الأهمية والنتائج لزيارة الوفد الاعلامي الموريتاني للأراضي الفلسطينية

الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
مازال موضوع زيارة العرب والمسلمين، لمدينة بيت المقدس لزيارة المسجد الأقصى المباركومن ثم زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، تلاقي جدلا واسعا في الساحة الفلسطينية،بين مؤيد لها، ومعارض لها ايضا، وكنت قد ناقشت هذا الموضوع، عبر نشر عدة مقالات فيهذا الاتجاه، توضح اسباب المؤيدين والرافضين لمثل هذه الزيارات.
قام الإعلاميالموريتاني سيدي ولد أمجاد/مدير مركز أمجاد للثقافة والإعلام في موريتانيا، بزيارةلفلسطين، منذ الثالث عشر من شهر ايار الجاري، ضمن وفد اعلامي رسمي، للمشاركة فيالفعاليات الفلسطينية، لإحياء الذكرى الرابعة والستين، للنكبة الفلسطينية، بدعوةرسمية من السلطة الوطنية الفلسطينية. والمعروف، ان مثل هذه الدعوات، من جانبالسلطة الفلسطينية، تتم عبر التنسيق المشترك، مع الجانب الاسرائيلي، وبموافقته،حيث تُعطى الموافقة عبر تصريح زيارة، يُكتب فيه للضيف الزائر، بالموافقة على زيارة دولة اسرائيل،ويقصد هنا بالطبع، القدس الشرقية ايضا، وبأنها تحت السيادة الاسرائيلية، وهي أيضا غيرمحتلة، وكأن السلطة والزائر ايضا، يوافقا ضمنا، على هذه السيادة والاحتلال، وانالقدس الشرقية غير محتلة، وهي ارض اسرائيلية، وهذا ما يعتبره البعض الفلسطيني،تطبيعا مع العدو الصهيوني الغاصب واعترافا منا، بالتنازل عن قدسنا الشريف.
كان سيدي ولدأمجاد، من ضمن المتحدثين، في ندوة ملتقى الإعلام العربي الثاني، الذي احتضنتهمدينة رام الله، بحضور العديد من الإعلاميين والمثقفين العرب، الذين جاؤوا للتضامنمع فلسطين، بهذه المناسبة. قدم الكاتب والشاعر والإعلامي الموريتاني سيدي ولد أمجاد، شرحاوافيا، عن كيفية تناول الشعر والثقافة الموريتانية للقضية الفلسطينية، والعلاقاتالتي تربط الشعبين، الفلسطيني والموريتاني، وذلك ضمن الندوة الثقافية التي نظمتمساء يوم الثلاثاء بتاريخ 22-5-2012م في مدينة رام الله، بمكتبة دار الشروق، تحت عنواننقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيفلسطين في الذاكرة الموريتانية)، وكنت شخصيا حاضرا لتلك الندوة، وشعرتُ بالمفاجأةحقا، لما قدمه الشاعر سيدي امجاد، عن حجم المعلومات القيمة، فيما يتعلق بالقضيةالفلسطينية في الذاكرة الموريتانية، وشعرت حقيقة من حديثه لنا، وكأنه مواطنا يقيمبيننا، منذ عشرات السنين، لما يملكه من المعلومات والشرح الشيق والمسهب والدقيق،عن قضيتنا الفلسطينية في وجدان الشعب الموريتاني.
دار حديث جانبي، بينيوبين الكاتب الموريتاني سيدي امجاد بعد انتهاء الندوة، عبرتُ له فيه، عن شكريوتقديري، وعن ما تحدث به لنا، من معلومات قيمة، عن القضية الفلسطينية، في وجدانالشعب الموريتاني،وقلت له باننا كفلسطينيين في معظمنا، لا نعرف عن الشعب الموريتاني، أكثر من أن رئيس موريتانيا، (حتى لو جاء بعده عشراتالرؤساء الجدد)، هو الرئيس(ولد دادة)، ليس لكونه رئيسا مشهورا ومهما، إلا، لأناسمه لدينا، يثير الضحك، وقلت له ان الصورة لدينا عن موريتانيا وشعبها، صورة صحراءجرداء وقاحلة، وبها قبائل بدوية متخلفة، وهذا كل ما لدينا من معلومات عنها، وعزوتُ له هذا الجهل بالمعلومات عنالدولة والشعب الموريتاني، لتقصير غير متعمد، من قبل الأجهزة الاعلامية في كلاالبلدين الشقيقين، فلسطين وموريتانيا، وأيضا لتقصير ذاتي من قبل المواطن الفلسطيني،بعدم اهتمامه بمعرفة طبيعة الشعب الموريتاني، ومدى اهتمامه بالقضية الفلسطينية،وما يربطه بنا وما يربطنا به، من اواصر الود والصداقة.
