وفاة المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي

2012- م 12:38:29 الجمعة 15 - يونيو
المفكر والفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودى


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أعلن، الجمعة 15 يونيو، عن وفاة المفكر والفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودى الأربعاء، 13 يونيو، عن عمر يناهز ال98 عاما في بلدية شينفيير في سور مارن جنوب شرق باريس.

وولد جارودي في 17 يوليو 1913 بمرسيليا بجنوبى فرنسا ، وحصل على الدكتواره من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة عام 1953، ثم الدكتوراه في الحرية من موسكو عام 1954.

وأشهر المفكر الفرنسي إسلامه في 2 يوليو عام 1982 بالمركز الإسلامي في جنيف، ليبدأ نضاله الفكري والسياسي ضد الحركة الصهيونية العالمية ودولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.

وكانت أول محطات التصادم بينه وبين الصهيونية بعد مذبحة صابرا وشاتيلا في لبنان عام 1982 حيث نشر مقالة في صحيفة "لوموند" الفرنسية تحت عنوان "معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان".

وفي عام 1996، واصل جارودي نضاله الفكري ضد الاحتلال الصهيوني، بإصدار كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، الذي شكك خلاله في أسطورة الهولوكوست، مكذبا بالحجة والدليل المغالطات اليهودية حول عدد الضحايا اليهود في محرقة النازي، ليلاحقه الجانب الإسرائيلي قضائيا ويصدر ضده عام 1998 حكم بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ من إحدى المحاكم الفرنسية.

وأثرى جارودي المكتبة العالمية والعربية والإسلامية بعشرات المؤلفات التي ترجمت للعديد من اللغات، ومن أشهر مؤلفاته بعد إسلامه "وعود الإسلام، المسجد مرآة الإسلام، الإسلام وأزمة الغرب، فلسطين مهد الرسالات، الولايات المتحدة طليعة التدهور، وعود الإسلام، الإسلام دين المستقبل، الإرهاب الغربي، جولتي وحيدا حول هذا القرن، حوار الحضارات، الإسلام وأزمة الغرب.


[/TD]
[/TR]

[/TABLE]
بعد رحلة طويلة من البحث والدراسة من أجل الوصول إلى اليقين اهتدي روجيه جارودي إلي الإسلام ·· وقد جاء اعتناق المفكر الفرنسي للإسلام ليس من قبيل التجربة ولكنه كان شيئاً كالانجازات الكبري في حياة الانسان ·


في الثاني من يوليو عام 1982 أشهر جارودي إسلامه ، وقبلها اعتنق البروتستانيته وهو في سن الرابعة عشرة ، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي ، وفي عام 1945 انتخب نائباً في البرلمان ثم حصل علي الدكتوراة في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1953 ، وفي عام 1954 حصل على الدكتوراة في العلوم من موسكو ، ثم انتخب عضوا في مجلس الشيوخ · وفي عام 1970 اسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديراً له لمدة عشر سنوات ·
وبعد ذلك وعندما شرح الله صدره للإسلام تكونت لديه قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب ، بل انه دين الله ·· دين الفطرة التي خلق الله الناس عليها ·· دين يكون الانسان به هو روح الكون وسيده · وهو يعني ان الإسلام هو الدين الحق منذ ان خلق الله آدم ·· في هذه المرحلة اختلطت الكثير من القناعات لدى جارودي لكن بقي الإسلام القناعة الوحيدة الراسخة وظل يبحث على النقطة التي يلتقي فيها الوجدان بالعقل، أو الابداع الفني والشعري بالعمل السياسي العقيدي ويعتبر ان الإسلام مكنه بالفعل من بلوغ نقطة التوحيد بينهما ففي حين أن الاحداث تبدو ضبابية وتقوم على النمو الكمي والعنف ، في حين يقوم القرآن الكريم على اعتبار الكون والبشرية وحدة واحدة ، يكتسب فيها الدور الذي يسهم به الانسان معني ·· وان نسيان الله خالق هذا الكون يجعل منا عبيدا هامشين خاضعين للعديد من الاعتبارات الخارجية ، بينما ذكر الله في الصلاة فقط يكسبنا وعياً بمركزنا وبموردنا : الذي
هو اصل الوجود ·


دين المستقبل
ورغم حداثة إسلام جارودي وكثرة المصاعب التي واجهته سواء من حيث اللغة أو الثقافة استطاع ان يؤلف أكثر من أربعين كتاباً منها : وعود الإسلام ، الإسلام دين المستقبل ، المسجد مرآة الإسلام ، الإسلام وأزمة الغرب ، حوار الحضارات ، كيف أصبح الإنسان انسانيا ، فلسطين مهد الرسالات السماوية ، مستقبل المرأة وغيرها..


