نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

مقهى الروضة... جمهور متنوع وأحاديث لا تتجاوز حدود جدرانه
المصدر نبيل محمد
18 / 02 / 2007
ربما كون وجودها في مكان استراتيجي سياحياً وامتدادها على مساحة كبيرة، أو ربما عدم وجود بدائل كثيرة، أو ديكورها البسيط، جعلها موئل الكثيرين وراحة المارين من المنطقة، والبيت الثاني للكثير من الناس، أو أن وجود أشخاص معيين فيها شكل إعلاناً أو هدفاً للكثير من الناس في التعرف أو التقرب من بعض من يزورها.....

في ظل ثورة عمرانية واستثمارية كبيرة في دمشق وفي ظل محي الكثير من المعالم والأماكن المهمة التي لا تعود إلى التاريخ لكنه تشكل واحة للكثير من الناس، كان وجود بعض الأماكن ومحافظتها على مكانها ومكانتها شيئاً متميزاً، فبعض المقاهي تركت حلتها لتتحول إلى بنوك مما أدى على تحول روادها إلى أمكنة كثيرة أو إلى المنزل، لكن مقهى الروضة كان من الثوابت التي التزم فيه الكثير من الرواد ذوي الطبائع والخلفيات المختلفة.

جغرافياً

مقهى الروضة يمكن تقسيمه على عدة مجالات وفق الموقع الجغرافي داخل المقهى ونوعية الرواد فبعد أن تجتاز بابه المجاور لأحد أصغر محلات الحلاقة ومن ثم فالصالة اليسارية تحتوي طاولات "أجدادنا" أي المتقاعدين وكبار السن وبعض المستجدين في الروضة أو الذي وضعهم الصحي لا يسمح لهم بالجلوس في الباحة، يتميز المشهد باقتراب الجالسين من الطاولات والتحديق بطاولات الزهر لأن العمر أخذ مجاله في العيون ومن الصعب أن تجد أحداً يطلب الميلو أو العصير فهم يقتصرون على الزهورات في المرتبة الأولى ثم الشاي والقهوة.

اختلاف

الصالة اليمينية تختلف بشكل طاولاتها وكراسيها فهي أقرب إلى أن يأخذ فيها الإنسان كأس شاي أو فنجان قهوة على وجه السرعة دون لعب النرد أو الشدة لأن شكلها يوحي بالسرعة والحداثة وجمهورها لا ينتمي إلى فئة عمرية واحدة.

شباب

الباحة المتوسطة للمقهى هي الجزء الأكبر من المقهى وفيها نافورة قديمة لا تعمل دائماً ورواد هذا الجزء يقسمون إلى ثلاثة أقسام:

1ـ مجموعة من رواد الصالة اليسارية الذين لم يجدوا مكان في الداخل أو يحاولون التبديل أو أنهم يريدون هواءً أنقى من الداخل.

2ـ جزء من الشباب الذين لم يجدو مكاناً في المصطبة فجلسوا في الباحة إلى حين أن يخرج أحد تاركاً طاولته.

3ـ مجموعة من الشباب الصغار الذين دخلوا حديثاً جو المقهى فانتقو المكان الأكبر للجلوس والذي لا يبدون فيه غرباءً.

المصطبة

وهي المنطقة المرتفعة قليلاً والأكثر إعتاماً في المقهى والتي تتزين جدرانها ببعض اللوحات والكلمات "اللي ما لا حلة" وتتميز هذه الصالة باقتراب طاولاتها من بعضها ووجود جزء داخلي أشبه بغرفة يمتلئ حين تفيض المصطبة بركابها.

أهم رواد المصطبة هم الشباب الذين يرتادون المقهى بشكل دائم وغالباً يأخذون الطابع المختلط بين شباب وفتيات إما للعب الشدة أو النرد، أو لأخذ مكان في قلب أحد الممثلين أو الممثلات ما يؤدي بطبيعة الحال إلى أخذ دور صغير يتحول فيه الشاب إلى رجل آخر والفتاة إلى فتاة أخرى تدخل الروضة بهدف أن يبحث أحد عنها لا تبحث أو يبحث هو عن أحد، ومن الأهداف الأخرى إثبات الذات الشعبية التي تدخل المقاهي وتلعب الطاولة فهي ليست فقط ذاتاً ثقافية ونخبة مجتمعية إنما تنزل إلى أرض الواقع حيث الجميع بشر، ومن رواد المصطبة أيضاً مجموعة من الكتاب المغمورين أو طلاب المعهد العالي للتمثيل الذين يتصفحون جريدتهم التي قد تكون مقلوبة أو يعرّفون فتياتهم على معارفهم الكبيرة وارتباطهم بأهم الوجوه الدرامية في البلد.

هذا لا يعني أبداً عدم وجود شخصيات إن كانت من الوسط الثقافي أو خارجه جاءت بهدف الترويح عن النفس ولقاء الأصدقاء بعيداً عن أجواء العمل.

حوارات

تختلف الحوارات في المقهى حسب الجزء فلكل جزء حواراته بين الذي يتحدث عن أبنائه أو مشكلاته أو يتحدث عن المقهى باعتباره جديداً فيه، أما الحوارات المصطبية فهي لا تخرج عن نطاق المصطبة نفسها أي كل يتحدث عن جاره في الطاولة على اعتبار أنها "أهلية بمحلية".

آراء

مروان يقول: "لهذا المقهى ما يميزه فهو الوحيد من نوعه في دمشق ونحن لا نستطيع الحياة بدونه، لكنه يشكو من ارتفاع غير مقبول في الأسعار وكان كف الرقابة لا تطاله، كما أننا نشعر بالاستغلال لأننا مجبرون إلى المجيء إليه فلا بديلاً أفضل".

رائد: "أصبحت أحاول المجيء مبكراً لأن غالب الطاولة محجوزة "يقصد المصطبة" ومن الغريب أن لا أحد على الطاولة إلا كرسي مقلوب ومن المعلوم أن أي مجموعة تحمل مكوناً أنثوية تستطيع الجلوس حتى على الكرسي المقلوب".

عبد: "المقهى رائع والجلسة أصبحت خبزنا اليومي ولكن الأسعار نار، وهذا ما يمكن أن ندعوه بالاستغلال العلني أي بمعنى "إذا ما عجبك روح لعند غيرنا" وهم مدركون بأن الروضة أفضل جلسة مقهى حاليّاً مرجع الجميع.

إشاعة ولاّ...

منذ فترة تقول الشائعات بأن المقهى قد بيع بهدف بناء مركز تجاري ضخم مكانه، وعلى ذمة إدارة المقهى أن هذه إشاعات، على جميع الأحوال نرجو أن تكون إشاعات لأن الاستثمار لم يترك شارعاً أو مقهى في البلد إلا وبلعه.



آخر تحديث ( 18 / 02 / 2007 )