كنتقد سالت احدى سيدات الوفد الموريتاني عن معلومة كنت قد سمعتها وقرأتها يوما ما،تتعلق في المجتمع الموريتاني، وعن مدى صحتها، مفادها، ان المرأة الموريتانية، يومطلاقها، تقيم حفلة باذخة، في ذلك اليوم، تدعو اليها قريباتها وصديقاتها المقربات،تعبيرا عن فرحتها وبهجتها بهذا الطلاق، وفيما اذا كانت هذه المعلومة صحيحة ام لا؟؟؟ اجابتني عضوة الوفد قائلة، بأن ما تفضلتُ به بخصوص هذه المعلومة، هو صحيح فعلا،وهذه عادة موريتانية، تقع ضمن العادات والتقاليد الموريتانية المتبعة، وهي تُعتبراجراء عادي وطبيعي جدا، في المجتمع الموريتاني، وليستْ بمستهجنة، وهي تعني بالنسبةللمرأة الموريتانية، ان مثل هذا الطلاق، لن يكون له اي تأثير سلبي، على وضعها كامرأةموريتانية، ولا يقلل من قيمتها بشيء، بعد طلاقها من زوجها، وهي ليست نادمة، ولامتألمة لحدوثه.
كانالشاعر والكاتب سيدي امجاد، قد اضاف لي معلومة جديدة اخرى، عندما ذكر بحديثه لنافي الندوة، بأن اسم (موريتانيا) هو اسم استعماري، اطلقه عليها الفرنسيين، عندماكانوا محتلين للأرض الموريتانية، ونحن لا نقبل به ولا نؤيده، ونحن نسمي بلدنا، بلاد(الشنقيط) وهو اسم عربي اصيل، معروف لنا منذ القدم، وقال بأنه يفضل ان نسميهم بلادالشنقيط، وذكّرنا بحادثة مقتل الملك عبد الله/ جد الملك حسين في العام 1951م وقال،ان هناك شخص كان من اقرب وأهم مرافقيه، وهو موريتاني الأصل، ويدعى احمد الشنقيطي،نسبة الى بلدنا شنقيط، وهو الذي رفع جسد الملك عبد الله عند مقتله.
ذكر الشاعر الموريتاني/مدير مركز أمجاد للثقافة والإعلام، بأن القضية الفلسطينية'حُملتْ في الذاكرةالموريتانية، من خلال ثلاثة محاور رئيسية، تاريخية وسياسية وثقافية، وقال، أنفلسطين، بالنسبة للإنسان الموريتاني، هي الأرض المقدسة، ولفلسطين رصيد كبير فيمرجعيات الثقافة الموريتانية، حيث تَغنى بها الشعراء والأدباء.
وأشار إلى أن للقضيةالفلسطينية، مكانة خاصة ومميزة، ستحافظ عليها، ويعتز الشعب الموريتاني بالثورة الفلسطينية،ويقدم لها دعما مستمرا، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني، ساهم بشكل كبير، في رفعةالتعليم والثقافة العربية الأصيلة في موريتانيا، من خلال المعلمين الفلسطينيين،الذين قدموا لموريتانيا، لتدريس اللغة العربية وتطويرها، إضافة إلى وجود العديد منالفلسطينيين، الذين يحملون رتبا شرطية عليا.
