قصة معاناة،سيدة عربية، مع زوجها
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
اعتدتُ عبر صفحات التواصلالاجتماعي، على الشبكة العنكبوتية، ان التقي مع الكثير من السيدات العربيات، وبعد ساعات منالحوار وتبادل الثقافة والمعرفة، في الكثير من الأمور السياسية والاجتماعية وغيرها،أن يجري الحديث بيننا، عن معاناة المرأة العربية، من ممارسات بعض الثقافاتالذكورية على المرأة من قبل الرجل العربي بشكل عام، في حوار لي مع سيدة عربية، عبر صفحات التواصلالاجتماعي، قالت لي، بأنها سيدة ليبية، تعمل في مهنة الهندسة المدنية، تتصفبالذكاء، وبالروح الاجتماعية العالية، والشخصية القوية، والصراحة، وبصدق مشاعرهاوحديثها، وتتصف بالجمال الأخاذ، والدتهالبنانية الجنسية، ووالدها ليبي ألأصل. ولدت وعاشت جزءا من حياتها، في الجمهوريةالعربية السورية، ودرست معظم المراحل الدراسية فيها، وأكملت دراستها الجامعية في ليبيا،حيث تقيم حتى يومها هذا. وأضافت وقالت:أنا سيدة ليبية، واعمل كمهندسة معمارية، مثقفة، ولدي شخصية قويةنوعا ما، متوسطة الجمال، ويقال عني، بأنني املك صفات جمالية جذّابة، لا أكثر. أماعن رأي زوجي بي، فقد قال لي عندما شاهدني لأول مرةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيأنني أستغرب، كيف أن آنسة فيمثل جمالك، وأدبك، وعلمك، وشطارتك، ولم تتزوجي لحد الآن، فلو كنت تقيمين في بلدتي،لما بقيت ساعة واحدة، بدون زواج، ولو تعرفتُ عليك أيام دراستك في الجامعة، لماتركتكِ تكملي دراستك، لكنتُ قد تزوجتك على الفور).سألتها عن همومها ومشاكلها التي تعاني منها؟؟؟؟قالت: كوني موظفة الآن، بمهنة الهندسة المدنية، وربة بيت أيضا،وزوجة، لا شك، بأنني أحمل الكثير من الهموم، والأعباء الملقاة على عاتقي، مثل سيداتبلدي، الموظفات والمتزوجات، فمن منا لا تحمل الهموم والأعباء، هذه ألأيام، خاصةالمرأة العربية، التي تعيش في اقطار الوطن العربي، من المحيط الى الخليج.قلت: المرأة العربية تحمل الكثير من الهموم فعلا، وتعاني كثيراً، في المجتمعاتالعربية، من المحيط الى الخليج، من العلاقة بينها، وبين الرجل العربي، بشكل عام،وهذه أمور معروفة في الأسرة العربيةـ ومن طبيعة الرجل الشرقي، وتعامله مع المرأةالعربية، سواء كانت زوجة او ابنة او اخت وخلافه.قالت:فعلا، المرأة العربية، تحمل وتَتّحمل الكثير من الهموم، ولكنحقيقة، تَحْملُها بجدارة. وتعاني من الرجل الشرقي، وعقليته وفكره وتفكيره، وبشكلعام، تعاني من الثقافة الذكورية المنتشرة، في كافة المجتمعات العربية، وان اختلفتنسبة انتشارها وتباينت، من مجتمع لآخر، هذه الثقافة، المنتشرة بشكل واسع وعميق،خاصة في البلدان، التي يغلب عليها الطابع القبلي والبدوي.قلت:طبعا الرجل الشرقي حقيقة، ينظر للمرأة العربية بشكل عام، بنظرةدونية، ويعتبرها أقل درجة منه، وهي خادمة له في البيت، وهو السيد، وهي المسودة، وهوالآمر الناهي، وأمره، يجب ان يكون مطاعا دائما، ولا يعمل على مساعدتها أيضا، بأمورالبيت، إلا ما ندر، هذا، اذا لم يكن عبئا ثقيلا عليها، ويجعلها ترى نجوم الظهر،وهذا يعود، الى العادات والتقاليد، والأعراف الاجتماعية السائدة، في الكثير منالمجتمعات العربية.