نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
لم تعد الدمية الخشبية «بينوكيو»، الذي يطول أنفه كلما كذب واستمر في الكذب، والتي يصدقها أطفال العالم، تخصهم وحدهم، حيث صارت هذه الظاهرة التي اكتسبت بعدًا أكثر واقعية ومصداقية تثير قلق الكبار وليس الصغار فقط! ذلك أن أغلب رجالنا تحولوا إلى «بينوكيو»، حسب رأي النساء- اللواتي لم يسلمن من لقب إناث ال«بينوكيو». فمن الأحق بأخذ اللقب؟


عندما كشف الدكتور آلان هيرش، من مؤسسة أبحاث الشم والتذوق في شيكاغو، أن الكذب يطلق هرمونًا يجعل الأنسجة الموجودة في الأنف محتقنة بالدم ومتورمة، أثار اكتشافه انتباه النساء، لكن هذا التضخم في الأنف لا يرى بالعين المجردة، بل يسبب حكة، تفضح الكاذب نفسه عندما يضطر إلى حك أنفه. وأي مراقبة لتصرفات الرجال الكاذبين تثبت صحة هذه الاستنتاجات! ولم تمتلك هدى عليان، موظفة في بنك، إلا أن تسترجع صورة زوجها، وقالت بصوت عالٍ: "هو كثير الكذب، ولكن سرعان ما أكتشفُ كذبه بين عينيه، فتتحركان ولا تثبتان، كان حولاً أصابه، وخاصة خلال تأخره عن البيت بعد منتصف الليل، فالمسألة لا تتعلق بالأنف فقط، وما دعاني للانتباه هو إصراره على إنكار كل استفساراتي".


ظاهرة يُفيد بها خبراء النفس والاجتماع الزوجات، وهي أن أغلب الأزواج عندما يكذبون يبتعدون عن زوجاتهم، يتعللون مثلاً بوضع الصحون في المطبخ، أو عندما يطفأون الأضواء، أو يغطون رؤوسهم، لكن جهاز المرأة الحسي يلتقط ويعمل على تحليل هذه المعلومات، كما أن قدرة عقلها على الانتقال السريع بين شقي الدماغ يجعلها أكثر قدرة على دمج وفك ثغرات المعاني اللفظية والمرئية، وغيرها من الإشارات، فالمرأة تستطيع تحديد الأكاذيب ولو على بعد أميال! وهذا ما يؤيده عبد الصمد حسنين، موظف حكومي، ويستغرب أكثر من خلال تجربته مع زوجته التي تكتشف الكذب على بعد أميال، حتى إنها قبل أن يكمل حديثه معها تقول: «كلامك مش صحيح» وتحضر له البراهين، وتكتشف الكذبة بسهولة، خاصة عندما تسأله: هل زرت أمك؟ فيقول: لا! يستدرك عبد الصمد بعصبية "كثرة أسئلتها تجعلني أجيب بنعم؛ لأنها لا تحب أمي كثيرًا، كرسي الاعتراف الذي تضعني عليه يجعلها تكشف تفاصيل وجهي وحركاتي بدقة".

أم سامي أيضًا، ربة بيت، تدرك من حركة عيني زوجها كذبه مهما كان متقنًا!

لا نكذب!

يقول الفيلسوف هنري فوجان: «المرأة الصادقة هي التي تكذب فقط في سنها، ووزنها، وراتب زوجها»، لهذا تبرر سمية المزروعي، موظفة، الكذب الأبيض للنساء "على ألا يتطور"! من قبيل «كنت مشغولة، نزلت للتو إلى درجات السلم»، هو كذب تبرره أيضًا فريدة عبد الله، موظفة في مؤسسة خاصة، ويحدث معها هذا عندما لا ترغب بالرد على الهاتف، وتتابع: «المجاملة الكاذبة من زوج لزوجة ليست جميلة. و(أنت أجمل زوجة) تقوي رابطة الحب بينهما".



لكن هاشم حمدان، موظف في مؤسسة مالية، لم يستوعب مسألة تبرير النساء الكذب الأبيض لأنفسهن، فهو متزوج منذ 12 سنة، كانت حياته سعيدة إلى أن بدأت زوجته، حسب قوله، بالسهر ليلاً أمام جهاز الكمبيوتر، يتابع هاشم «فجأة طلبت الانفصال، وأنها أصبحت تكرهني، وتكره العيش معي كزوجة، وتتسلل في الليل وتجلس إلى جهاز الكمبيوتر، وسألتها عما جرى، فقالت: لا شيء، واكتشفت أنها تكذب وتقول عكس ما تفعله"!


