد وجدنا أن البعض وجه إليهالتهمة ذاتها لمجرد أنه استخدم بعض آيات القرآن في خطبته بعد إعلان الفوز، وكأنالقرآن صار كتاب الجماعة.

وتلك تهمة لن يبرأ منها ربماإلا إذا استشهد في خطبته بمقاطع من أغاني تامر حسني ونانسي عجرم!



إن الرئيس الجديد يستحق مناأن نواسيه ونتعاطف معه بأكثر مما نغبطه ونهنئه.

.........................