قالت:نعم، وهو كذلك، وحتى وان عاملها الرجل، بشكل يليق بها، فهذايعتبره كرما منه، وإحسانا وعرفانا.قلت: مهما يكن او لا يكون، كرما منه او احسانا أو غير ذلك، المهمان يعاملها معاملة جيدة، يحترمها ويحترم خصوصيتها وضعفها وهوانها، والمسؤولياتالجمة الملقاة على كاهلها، وتقوم بها في البيت، وخارجه أيضا. سألتها فيما اذاامكنها ان تعطيني نبذة عن معاناتها الخاصة، وبعض الأمور والهموم التي تحملها؟؟؟قالت: ولدت في البلد العربي الشقيق (سورية)، من أب ليبي، وأملبنانية الأصل، ودرست كافة مراحل الدراسة فيها ايضا، وأكملت دراستي الجامعية فيوطني ليبيا، حيث درست الهندسة المدنية، في كلية الهندسة في جامعة طرابلس، وكنت على الدوام، من الطالبات المتفوقات فيدروسهن، وكنت معروفة، على مستوى الأهل والعائلة، بالشابة الذكية، فقد كنت اتمتعبالذكاء فعلا، وهذا حسب ما يقوله الأهل والمعارف والأقارب عني. تابعت حديثها وقالت، توفي والدي وانأ في الصف الأول ألثانوي، فلم أعشمعه زمنا طويلا، وهذا كان له أثرٌ كبير في حياتي ألخاصة، على جميع ألأصعدة، ولكن والدتيكانت انسانة قوية ألشخصية، ومتفهمة جيدا لأمور الحياة، وكانت لا تعمل، والأمورالمادية، في اسرتنا ميسرة ومعقولة ومقبولة نوعا ما، فقامت والدتي، بواجباتها اتجاهناكأم، وربتنا على احسن وجه. بعدما تخرجتْ من الجامعة، عملتُ في مجال العمل الهندسي، حسب تخصصي،وبدأتُ أواجه أمور الحياة، والناس، والمجتمع الليبي، بكل عاداته وتقاليده وطبيعتهالمتحفظة نسبيا. تابعت وقالت: لي خمسة من ألأخوات، والأخوة، وترتيبي بينهم، هو الثالثة،ولي أخ يكبرني بعاميين. قلت: واضح من حديثك، انك واجهت صعوبات جمة في بداية حياتكألاجتماعية والعملية، صقلتْ شخصيتك، وتمكنت بذكائك، من التغلب على كل ما واجهك منصعاب. ويظهر بأن شخصيتك قوية فعلا، وتتمتعين بالذكاء، والروح الاجتماعية العالية.قالت: صحح، ما تفضلت به، وفي بداية حياتي، اكتشفتُ أن طموحي، في اكمالالدراسة، كان صعب التحقيق والمنال، لظروفنا الصعبة، التي مررنا بها، كما أن نظامحكم معمر القذافي، كان يحتاج للواسطة، في كل شيء نقوم به، وفي كل خطوة نخطوها فيحياتنا على الأرض الليبية، كالتعيين في وظائف الدولة مثلا، فاتجهت بعد تخرجي للعمل في القطاع الخاص، ومنخلاله، حصلتُ على وظيفة حكومية، ولم تفارقني حرب النجاح، في حياتي العملية حتىيومنا هذا.بعد خمس سنوات من ألتخرج، تمّت خطوبتي من شخص مغربي الأصل، ولم اُوفّق في الزواج منه، لأسباب خاصة، فتمطلاقي منه، قبل أن يدخل بي. تعرفتُ بعد ذلك، على زوجي ألحالي، من خلال عملي اليومي المباشر معه،في شركة للإنشاء والمقاولات، وطلبَ مني العمل معه بشكل خاص ودائم، في مكتبه فيالشركة، في فترة ما بعد ألظهر، وطلب مني ان لا انزل الى مواقع العمل واحتك بالعمال،إلا للضرورة القصوى، فوافقتْ على طلبه، وشعرتُ بأنه ينظر لي نظرة خاصة، ومتميزة، وبدأتْعلاقتنا تنمو وتتعمق معا، بمرور الوقت، وزالت الحواجز من بيننا كثيرا، الىأن صارحني بعد مدة من الزمن، بعد ان تعارفنا على بعضنا البعض جيدا، وتعمقتْ العلاقة،وأواصر الصداقة بيننا، فعبر لي عن شعوره، وبإعجابه وبحبه لي، وطلبَ ان يخطبني من أهلي ويتزوجني فورا، وفعلا،فقد تقدم لخطبتي، وكَتَبَكتابه علي، وتمّتْ الخطوبة والزواج، حسب التقاليدالمعهودة، بعد موافقة أهلي وأهله طبعا بأسرع ما يمكن، وفقاً للأصول المتبعة، وكانتالفرحة بين الأهل جميعهم، كبيرة.