أضاف سيدي ولد أمجاد 'بأن القدس تقللالمسافات بين الجميع، وتُعتبر مرآة، تعبر عن الحضور الفلسطيني في موريتانيا، وأنتطور مسارات القضية الفلسطينية، تدرج في الساحة الثقافية الموريتانية منذ عام 1948موحتى يومنا هذا، رغم تقلبات الأوضاع السياسية في البلاد، من انقلابات على الحكم،وتغير النظام بشكل مستمر، وقال أن الشعر الموريتاني، مجَّد الثورة الجماهيريةالفلسطينية؛ انطلاقاً من كونها، أهمّ طريق جرّبته الشعوب المستضعفة، لانتزاعحقوقها وكرامتها، من أيدي الأقوياء المحتلين؛ ملقيا عددا من الأبيات الشعرية التيكتبها الشعراء الموريتانيين، تمجيدا بالثورة الفلسطينية. واستعرضولد أمجاد في محاضرته تجليات حضور القدس، والقضية الفلسطينية، في الذاكرةالموريتانية، من خلال محاور أساسية، ذكرها سابقا، منها المحور التاريخي ما قبلالاستقلال، في تفاعل النخبة السياسية الموريتانية، مع قضية فلسطين قبل وبعدالنكبة، وأهم محطات التواصل المباشر وغير المباشر، بين بلاد شنقيط وبلاد المقدس، ثمالمحور السياسي والدبلوماسي بعد استقلال موريتانيا، حتى اليوم الذي انتهى بقطعالعلاقات مع إسرائيل عام 2009م، وأخيرا، المحور الثقافي، وخصصه لحضور القدسوفلسطين في الأدب الموريتاني، وخاصة الشعر، من خلال قراءة نماذج مختارة لعدد منالشعراء الموريتانيين المعاصرين.
كانت قناة فلسطين الفضائية، قد استضافت مساء الخميس الموافق17/5/2012م في حوار مباشر على الهواء، الإعلامي سيدي ولد أمجاد، حيث تناول اللقاء،انطباعاته عن هذه الزيارة الأولى لفلسطين، ومدى حضور القضية الفلسطينية، في الشعرالموريتاني، وفي أوساط النخبة السياسية والثقافية بموريتانيا، والدور المنوطبالإعلاميين العرب، في الدفاع عن قضية العرب الأولى والمركزية.
واصل مدير مركز أمجاد زيارته لفلسطين وقام خلالها بزيارة مدينة القدسالمحتلة، واجرى حديثا للصحافة الموريتانية مع محافظ مدينة القدس، عن واقع التراثالثقافي في المدينة وتحديات الاحتلال الإسرائيلي، في ظل استمرار مخاطر التهويد،التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، كما زار مدير مركز أمجاد العديد من المدنالفلسطينية في الضفة، وقد تميزت الزيارة، بلقاء الرئيس الفلسطيني أبو مازن، وعدةشخصيات ثقافية وسياسية وإعلامية في فلسطين، وسيتم في ختامها، توقيع بروتوكول للتعاونبين مركز أمجاد للثقافة والإعلام، وعدة هيئات ثقافية وإعلامية فلسطينية.
ما قصدت تقديمه من هذا المقال للمواطن العربي بشكلعام والفلسطيني بشكل خاص، هو أن مثل هذه الزيارات، التي تتم من قبل اخواننا العربوالمسلمون لمدينة بيت المقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، تعمل على توطيد اواصرالصداقة والود والتعاون الاقتصادي والثقافي بين الزوار والشعب الفلسطيني ومعشعوبهم ايضا، ويتم من خلالها ايضا فضح الممارسات الاسرائيلية العدوانية بحق الشعبالفلسطيني، ويتعرف بها الزائر عن قرب، كما تكون فرصة عملية ومؤاتية لتبادلالثقافات والمعلومات بين الشعب الفلسطيني، وبين شعوب اخواننا الزوار، وأيضا بشكلخاص لأهلنا بمدينة بيت المقدس، ومن هنا كان تأييدي المطلق، لزيارة اخواننا العربوالمسلمين لمدينة بيت المقدس، وللأراضي الفلسطينية المحتلة، مهما كان لها منسلبيات جانبية، يمكن لها ان تزول في المستقبل،
فيما اذا عمّ السلام وزال الاحتلالالصهيوني البغيض.