وفي كتاب الإسلام دين المستقبل يقول جارودي عن شمولية الإسلام : أظهر الإسلام شمولية كبرى عن استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة · فقد كان اكثر الاديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد · وكان في قبوله لاتباع هذه الديانات في داره ، منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم · والمثير للدهشة انه في اطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط اعطاء امكانية تعايش تماذج لهذه الحضارات ، بل أيضاً اعطاء زخم قوي للايمان الجديد : الإسلام ، فقد تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تقبل معظم الحضارات والثقافات الكبرى في الشرق وأفريقيا والغرب ·
وكانت هذه قوة كبيرة وعظيمة له · واعتقد ان هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قويا ومنيعا ·
التقدم الحضاري
وعن الحضارة الإسلامية يقول جارودي انه لن يحدث الفصل
والتجزيئية بين الاشياء ، في الإسلام ، فالعلم متصل بالدين والعمل مرتبط بالايمان · والفلسفة مستوحاة من النبوة والنبوة متصلة بالعقل ، والأرض غير بعيدة عن السماء والسماء على اتصال بالأرض والتقدم الحضاري يسير نحو الله ·· هذه الوحدانية في مفهوم الحضارة ومفهوم الجماعة يحتاج إليها عالم اليوم المجزأ في كل شئ ·· وهذا ما جذبني نحو المفهوم الإسلامي للوجود ·


وعلى جانب آخر يقول جارودي : ان ما يجعل الانسان انسانا هو امكانية تحقيقه للمقاصد الالهية ، وفي استطاعته ان يلتزم بالعهد او ان ينقض العهد ، فعلى حين أن الإسلام لايدخل في نطاق ارادة المخلوقات الأخرى من نبات وحيوان وجماد ، اذ لاتستطيع الهروب من القوانين التي تسوسها ، نجد ان الانسان وحده يستطيع الامتثال، فيصبح مسلماً بقرار حر وباختيار كامل ، عندما يعي نظام الوحدة والكل الذي يكسب الحياة معنى ، وهو مسؤول مسؤولية كاملة عن مصيره طالما باستطاعته ان يرفض او يستسلم للارادة الالهية ·
ويؤكد جارودي على أن القرآن خالد وأبدي ويستطيع في كل وقت وزمن من التاريخ ان يفهمنا ويوضح لنا الطريق أو الصراط المستقيم وأن يرينا الهدف ·
ويفند ادعاءات الغرب ضد الإسلام موضحاً أن روحانية الإسلام تجلت في صورة عديـدة بقوله : ان الإسلام وضع اللبنة لحل مشاكل الإنسان الروحية ، ولكنه لايحلها بنفسه انهم الاشخاص الذين يحلون المشاكل ويبحثون عن الحلول لها ·

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



وواجه جارودي حملة ضارية في أوروبا بعد صدور كتابه الأساطير المؤسسة للسياسات الاسرائيلية والذي فند فيه مزاعم الاسرائيليين فيما حدث لهم أيام الحرب العالمية الثانية من اضطهاد واكذوبة الرقم الذهبي الذي يبتزون به الضمير العالمي · ورغم ذلك تزداد صلابة الرجل الذي تجاور الثمانين من عمره وتمسكه بما اورده في كتابه وهو يواجه اللوبي الصهيوني الأوروبي والمحاكمة التي خضع لها وفق قانون جيسو الفرنسي الذي يحرم المساس او تكذيب الاضطهاد النازي لليهود ·


ويقف جارودي وحيداً إلا من إيمانه بالله وبالإسلام ويقينه من أنه لن يصيبه إلا مـا كتـب الله له ·