رغم الفارق الاجتماعي بين اسرتي وأسرته،إلا ان الانجذاب بيننا، خاصة من جانبه، كان قويا لي، فهو من منطقة ريفية جبلية،قريبة من مدينة بنغازي، في شرق ليبيا، يغلب عليها الطابع القبلي والبدوي، وليس من مدينةبنغازي الليبية مثلي، والتي تتمتع بنوع من الانفتاح النسبي، كإحدى المحافظاتالليبية الكبرى، بين باقي المحافظات الليبية، ما يجعل الاختلاف بيننا في العاداتوالتقاليد، كبيرة نوعا ما، فهم من منطقة يحكمها العرف والعادات والتقاليد القديمةالبالية، والطبيعة القبلية القاسية، بشكل واضح، فالمرأة في بلدته، تُمنع من قيادة السيارة منعا باتا، ويُحرم عليها أن تذهب الى الجامعة للدراسة، إلاتحت ظروف خاصة جدا، ولا يذهب إلا العدد القليل منهن، ومن تسمح لهن ظروفهن بذلك،وأخواته البنات، كانوا قد درسوا وتخرجوا من الجامعة، بالدراسة عبر الانتساب، فلميكنّ منتظمات بالدوام، فلم تكن الواحدة منهن تخرج من بيتها، إلا بصحبة أخوها أوزوجها، اذا كانت متزوجة، وحتى الشابة المخطوبة، فلا ترى خطيبها، إلا يوم زواجهافقط، وغير ذلك من العادات المستهجنة والقاسية.كان زوجي، أثناء فترة خطوبتناسعيد جدا بي، وراض بثقافتي وفكري، واحتياجاتي، ومتفهم لطبيعتي المتحررة نسبيا، فقدوافقَ أن استمرَ في عملي بعد زواجي منه، ولا أتركه، كما وافق لي، على قيادتيالسيارة بنفسي، وكانتْ جميع تصرفاتي تعجبه، ولا يرفضها، ولا ينتقدها، فهي على كل حال، كانت تصرفاتمقبولة في المدينة، ولا غرابة فيها وطبيعية، ومألوفة له نسبيا.تابعتْ وقالت، اتفقنا فيما بيننا عندمانتزوج، على السكن في مدينة بنغازي، لطبيعة الحياة المنفتحة فيها نسبيا، واستأجرناشقة في أرقى مناطقها، وساعدته من جانبي ماديا فى تأثيثها، وحاولنا الاختصار فيمصاريف الزواج قدر الامكان، حتى نقتصد قليلا من اجل مستقبلنا، ومستقبل ابنائنا، وقد تتوًجتْ هذه العلاقة نهايةً، بالزواج.تابعتْ وقالت، بدأتْ حياتنا الزوجيةبدايةً حسنة، يُتوجها دائما، الاحترام والودالمتبادل والتفاهم، ولكنه بعد فترة وجيزةجدا، عاد الى طبيعته وعقليته القبلية، وعاداته وتقاليده، في ممارساته اليومية معي،وكما يقولون (الطبعْ غلبَ التّطبع)، وصار يتعامل معي، بسياسة كلها استهزاء منافكاري وتفكيري، ومن طريقة حياتي ألاجتماعية، ووصل معي في التعامل، الى حد التطاولعليّ، بألفاظ نابية، وصار يصفني بالغباء، وكان يتلذذ بقول ذلك، بحضور أهله أوأهلي، ولا يحترمني، أو يراعي شعوري، او شعور أحد.بدأ يزعجني بطلباته الكثيرة، في الليل والنهار، ولا يتركنيأنام وأستريح، بعد عناء يوم من التعب، من اجل الذهاب الى عملي، في اليوم التالي، وكانيقول لي، لماذا تودين الذهاب الى العمل، فلا داعي لأن تذهبي، وماذا سيحدث لو غبتيوما او يومين، ويحرجني كثيرا حتى أغيب عن عملي، وقد تسبب في احراجي في الكثير منالمواقف، في عملي وخلافه، بتصرفاته الخاطئة معي، حتى امام زملاء العمل، والمسئولينعني. وبهذا يمكن القول، بأن