أساليب إبداعية في معالجة أخطاءالغير (1)
منير بن أحمد الخالدي

عرض لنا القرآن أساليب شتى في علاج كثير من أخطاء من نربي في مواقف مختلفة، وسأستعرض عدداً من الآيات مع التعليق على الموقف وكيفية العلاج ثم استنتاج بعض القواعد التي يمكن بواسطتها أن نختار الأسلوب الأنسب والأفضل والأقرب إلى حل المشكلة.
في سورة التحريم قال تعالى: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم (1) قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم (2) وإذ أسر النبي إلى" بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير (3)(التحريم).

سواء كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد حرم على نفسه مارية أو حرم على نفسه العسل بسبب بعض أزواجه، أتى التوجيه هنا بسؤال من المولى عز وجل.
تأمل لترى كيف كان التصحيح، سؤال: لم تفعل هذا؟ ثم توضيح سبب هذا الفعل تبتغي مرضات أزواجك وكان هذا كافياً لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم .
هل نجرب هذا الأسلوب مع الأشخاص الجيدين والذين يندر خطؤهم وهم على أتم استعداد للإصلاح.. أن نسألهم فقط: لم فعلتم هذا؟ دون أن ننتظر الجواب.. سؤال للاستنكار فقط وذكر سبب فعلهم.
ثم لننتقل إلى عتاب الله سبحانه لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فنلاحظ أن الخطاب أشد ويأتي التهديد بتركهن واستبدالهن بزوجات غيرهن.
عسى" ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا (5)(التحريم).
ولنقف وقفة متبصرة متعظة من الآيات التي وردت في غزوة أحد.. لنقف مع خطأ وقع به كرام الناس كاد أن يودي بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتسبب في هزيمة ظاهرة للمسلمين، بل تسبب في فقدهم لسبعين من الصحابة رضوان الله عليهم ثم التمثيل بحمزة بن عبدالمطلب، عم الرسول عليه الصلاة والسلام.
بدأ ذكر هذه الغزوة في سورة آل عمران: قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين 137 هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين 138. وبهذه الآيات الكريمات، وما بعدها في قصة "أحد" يعزّي تعالى عباده المؤمنين ويسليهم، ويخبرهم أنه مضى قبلهم أجيال وأمم، امتحنوا، وابتلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين، فلم يزالوا في مداولة ومجادلة، ثم بدأ سبحانه بتسلية للمؤمنين وأن المحنة التي أصابتهم أصابت غيرهم، يقول سبحانه:
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين 139 إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين 140 وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين 141 أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين 142 ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون 143(آل عمران).
نلخص الفوائد السابقة وأسلوب المعالجة:
مراعاة المشاعر والعواطف:حيث إنهم فجعوا بما حصل وبمن قتل من الصحابة، وأن الألم يصيبهم ويصيب أعداءهم ولكن هم علاقتهم بالله وصلتهم به أما الكافرون فصلتهم بالدنيا يوالونها ويعملون لأجلها.
إيضاح طريق الجنة: وأنه لابد من التمحيص ومعرفة الصابرين.
تذكيرهم بقصص السابقين: وما لاقوه وهذا تقوية لهم بأنه طريق سار فيه غيرهم من المؤمنين، ودرب لابد فيه من ألم الشوك ومدافعة أمواج الباطل العاتية للوصول إلى النصر.
أنه سبحانه معهم: بل الله مولاكم وهو خير الناصرين 150 سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين 151(آل عمران).
بعد ذلك ذكر الله سبحانه الخطأ الذي وقعوا به: ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى" إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين 152(آل عمران).
ولأضرب هنا مثلاً لمعالجة خطأ ابن لم يهتم بدروسه، فكانت نتيجته سيئة.. فالشيء الذي يفعله الوالدان مباشرة هو اللوم والعتاب، لكن إذا اتبعنا الأسلوب القرآني الناجح، فينبغي أولاً:
مراعاة نفسية الابن وأنه مستاء من هذه النتيجة، فلابد من مواساته والاهتمام بمشاعره.
ثم توضيح أن طريق النجاح مليء بالمتاعب.
تذكيره بمواقف إخفاق مشابهة وقع بها آخرون صححوا أخطاءهم بعد ذلك.
أن الله معه إن توكل عليه.
تذكيره بعد فترة بخطئه بأسلوب يجعله يتق هذا التقصير.

مجلة المجتمع
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail...sItemID=212518