ذهبت اليوم في زيارة إلى مدرسة أولادي لإستلام بطاقة ابنتي تلك البطاقة التي تخولها التقدم إلى امتحان الشهادة الإعدادية، واستلمت البطاقة التي تم تجهيزها على الكومبيوتر بأناقة معقولة بحيث لا يلزمها إلا قص وضبط الحواف والتجليد الشفاف خوفاً عليها مما يمكن الخوف عليها منه!
قرأت اسم المركز فكان بدر الدين محمد الغزال ط1 أما عنوان المركز فهو باب شرقي شاغور جادة ال البيت!... سألت عن عنوان هذه المدرسة فلم يتمكن أحد من مساعدتي... باب شرقي أعرفها مع تحفظي على عبارة باب شرقي العامّية والصواب هو الباب الشرقي...الباب الشرقي لمدينة دمشق، أما الشاغور فهي منطقة واسعة وممتدة يعرفها الفرنسيون أيام الانتداب الفرنسي أكثر مني...وأما جادة ال البيت فلم أسمع بها من قبل مع تحفظي أيضاً على طريقة كتابة ال البيت فلقد تم وبشكل مسبق احترام مشاعرنا كعرب من قبل علماء شركة مايكروسوفت وتم تضمين المَدّة على الألف في برامج ويندوز العربية بكافة إصداراتها وبالتالي فان عبارة ال البيت تكتب هكذا آل البيت... وانطلقت للبحث عن مدرسة بدر الدين محمد الغزال ط1 في باب شرقي شاغور جادة ال البيت حيث قيل لي أن عليَّ الانطلاق من منطقة الباب الشرقي لمدينة دمشق والذهاب في الطريق الموصل إلى ساحة باب مصلى مع تحفظي أيضاً على التسمية لأنها بالعامّية ولا بد أنها باب المصلّى وتمشيط الحارات التي تقع على اليمين...فلا بد ان تقع هذه المدرسة في إحدى هذه الحارات...ولم أتمكن من دخول الحارة الأولى ولا الثانية بسبب إشارة ممنوع المرور فاخترت الثالثة فوجدتني في شارع الأمين وبالضبط قرب سوق الخضار في شارع الأمين وسألت فعرفت أن عليَّ العودة من حيث أتيت، فعدت وأخذت الحارة التالية فتبين أنها حارة التفافية توصل أيضاً إلى سوق الخضار في شارع الأمين حيث كيلو الجانرك حبّة فحلة بـ 150 ليرة سورية، وكيلو الكوسا بـ 75 وكيلو الخيار بـ 70 ونحن في عزّ الموسم وقد عَزّ الموسم في هذه المواسم العجاف ...وسألت عن المدرسة فلم يعرفها أحد فقررت العودة من حيث أتيت وسألت من جديد رجل يحمل حقيبة بيده اليمين وأوراق رسمية بيده اليسار ويضع نظّارة سميكة فتوقعت ان يكون استاذ مدرسة فكان توقعي في محله وأشار لي بيده أن اذهب إلى الأمام اذهب إلى الأمام فذهبت إلى الأمام... واتصلت زوجتي على الموبايل فقلت لها دون ان أعطيها الفرصة للتحدث بأي شيء: لم أعثر على المدرسة بعد، لم أعثر على المدرسة بعد، لا تتصلي فهناك شرطة، عندما أصل إلى هذه المدرسة سأتصل بك!
ومشيت إلى الأمام وتوقفت أمام مؤسسة أشار إلي رجل يقف في مدخلها أنه ممنوع الوقوف إذهب من هنا، فذهبت من هنا ودوماً إلى الأمام... وكدت أن أصل إلى ساحة باب المصلّى دون أن أعثر على مدرسة بدر الدين محمد الغزال ط1 ... ووقفت من جديد للسؤال ويبدو أنني اقتربت من الهدف فكان الجواب: هل ترى هذه المئذنة القريبة؟ فلت: نعم ...قال: هذه مئذنة جامع سعد بن أبي وقّاص، ادخل في الحارة التي تقع قبل هذا الجامع مباشرة ستجد شارع باتجاهين تتوسطه أحواض أزهار الدفلة الحمراء اللون "بالمناسبة هذه الأزهار شديدة السمِّية ولا يزرعها أحد على سبيل التزيين غيرنا" ... ستجد في الصدر مدرسة جدرانها من الاسمنت البني اللون وبابها أسود... اسأل هناك فهناك تجمع لمدارس عديدة ولا بد أن تكون مدرسة بدر الدين واحدة منها.