زواجي منه، أثر على وضعي ونفسيتي، ونظرة الغير لي بشكلسلبي، حيث كنت من أنجح المهندسات، في عملي، وأكفأهن وأكثرهن التزاما، خاصة، قبلزواجي منه، ومع أنه، كان يطلب مني مساعدته ماديا لتغطية مصاريف عمله، ولم اكن اقصرمعه، حيث كنت اوفر بعض المال من راتبي، وأقدم له الدعم الذي يطلبه، ولولا وظيفتيهذه، لما كنت استطيع مساعدته وأفك ضائقته المالية، ولكنه كان يطمع بي كثيرا، ومعذلك، لم اكن اتوانى عن مساعدته، ولم أبخل عليه بذلك.أكثر ما كان يزعجني من تصرفاته وأعماله،عند عودتي الى المنزل من عملي، كثرة ضيوفه من الأهل والأصدقاء، بمناسبة او بدونمناسبة، خاصة عند استقباله لأقاربه، فأقاربه يقيمون في مناطق بعيدة، وعندماكانوا يحضرون لزيارته، فلا يستطيعوا العودة الى منازلهم وبيوتهم، في نفس اليوم،الذي حضروا به، فبُعد المسافة يحول دون ذلك، مما يضطرهم للمبيت عندنا، فواجبه كاناستقبالهم وإكرامهم، وهذا يعني بالنسبة لي، أنه لا بد لي من استضافتهم أيضا، وتقديمالطعام والغداء لهم، وفي كل ألأحيان، ويجب أن أهيأة لهم، ظروف المبيت اللائقة.تابعت تقول:كان زوجي في احيانكثيرة، لا يدعني ارتاح في نومي، فيعمل على ايقاظي من نومي، بسبب او بدون سبب، سواءفي الليل او في النهار، بطريقة غير محترمة، ويأتي ليقول لي انهضي واسهري معي،بأسلوب فظ وغير مؤدب، وإذا لم اقمْ واستيقظْ بسرعة، يقوم بحركات تبعث على الضجيج والفوضى، حتىيوقظني من نومي، ويقلق راحتي، ويكلمْ نفسه بصوت عال حتى اسمعه، ويصفني بأقذعالأوصاف البذيئة، ان لم أنهض، لأسهر معه، وأواسيه وأسليه، في تلك الليلة.حملتُ منه بعد مرور شهرين من زواجهمني، وكان فرحا وسعيدا بذلك، كونه سيصبح أباً، ولديه إبناً، أما تعبي وحالتيالصحية ونفسيتي، فلم يكن ليأبه بها، فهي مسؤوليتي وحدي فقط، وعليّ ان اتحمل مسؤوليةنفسي، وتعبي ومعاناتي لوحدي، ولم اكن اسمع منه كلمة حلوة واحدة، تخففْ عني تعبيوأحزاني، وبعضاً من معاناتي. كان يهتم كثيرا، بأناقته وبملابسه ولبسه، وفي نفسالوقت، يعمل لي الفوضى في ارجاء المنزل، كي يزعجني، بدل من أن يُهيأ لي ظروفالراحة والسعادة، كزوجة في بداية حملها الأول، تشاركه همومه ومسؤولياته، وأمورالحياة الزوجية، بحيثُ كان يُلقي ويرمي ملابسه في كل ارجاء المنزل، ويسببْ لي الفوضى والإزعاج، ويطلب مني في نفس الوقت، أناهتم بالمنزل وبنظافته وبترتيبه، خاصة، عند استقباله لأصدقائه وأهله، ويطلب مني،تحضير وجبات الطعام لضيوفه، بدون سابق انذار، حتى لو لم أكن مهيأة لذلك، وكل هذا، كانيتم فجأة، وبدون استعداد مسّبق، أو موعد متفق عليه، وبأسلوب فظ، وغير حضاري،وكأنني خادمة او عبدة له، ولستُ بزوجته فيهذا البيت، حتى انني لا املك الوقت، كي اوفر احتياجاتي الضرورية واللازمة.كانيفكر دائما، كيف يتحايل عليّ، لأخذ نقودي مني، كي يصرف منها على اصدقائه وأهله، حتى أنه اضطّر مرةلبيع سيارته، كي يساهم في مصروفات زواج أخته، وبعد اشهر من زواجي منه، بدأ يتلكأفي دفع ايجار المنزل، الذي نقيم فيه، حتى انقطع عن تسديد الايجار، لفترة طويلة منالزمن، مع ظروفه المتعثرة ماديا، لكثرة بذخه وصرفه غير المتزن، وغير الضروري، فهو إنحصلَ على مبلغ من المال، كان يصرفه على إخوته وأهله.