خرجاوي!

من أشهر الشخصيات العالمية المشهورة بالكذب والافتراء على الناس، شخص اسمه خرجاوي -من محافظة الخرج في السعودية، يُدعى عبد العزيز الدهمش -الملقب ب«أبو عضلتين» ولد سنة 1987 يوم 4 فبراير، هذا الفتى عُد المؤسس الحقيقي لما سُمي لاحقًا باتحاد الكذابين، ولشدة تأثيره في حياة الناس، وتخليدًا لكذبه، اعتبر ميلاده اليوم العالمي للكذب في بعض الدول، فمؤسس هذا اليوم رجل وليس امرأة، لكن رجل الأعمال عبد الله البحير يستنكر إلصاق تهمة الكذب بالرجل، فهو يستعمله للتوفيق بين طرفين، أو لتمرير شيء يعتبره خيرًا، ويشن الحرب على من يدعيها، فبرأيه أن النساء هن اللواتي يكذبن، ويتركز كذبهن في الإمارات على إخفاء شراء الحاجيات، أو الذهاب إلى عرس معين مع صديقة، أو ما شابه ذلك!



يوافقه الرأي فهد السيد شاعر، الذي لم يؤيد الدراسة، فبرأيه أن الرجال أصدق من النساء، لكنه يستدرك "الكذب منتشر بين الجنسين."

محمود الحوسني، موظف، يبرر كذب الرجال بأن النساء من يجبرنهم عليه بملاحقتهم بالأسئلة لمعرفة الحقيقة... «لماذا تأخرت؟ كنت مع من؟»، وقد بدا مستاء من هذه الأسئلة، التي تضع الرجل في قفص الاتهام وكأنه جاهز للعب من وراء الظهر دائمًا، ويعلّق "المرأة تتحمل كامل المسؤولية لكذب زوجها، معتقدة أنها بطريقتها ستصل إلى حل مع زوجها... وأعتقد أن الزوجات يكذبن أكثر من الأزواج".



معكرونة الأشجار!

في كتاب سلطة الكذب، ل«لوقيانوس» أو «لوكيانوس»، السوري، يدافع فيه الأخير عن كذب الرجال الأبيض، ويقول: حتى أوديسس كذب من أجل مصلحة أصدقائه في حرب طروادة، ويعلّق: «هيرودتس وحتى هوميروس رغم مقامهما في المجتمع إلا أن أكاذيبهما سحرت النساء»! لكن الدكتورة سليمة شراب، تراها تقليلاً من قيمة الزوجة، وأكثر أكاذيب الأزواج في الإمارات هي ادعاء ارتفاع سعر هدية يشترونها لها، وتبرر سليمة ذلك بتوافر المنتجات متقنة الصنع من أسواق آسيوية بأسعار رخيصة، وتتابع: «إحدى صديقاتي أهداها زوجها خاتمًا قال إن حجره ألماسٌ، ولم تكتشف كذبه إلا بعد سنوات؛ عندما أرادت إصلاحه في محل للمجوهرات»، المرأة المحبة، برأي سليمة، لا تتمكن من كشف كذب الرجل عندما تنبهر بالهدية وذوقه الرفيع فيها، وقد يتمكن من خداعها ببساطة.



غير أن روان السيد، طالبة جامعية، ترى أن أكاذيب الجيل الجديد من الشبان مكشوفة، في نغمة أصواتهم، وهيامهم الزائد، والهوائية في أحاديثهم، التي شبهتها ب«تفحيط السيارات»، وعندما يخبر صديقتها نور عبد الفتاح، طالبة هندسة، زميل لها قصة، تقطب جبينها ولا تراها واقعية، تراقبه؛ يمشي قليلاً، ثم يتوقف، وينظر إليها مستفسرًا عن موضوع مغاير، تتابع نور: «كان يدرك أنني لم أصدقه، وأراد أن يصرف انتباهي بمزيد من تركيب الكلام عن أحاديث أخرى، وحركات لا إرادية، وبما أن الكذب يجرّ الكذب، بدا استفساره الآخر وهميًّا، لم أفهم ما يريد، فسألته بسخرية: «ألن تخبرني لماذا تنمو المعكرونة على الأشجار؟ وأين تزرع الكوكاكولا؟ فاحمرّ وجهه وانسحب"!
https://www.facebook.com/#!/rima.kh.9