انتخابات الرئاسة المصرية الأخيرة..
كشفَت أسرار الاستفتاءات الرئاسية المصرية أيام حكم مبارك..
وأشَّرَت على مستقبل مصر الحتمي..
وبذرَت بذور الثورة القادمة..

أحمد شفيق يحصل على 24% من أصوات الـ 23,5 مليون ناخب الذين شاركوا في الانتخابات، من أصل 50 مليونا يحق لهم الانتخاب لم يشارك فيها معظمهم..

وهو ما يعادل 5,7 مليون صوتا، بالتمام والكمال..

حسني مبارك كان يحصل في كل استفتاءاته على 95% من أصوات الـ 6 ملايين ناخب كانوا يشاركون في الانتخابات، من أصل 50 مليونا كان يحق لهم الانتخاب..

وهو ما يعادل 5,7 مليون صوتا، بالتمام والكمال..

وااااااااااااااااو..
صدففففففففففففففة في منتهى الغرابببببببببببببببببببببببببة!!!!!!!!!!!!!!!

ماذا تعني هذه النتيجة؟!

الذين كانوا ينتخبون "مبارك" هم أنفسهم الذين انتخبوا "شفيق"، دون أن تؤثر عليهم الثورة المصرية أيَّ تأثير يدفعهم إلى تغيير خنادقهم السياسية والثقافية، بسبب استحالة افتراض أن من كان محايدا أو ضد نظام مبارك سابقا، انقلب ليصبح معه اليوم!!!!!!!!

الثورة المصرية كانت إذن أبعد من أن تشكل بالنسبة لتلك الكتلة الانتخابية أساسا لثقافة جديدة تعيد إنتاجَهم!!!!!!!!!!!!!

أليس ذلك غريبا فعلا، في ظل حقيقة تؤكد على أن كل الثورات كانت تؤثر دائما على أعدائها، فتعيد إنتاج ثقافات وخنادق شرائحَ واسعة منهم؟!!!!

الملفت هو ألاَّ أحد غير تلك الملايين الستة كان يشارك في الانتخابات أيام حسني مبارك..

لأن أحدا غيرهم لم يكن يشعر بأن المسألة تعنيه..

أي أن قرابة 44 مليونَ مواطنٍ مصري كان يحق لهم الانتخاب، لم يكونوا يشاركون فيها أيام مبارك..

فماذا فعلت الثورة بالمصريين؟!

لم تغير الثورة في حجم الكتلة الانتخابية المساندة لنظام مبارك..

أي أنها كانت من الناحية الثقافية ذات تأثير "صِفري" على تركيبة نظام "مبارك"..

لكن الثورة استطاعت أن تُشعرَ وتُقنِع 17,5 مليون مصري من الـ 44 مليونا الذين كانوا محايدين وصامتين، بأنها ثورتهم، وبأن المرحلة القادمة لهم، فشاركوا في الانتخابات..

فيما بقي 26,5 مليونا من أفراد الكتلة الانتخابية الصامتة والمحايدة أيام مبارك، محايدا وصامتا وسلبيا حتى في عهد الثورة والديمقراطية، لا يشعر أيٌّ منهم بأن القضية تعنيه أو تخصه أو تحفِّزُه على التوجه لصناديق الانتخاب..

وإذن ماذا بعد؟!

بذور الثورة الحقيقية القادمة مقروءةٌ بوضوح في تركيبة الكتلة الانتخابية المصرية الراهنة، عبر مقارنتها بالكتلة الانتخابية أيام نظام مبارك..

على كافة القوى السياسية في مصر أن تدركَ أنها معنية بأن تُرْضي وتُقْنِع أكبر شريحة من الـ 26,5 مليونا من المواطنين الذين ما يزالون محايدين وصامتين وغير معنيين بما حصل، حتى ينضموا إلى الـ 17,5 مليونا الذين شعروا بأن الثورة التي حصلت تخصهم وتعنيهم وتمثلهم..

وإذا لم يحدث ذلك، فماذا يمكن أن يحصل؟!

سوف يصبح الـ 17,5 مليونا بالنسبة للـ 26,5 مليونا في المستقبل، مثلما كان الـ 6 ملايين بالنسبة للـ 17,5 مليونا في الماضي..

فإذا علمنا أن أدوات التغيير في مُقْبِل الأيام أصبحت مختلفة عما كان عليه الأمر الذي أجبرَ المصريين على الثورة، فهي قد غدت أسهل وأسلس، بعد كسر كل حواجز الخوف، وبعد فتح المجال بالحرية والديمقراطية أمام التوعية والتعبئة وإعادة إنتاج الثقافة..

فإن الـ 17,5 مليونا الذين يزهون بثورتهم اليوم، قد يصبحون هم "المباركيون الجدد" و"فلول ثورة 25 يناير"، بالنسبة لـ "الثوريين الجدد" الذي قد يكونون هم الـ 26,5 مليونا محايدي وصامتي اليوم، كما كان الـ 17,5 مليونا هم محايدو وصامتو الأمس!!

ليصبحَ الـ 26,5 مليونا من المحايدين الصامتين اللامبالين اليوم، هم غدا وقود ثورة لم تكتمل في مصر بعد!!!!

فكيف ستكون مصر في العشرية القادمة في ضوء هذه الحقائق والاستنتاجات؟!!!