كانيحب والدتي (رحمها الله)، وكان يناديها (ماما)، ويحاول ان يفرفش كثيرا مع عائلتيوعائلته، ويبثَ الانشراح والسرور بينهم، فهذا طبعه معهم دائما، ولكن، عندما نكونمعا، ولوحدنا فقط، ينسى الضحك، والانشراح والسرور والفرفشة معي كلية، ولا يحاول انيرّفه عني، أو يضفي عليّ السعادة، حتى ولو بكلمة مجاملة واحدة، وقد حاولتُ مسايرة أهله،لأبعد الحدود، حتى اكسبَ ودهم وتأييدهم لي، فأحبوني كثيرا، خاصة في الفترة الاولى من علاقتي معهم،كوني كنتُ أحترمهم كثيرا، وأوفر لهم احتياجاتهم، واقفُ الى جانبهم بكل شيء.عودني،برفضه لأي نقد من طرفي لأهله، مهما كان نوعه، صغيرا كان أو كبيرا، وإلا قامتْ الدنياولم تقعد ...اضطررتُ ايضا، لارتداء ملابس أهله التقليدية في بلدتهم، كي اجاملهم،وتواضعتُ معهم كثيرا، الى أن بدأتُ أحسُ بأنهم يودون اذلالي وإهانتي وتحقيري، وعدماحترامي، وكان يتجاهل تصرفاتهم معي، ولا ينبثْ ببنت شفة، ولا يحاول ان يوقفهم عندحدهم، او يمنعهم من الاساءة لي بتصرفاتهم، وبعد فترة زمنية، اكتشفتُ ان تصرفاتهمعي، تأتي وفقاً لتوجيهات من والدته، فكلامها كان يقع عليه كالأوامر، لا يغير أويبدل به شيئا، فقد كانت تصل اليه من تحت الطاولة، ومن فوقها ايضا، وانتقاداتها لي،تحدث أمامه وأمامي مباشرة، ومن ورائي أيضا، وتنعكس على تصرفاته الشخصية معي سلبا،بدون أن يشعرني بتأثير تحكم والدته به، واستماعه لتوجيهاتها.بعد عامين من زواجي منه، كنت على وشك انجابيلطفلي الثاني، اكتشفتُ أنه يدخن الحشيشة، وقد رأيته أمامي، وبأم عيني، وهو يُحَششْ، عندمافتحت الباب عليه فجأة، في ليلة من الليالي، حيث كان يتركني وينام بمفرده، في بعضالأوقات، في غرفة الجلوس أو الصالون، كما كان يحلو له، كي لا اراه ماذا يفعل، فإذابه، اراه يسرح في خيال شاسع من النشوة .سألتها فيما اذا كان يقسوا عليها بالضربوخلافه؟؟؟قالت: لم يتوانى عن ضربي، حتى بعد شهرين منزواجي منه، فقد ضربني لسبب تافه، وما لبثَ أن تأسّف لي في نفس اللحظة، وندم، ولميرتاح نفسيا، إلا بعد أن سامحته وغفرتُ له ذنبه، أما المرة الثانية التي ضربني فيها،فكانت في ليلة من الليالي، عندما رجع متأخرا الى المنزل، وكانت الساعة تشير الىالثانية بعد منتصف الليل، وأرادني أن اسهر معه، وارّفِه عنه، مع انني كنت متعبةجدا، وحامل في الاشهر الاولى من الحمل الثاني، ولديْ دوام في الصباح، فضربنيوأشبعني ضربا، بدون سبب موضوعي، فبكيتُ ليلتها بعنف شديد، وأخذتُ مفتاح سيارتي،وحاولتُ الخروج من المنزل، هاربة منه، وهذا التصرف بالنسبة لمجتمعنا الليبي يعتبر فضيحة بجلاجل، تَمُسه شخصيا، فكان أن خاف، ومنعني من الخروج، بقوة، وقدّم اعتذاره لي في لحظتها، بشتى الطرق، كي لاأخرج، وأقْفلَ الباب عليّ، واتصل بأخي كي يحضر اليه، وكأنه يود ان يشتكيني له، وعندماحضر أخي للمنزل، وحكى له ما حدث منه معي، برّر تصرفه هذا له، وغضبه مني، بأنه كانمشتاق لي، ولم يلق تجاوبا مني معه، وأنني الملامة بإهمالي له، وبعدم اهتمامي،باحتياجاته ومسايرته بما يريد.