وذهبت ودخلت الحارة ووصلت إلى المدرسة وسألت فقيل لي: انعطف إلى اليسار وعليك المسير إلى نهاية الجدار الإسمنتي الذي يفصل كافة المدارس عن الشارع وعليك الانعطاف إلى اليمين والمسير مئة متر والانعطاف إلى اليسار وبعد خمسون متر ستجد مدرسة بدر الدين محمد الغزال في مواجهتك... ووصلت إلى المدرسة وانتابني شعور أميريكوس الذي اكتشف قارة أميركا ثم كريستوف كولومبوس، وبحثت عن الموبايل واتصلت بزوجتي وقلت لها: وجدتها وجدتها ...قالت: أين؟ قلت: في الباب الشرقي لمدينة دمشق منطقة الشاغور جادة آل البيت...قالت: وكم يلزمنا من الوقت للوصول إليها ؟... قلت من أين؟ ... قالت من بيتنا في جرمانا "شوباك؟؟؟" قلت: ما بني شي آسف طاش حجري بالبحبشة وبسؤال الناس... لا أعرف الوقت الذي سيلزمنا للوصول إليها لأن هذا يتوقف على الطريق الذي سنسلكه عند مغادرتنا لجرمانا بمعنى طريق المطار أم طريق الطبّالة أم طريق الكبَّاس ... وهل سنتمكن من الدخول إلى الحارات الموصلة إلى المدرسة بالسيارة أم أننا سنترك السيارة في الشارع الرئيسي ونقصد المدرسة سيراً على الأقدام (وهذا ما أتمناه في الظروف الراهنة) قالت: سأكون معك في كل الأحوال...لا تنسى أن تحضر عند انتهاء دوامي لتعيدني إلى البيت... لحظة لا تغلق الخط...هل أحضرت الأرضي شوكي؟ ... ولماذا الأرضي شوكي؟ ... أقراص الأرضي شوكي التي طلبتها منك صباح اليوم ويبدوا أنك كالعادة لم تكن معي...يجب وضع أقراص الأرضي شوكي تحت اليبرق حتى لا تحترق الطبخة ... فأغلقت الخط وقلت في نفسي رحم الله الفنان محمود جبر الذي لم ينل فرصته ولا حقه، صاحب المقولة المشهورة " الطبخة المبخة احترقت مرقت "
ومشيت إلى الأمام وعندي سؤال واحد إلى وزارة التربية وهو الآتي: مشان كافة الأنبياء والقديسين والرسل والحواريين والصالحين الذين وردت أسماؤهم في كافة الكتب المقدسة وعلى مر الأزمنة والدهور والعصور...لماذا تفرطعون أولادنا وتشلفونهم كل مجموعة في أرض وما هي الفائدة من هذه الفرطعة والقطش واللحوشة وما هي الحكمة من هذا العمل؟
ما هي الفائدة من هذه التنقلات ولأي سبب تفبركونها وتجهدون أنفسكم في اختراعها وتصميمها وتنفيذها وإلزام الدولة على تحمّل أعباؤها ودفع نفقاتها؟ وهل هذا تكتيك يتفوق على مداركنا... كل الأولاد يحبون مدارسهم والمدرسة التي يعرفها الطالب يحبها وتحبه ولا ترهبه بعكس المدرسة التي لا يعرفها والتي ترهبه بالتأكيد! ... فما الفائدة وما المصلحة من هذه التنقلات؟ ولماذا تصعِّبون الأمور على أولياء الأمور... ألم تكونوا أنتم من قبل أولياء أمور مثلنا؟... المدارس بالنسبة للامتحانات مدارس والمقاعد مقاعد والصفوف صفوف فلماذا لا نسلك الطريق الأسهل؟ ... إذا كنتم تخافون من أن يتهاون المراقبون العائدون للمدرسة مع طلاب نفس المدرسة في الامتحان وهذا منطقي جداً ومن حقّكم، فلماذا لا تنقلوا ملاك المدرسة من الأساتذة والمعلمات والمراقبين والمراقبات في فترات الفحص إلى مدارس أخرى ؟ ... ألا يعتبر هذا الإجراء أفضل بكثير من تشريد عشرات الألوف من الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم مراعاة لتكتيككم هذا الذي يتفوق على مداركنا؟ ...اتركوا الطلاب ليقدموا الامتحان في مدارسهم وغيروا طاقم الأساتذة والمعلمات والمراقبين والمراقبات العائدين لنفس المدرسة وافرزوهم إلى مدارس أخرى وغيروا صفوف التلاميذ في المدرسة الواحدة وهذا في متناول يدكم فكل هذا في النهاية ومن حيث النتيجة أهون علينا وعليكم والسلام عليكم.
آرا سوفاليان
arasouvalian@gmail.com
دمشق في 15 أيار 2012