الذنب
الذنب بتحريك النون ذيل فوق دبر الدابة بمؤخرتها يتأتى جذبها به رغم شرودها .
والعرب تقول ركب فلان ذنب الريح إذا سبق فلم يدرك ، وإذا رضي بحظ ناقص قيل ركب ذنب البعير ، واتبع ذنب أمر مدبر : يتحسر على ما فاته ، وذنب الرجل : أتباعه ، وأذناب الناس أتباعهم وسفلتهم في مقابل الرؤساء ، والذنوب : الفرس وافر الذنب وطويله ، ويوم ذنوب : طويل الشر لا ينقضي كأنه طويل الذنب ، والذنوب : الحظ والنصيب ، والذنوب : الدلو الملأى ، ولا يقال لها وهي فارغة ذنوبا
وعجبي من التراث كيف قصر عن دراية الفصل بين دلالة الذنب والإثم والسيئة والحوب وبين الظلم والفسق والإجرام والضلال والغضب ، مفردات أو كلمات في الكتاب المنزل يستحيل ترادفها وتفسير بعضها ببعض إلا لعبا كلعب الذين زعموا ترجمة القرآن إلى لسان غير العربي ، وقصر المفسرون كالمترجمين عن دراية أن لكل كلمة في الكتاب المنزل أكثر من دلالة ، ولن يتأتى تبيّن دلالة المغفرة وفرق ما بينها وبين التكفير قبل فقه معاني الذنب والإسراف والسيئة والإثم والبغي .
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن الذنب بإسكان النون هو قول أو عمل يخرج صاحبه من الأمن والسلم إلى استحقاق العقاب ، ولكأن المذنب كالذي ذنّب عمامته بإرخاء مؤخرتها كذنب الدابة ، وكان القرابة والرحم ذنابة بالكسر لأن لكل منهم عليك حقوقا لا سبيل عليه حين يتعلق بها .
ويعني قول موسى ﴿ ولهم عليّ ذنب فأخاف أن يقتلون ﴾ الشعراء ، أنه بقتله رجلا من قوم فرعون قد جعل لهم سبيلا عليه يعاقبونه بفعلته .
ويعني قول عزيز مصر ﴿ يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ﴾ مخاطبا امرأته أنها بمراودتها يوسف عن نفسه قد استحقت العقاب .
ويعني إقرار إخوة يوسف بالذنب اعترافهم باستحقاق العقاب على ما فعلوه بأخيهم .
ويعني قوله ﴿ وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ﴾ التكوير ، أن شرع اله لم يتضمن إذنا بوأد الأحياء ولقد كان من الذكر من الأولين أخذ الهت المكذبين قبل نزول القرآن بذنوبهم فدمّرهم تدميرا بعذاب ماحق مستأصل لم يبق منهم باقية كما في قوله ﴿ فكلا أخذنا بذنبه ﴾ العنكبوت ، ويعني أن تكذيب عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان بالآيات الخارقة هو ذنبهم الذي عاقبهم الهه به في الدنيا .
وكما في قوله ﴿ فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ﴾ الشمس ، ويعني أن التكذيب وعقر الناقة من ثمود هو ذنبهم الذي استحقوا به عقاب الدمدمة عليهم .
ومن المثاني معه وعد من الله في الآخرين هو لهم بالمرصاد كما في قوله :
ـ ﴿ أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ﴾ الأعراف
ـ ﴿ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم ﴾ الأنفال
وبينته في موادّ أصاب وأخذ وكاف التشبيه وغيرها .
ولقد تضمن تفصيل الكتاب المنزل أن ذنب التكذيب بالآيات الخارقة مع الرسل بها يستوجب العقاب عليه في الدنيا كالآخرة أما سائر الذنوب من المكلفين فإلى مشيئة الهد إن شاء غفرها وسترها على صاحبها فلم يعرضها عليه يوم الحساب وإن شاء فضحه بعرضها عليه فعاقبه بها ، وهكذا عظمت ذنوب النبيين في أعينهم فتراءت لهم أكبر من جهدهم واستحقاقهم فاستغفروا ربهم ليسترها بفضله فلا يعرضها عليهم يوم الحساب ، وبينته في مادة غفر .
مرتقى أهل القرآن العظيم - المشرف العام الحسن محمد ماديك • مشاهدة الموضوع - الذنب في معجم معاني كلمات القرآن