تجاوزتُالمشكلة كثيرا، وأكملتُ حياتي معه متحملة لظلمه وعنفوانه وغضبه، ومعاملته السيئةلي، وبعد أشهر، أنجبتُ منه ابني الثاني، وقد تعرّض طفلي المولود، لنزيف دماغي،وعمره لم يزد عن سبعة عشر يوما، لم نُعرف سبب هذا النزيف، وكان أن عانينا من مرضه كثيرا، لكن الله شفاه من مرضه. بعدخمسة اشهر من انجابي لطفلي، تُوفيتْ والدتي من مرض عضال، ألّمَ بها، وللحقيقة اقول،بأنه وقف الى جانبي هذه المرة، ورقّ قلبه لي كثيرا، واهتم بأمر وفاتها، ووقف فيعزائها بعد موتها، وقفة رجل، لا تُنسى مواقفه.بدأتْ حالة من الكآبة تعتريني، وتتمكن مني، منذمرضْ ابني، وبعد أن توفيتْ والدتي أيضا، وزوجي لا يرحمني، ولا يحس بمشاعريوبمعاناتي، وكان يظهر أمام الناس، بأنه الرجل الوحيد الشهم، ونعم الرجال، وانه رجلكريم وأصيل، بينما في معاملته لي، لا أجد منه حتى نظرة الحنان، التي تعوضني عنفقداني لأمي، التي كنت الابنة المميزة والمحبوبة لديها في المنزل، خاصة بعد زواجأخواتي، وكنت اتسامر معها باستمرار، وأجدها في كل لحظة، عندما أحتاج فيه لصدر حنونكي يحضنني ويضمني بحنانه، الى أن توفيتْ، ولم أشكو لها يوما، تصرفات وأعمال زوجيمعي قبل وفاتها، ولو لمرة واحدة.بعد ثلاث سنوات من زواجي، حملتُ منه بطفلي الثالث،ومرضتْ والدته، بجلطة قلبية، فوقفتُ الى جانبها، وقمتُ بواجبها وبخدمتها بطريقةمثالية، حتى أن الغريب قبل القريب، كان يشيد بمعاملتي لها، وبأخلاقي العالية نحوها،والبعض، اعتبرني أفضل من بناتها في الاهتمام بها، ففي الوقت الذي كنت فيه حاملايضا ومجهدة، نمتُ الى جانبها في المستشفى،قترة مرضها، وكنت ارتاح بضع ساعات فقط، بعيدا عنها.كنت اذهب لبيتي بعد نومي في المستشفى، الى جانبوالدته، لأجد الضيوف من رجال ونساء، ينتظرونني في المنزل، لأحضر وأقدم لهم، الطعاموالشراب والضيافة، وكنت اقوم بواجبي نحوهم، على أحسن وجه. بعد أقل من شهر، من هذه الخدمات التي قدمتهالوالدته ولضيوفه، عادتْ تصرفاته العصبية معي، وبكل قوة، حيث كان يغضب، ويقوم بتكسيرألأثاث المنزلي، بدون أن أعرف لذلك سببا.اتصلتُ بأخي الكبير، وأعلمته بأمر زوجي، وبمايجري في منزلى، لعله يجد حلا لي معه، فذهب اخي له، وواجهه بما يقوم به من اعمالمشينة بحقي، ولكنه دافع عن موقفه بصلافة، واعتبر أن المشكلة من جانبي أنا، وليس منجانبه هو، وأنني أنا السبب بكل ما يجري، وقال بأنني أُهملُ بواجبه كزوجة له، فرّدَعليه أخي وقال له، بأن اختي لا تقصر معك، وحتى أنها هي من نامتْ في المستشفى، الىجانب والدتك، مع ان هذا ليس من واجبها، وتحملتْ العناء لأجل ذلك، ونتيجة لهذاالعتاب، من قبل أخي له، أصبح أخي لا يطاقُ بتاتا من قبله، ويعتبره من ألدْ أعدائه، وكعادته في مثل هذه الأمور، وبعدما تهدأاعصابه، يأتي بعد عدة أيام ليعتذر، وكأن شيئا لم يكن، وجميع المشاكل بعد ذلك، يجبأن تُنسى من قبلي، وإذا ما حاولتُ النقاش فيها معه، وتذكيره ببعض الأشياء، التي اكّدَانه لن يفعلها مرة أخرى، للاستفادة من عدم تكرارها، فكان هذا يعني له، أنني أحبالنكد، فيهرب مني، ولن أجد فرصة للنقاش أو العتاب معه، مرة اخرى.قلت: حقيقة، لقد تأثرتُ كثيرا لما تحدثت به لي منملاحظات، يَندى لها الجبين. خاصة وانك سيدة راقية ومحترمة، ولم تقصري مع زوجك بشيءيذكر، ووقفتِ الى جانبه بكل شيء، خاصة، وانك موظفة ايضا، وستْ بيت، والمفروض انيقف الى جانبك بكل شيء، ولكن مع الأسف، يظهر انه انسان متّخلف، رغم انه يحملالشهادة الجامعية، ولكنه يملك عقلية بدوية جافة وقاسية، ولا يحترم المرأة، وحقوقهاوواجباتها، يكفيه انك سيدة رائعة وعظيمة، ومضحية، من اجل بيتك وأولادك، وتحملتالكثير من اجلهم، وتستحقين كل التقدير والاحترام. وإنني أتألم لما تلاقيه من ظلممعه. والله معك على الظالم،قالت: أقول والشهادة لله، وهذا ما يعزيني، أن موقفهمن الثورة الليبية كان مشرفا جدا، فقد وقف من اليوم الأول مع الثورة والثوار، ونحنفي مدينة بنغازي، كنا لا نستطيع القتال في البداية، ولكن كان لدينا برنامج لمساعدةالمدن والبلدات المحاصرة، بما كنا نجمعه من الدواء والغذاء من التجار، فكان يساعدبكل ما يستطيعه من جهد، من توفير للأدويةوالطعام والغذاء والماء ...حتى أنني ذهبتُ معه شخصيا، ومعنا الاولاد، لتوصيل ألأموالوالغذاء لبلدته، ولم نجبن او نخاف من شيء، بل على العكس، كنا كل يوم نزداد اصراراًعلى الاطاحة بنظام معمر القذافي، لأنه كان سبب تعاستنا، طبعا، وضع البلاد ساهمكثيرا، في مشاكلنا الاقتصادية، وكثيرٌ من مساويء حياتنا، وهذا حديثه يطول، وليسوقته الآن. لن أنسى، أن أيام التحرير،كانت في شهر رمضان المبارك، ومع هذا، اضطررنا لترك المنزل والذهاب الى مكاتبالشركة التي كنت اعمل بها، وقمنا بفتحها، وعملنا فيها مشفى ميداني، وحتى بعد التحرير، كنا نذهب لعدة بلدات ونساعد أهلها،فقد ذهبنا لمدينة بني وليد، وعملنا هناك مشفى ميداني آخر، وكان موقف زوجي مشرفاً،وكنت أفتخرُ به حقا. تابعتْ حديثها وقالت: أغلب النساء الليبيات، كانموقفهن متطابق مع موقف ازواجهن، فهن نسخة طبق الأصل عنهم، وذلك نتيجة الثقافةالمحدودة لديهن نوعا ما، ومع ذلك، كن نرى ونسمع عن نساء ساهمن بالكثير، من الأعمالالوطنية للثورة، مثل تقديم المساعدات الطبية والغذائية، وإسعاف الجرحى والمرضى، وتوصيلالمعلومات، عبر الكتابة في الأنتر.نت. تابعتْ حديثها معي، ورجعت بذكرياتها قليلا الىالوراء وقالت، نعم، كنا قد أحببنا بعضنا قبل الزواج، حباً عارماً، على الأقل منجهتي، وكنت صادقة بمشاعري نحوه، وأكنُ له المشاعرالطيبة، أما هو، فقد كان شخصا غير واضح غاليا، يبدو عليه الصدق في المشاعر، ولكنهكان شخصا سريع الغضب لأتفه الأمور، ومن أول يوم عرفته فيه، ولا اعرف لذلك سببا. أمابعد الزواج، فقد تغير أسلوبه معي، فأصبح لا يحب المجاملة أيضا، وعلى العكس من ذلك،كان يهوى ويعشق مشاكستي، حتى أمام الناس، كان دائم الاستهتار بمشاعري، لا يَملُ منالاستهزاء بي،كنت أعشق السير مشيا على الأقدام، كنوع من الرياضة المحببة لي، وكنت دائمة الحركةوالحيوية والنشاط، ولم تفارقني الابتسامة او الضحكة أبدا، حتى في الأوقات الصعبة،كنت أجد سببا للضحك للترفيه عن نفسي، فكان كل هذا لا يعجبه مني، ويحاول أن ينغصعلى حياتي الخاصة. منعني من الخروج للمشي سيراً على الأقدام، ومنعني من الانتسابلناد رياضي، ولم أكن أجد الوقت، للاهتمام بنفسي، حتى لو قرّرت ذلك، ورغم هذا كله،فأنا أهتم بنفسي في البيت بأضيق الحدود، لهذا السبب، زاد وزني عن طبيعته بأكثر من عشرينكيلوجراما.قلت:والله أنا محتار لماذا يعاملك بهذه المعاملةالسيئة، خاصة وأنت سيدة جذابة، ولا تقصري معه بشيء، اعتقد، انت يظهر بك الكثير من جذوركاللبنانية من جهة الوالدة. وتّتصفي بالصدق والصراحة والذوق الرفيع، والأدب الجم، والإحساسالرقيق.قالت:الكثير من عائلتي وأصدقائنا المقربون مني،يستغربون تحّملي وصبري عليه، وأنا أضع أمام عينيْ، طاعة الزوج، وواجبه دائما، ومصلحةابنائي نعم، وأنت قلت، أن امره عجيب، وهو كذلك، فهو لا يعجبه العجب، ولا الصيام فيرجب.قلت:هل حقا، كنت تتمّنعي عنه، ولهذا كان يسيءمعاملتك ؟؟؟أجابت وقالت:هي حجة لا أكثر ولا أقل، وهويستعملها دائما ضدي، حيث أنها شئ، لا يستطيع أحد اثباته أو نقاشه. قلت:وهل ما زال حتى اليوم بطباعه السيئة معك؟؟؟؟ قالت: هوكذلك ...قبل فترة، سافر الى احدى الدول العربية، لموضوع يتعلق بالعمل، وأنا وصلتُ الىنقطة في تعاملي معه، فعندما يسافر لأي مكان، بعيدا عني، أعتبرها بالنسبة لي اجازة،استغلها لأخذْ نَفَسْ طويل وعميق، وكقسط من الراحة والاستجمام، لا أعمل فيه شئ غيرمعتاد، فقط، أستمتع بوقتي، وبعيشة هادئة، بعيدة عن الاهانات والضجيج. قلت:يعني غيابه عنك خارج البيت، هو يوم راحة لك،من مشاكله وهمومه؟؟؟قالت: نعم، وأصبحتُ اقضي معظم وقتي على النت، وألنتموجود لدي، منذ فترة طويلة، أي منذ دخل فيه النت الى ليبيا، ولكني لم أستطع متابعتهباستمرار، اللهم إلا في بعض الجلسات الهامة، للبحث، في بعض الأمور، ولكن، بعدالثورة، وكوني بقيت أشهرا في المنزل بلا عمل، أصبحت مدمنة على النت، وعلى صفحاتالتواصل الاجتماعية، كما ترى، فانا ابحث عن شيءْ، اشغل بالي فيه وقت فراغي.قلت: هل حاول منعك من الجلوس امام الكمبيوتر،ومنعك من استخدام النت وصفحات التواصل ألاجتماعي؟؟؟قالت: حقيقة، هو لم يمنعني يوما من استعماليللنت، أو من صفحات التواصل الاجتماعي، بل على العكس من ذلك، فقد شجعني، واشترى لي كمبيوترمحمول، كهدية منه لي، بدون أن أطلبه منه، ولكن، عندما يكون في حالته العصبية المعتادة،يتفشّش بي، ويقطع النت عني، كعقوبة لي، وبدون سبب. قلت:هل فكرت مثلا يوما ما، بالطلاق منه، كحلنهائي لمشكلتك معه ؟؟؟ بمعنى هلى الأمور لم تصل بينكما بعد، حتى أن تفكري بالطلاقمنه ؟؟؟قالت: لا، فكرت كثيراً بالانفصال عنه، والعملعلى تربية أبنائى بأسلوب حضارى، بعيدا عن مشاكله، حيث أن الاولاد أصبحوا يميزون فيالتعامل معي ومعه، ويعرفون أن الكلمة الاولى والأخيرة، حتى في أبسط تفاصيل حياتنا اليومية،دائما تكون له، هو شخصيا، فتعلموا، أن يخافوا منه، ولا يسمعوا كلامي الموجه لهم منقبلي، مهما كان هذا الكلام، يصب في مصلحتهم. كما أنني أرى أن موضوع الطلاق، سيِؤثرعلى تربية الأبناء ومستقبلهم، وعلى نجاحهم في دراستهم، ومن الجانب الآخر، أقول أنالمساويء قد تتساوى في حال طلاق الوالدين، وسيعانوا الأبناء من الظروف الاجتماعيةالصعبة الناتجة عن ذلك، مما سيؤثر على حياتهم سلبا، وحقيقة، فضلت ان اتحملالمعاناة، مهما بلغت، على موضوع الانفصال والطلاق، ولكنني لم أعد أعلم، نهاية لهذهالمعاناة، وأصبحت انسانة، كل محور تفكيرها فقط، هو الخلاص من المشاكل، وما زلتُاعيش حياتي اليومية، على طبيعتها كما هي، ودون تبديل أو تبدّل ملموس، يمكن ان يذكر.