باقر جاسم محمد
أستاذ جامعي




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


نزع الميثولوجيا عن اللسانيات الاجتماعية:لم لا تعكس اللغة المجتمع؟

ديبورا كاميرون
Deborah Cameron
ترجمة: باقر جاسم محمد
1. مـقدمـة
كما لاحظ روي هاريس، الذي استعرت منه فكرة ’ نزع الميثولوجيا‘( demythologizing) فإن هذا المفهوم:
يشمل أي مفهوم للغة، و هو ما يكون في أغلب الأحيان مدركا ً بسهولة و جلاء، في قبول أو رفض ما يتطلب تفسيرا ً حول الطرق التي تعمل من خلالها اللغات. و يعني هذا أن أي مفهوم للغة لا يمكن أن يقف معزولا ً في أرض عقلانية لا تخص إنسان بعينه. فهي بالضرورة جزء من مُجـَمَع أكثر تعقيدا ً لوجهات النظر حول كيفية اشتراك فعاليات لفظية محددة مع الفعاليات الإنسانية الأخرى، و من ثم َّ ، و أساسيا ً، حول منزلة الإنسان في المجتمع و الطبيعة.
( هاريس 1980: 54)
يمثل عمل هاريس محاولة لاستكشاف ’ المُـجَـمَع الأكثر تعقيدا ً لوجهات النظر‘ الذي يُعدُّ أُساس التراث الغربي في دراسة اللغة. فهو يشخص ما يسميه ’ أسطورة لغة ‘( هاريس 1981): مجموعة افتراضات مسلم بها حول طبيعة و آلية اشتغال اللغة، و هي افتراضات تتبعها، تلقائيا ً، أسئلة، و بالمقابل تؤدي إلى أجوبة من نوع محدد. مثلا ً إذا قبل المرء فكرة لوك Locke بشأن الاتصال من خلال اللغة بوصفها نوعا ً من التواصل عن بعد telementation، وهو تحويل الرسائل من عقل إلى آخر، فإن السؤال الواضح هو’ كيف يمكن لهذا الأمر أن ينجز؟‘ و الجواب الطبيعي هو لنمذجة اللغة بوصفها ’ شفرة ثابتة‘ مستقرة في عقل كل متكلم.
و يكمن مشروع هاريس ’ لنزع الميثولوجيا‘ عن اللسانيات أساسا ً في جعل الفرضيات الخفية التي تشكل أساس النموذج اللساني ظاهرة ً، مبينا ً أنها تركيبات تاريخية ( أكثر من كونها حقائق ثابتة حددتها طبيعة اللغة نفسها)، و إخضاعها للفحص النقدي المدقق. و باعتماده مفهوما ً مختلفا ً للغة، يشير هاريس إلى أننا سنسلم أنفسنا لا محالة إلى طرح أسئلة مختلفة تماما ً و اقتراح أجوبة أخرى. و من وجهة نظر هاريس، فإن هذا هو ما ينبغي أن تفعله اللسانيات؛ و لكن ربما ينبغي على أن أضيف بأنه لا يتعين علينا أن نتـفق دونما تحفظ مع رفض هاريس للمعتقدات اللسانية التقليدية الحالية حتى يتسنى لنا أن نقبل طريقته النقدية بوصفها أداة موثوقة و مفيدة في التفكير و التأمل حول مهنتنا.
في هذا الفصل، أريد أن أفكر مليا ً حول الممارسة في اللسانيات الاجتماعية( و أقصد بها، تقريبا ً، المثال التغايري أو الكمِّي paradigm variationist or quantitive ، ذلك المثال المرتبط بعمل لابوف Labov ؛ و أما مسألة ما إذا كان هذا تعريفا ً ضيقا ً على نحو غير معقول لمصطلح ’ اللسانيات الاجتماعية‘ فهو سؤال سأعود إليه لاحقا ً).و بروح نزع الميثولوجيا سأسأل ما هي الفرضيات حول اللغة التي تشكل الأساس للعمل في المثال الكمِّي، و لماذا أنفق اللسانيون الاجتماعيون جهودهم في هذه الفرضيات و ما إذا كانت مفيدة أو حتى يمكن الدفاع عنها. و سأجادل بأن على اللسانيات الاجتماعية أن تتحرك إلى الأمام، أو أن تدرك على نحو شامل حقا ً أهدافـَها السائدة، فهي ستحتاج إلى أن تحول وجهات نظرها حول ’ كيفية اشتراك فعاليات لفظية محددة مع الفعاليات الإنسانية الأخرى‘ – و هي حركة ربما يكون على نتائجها المنطقية أن تبرهن أنها ذات أثر جوهري تماما ً على منهجية اللسانيات الاجتماعية و نظريتها.
دعني أقل مباشرة أنني لا أرغب في إنكار قيمة المثال الكمـِّي. في الحقيقة، هنالك تهكم في محاولتي نزع الميثولوجيا عن اللسانيات الاجتماعية، لأن اللسانيات الاجتماعية نفسها كانت قد فـُهـِمـَت على أنها ممارسة نازعة للميثولوجيا. و الاسم الذي منحه لابوف إياها مرة- ’ اللسانيات العلمانية‘- يوحي ضمنا ً برغبة واعية لتحدي العقائد اللسانية المقدسة.
و المذهب الذي كان لابوف أكثر اهتماما ً بمنازلته هو ذلك الذي يتعلق ب ’ المتكلم- السامع المثالي في جماعة كلامية متجانسة‘( أنا أستعمل صيغة تشومسكي المألوفة، و لكن النقطة الأساسية القائلة بأن على اللسانيات أن تعطي شكلا ً مثاليا ً لهدفها حتى تتمكن من وصفه ترجع زمنيا ً إلى الوراء عبر النموذج البنيوي و حتى سوسور). فضح لابوف زيف هذا الزعم بوصفه أسطورة ً من خلال إظهار أن اللغة ليست متجانسة، سواء على مستوى الجماعة الكلامية أو على مستوى النحو الفردي. و الأصوب، هو أنها ’ قابلية تغاير مبنينة‘. و كلمة ’ مبنينة ‘ structured مهمة هنا: إنها تعني أن التغاير الموجود في اللغة ليس مسألة تغييرات ’ حرة ‘ أو عشوائية ( و هي التغييرات التي أدركها التيار الأساسي من اللسانيين و لكن أقصاها عن التفكير والدراسة على أساس أنها كانت سطحية، و بهذا فهي ليست جديرة بالاهتمام، و عصية على النمذجة الحسنة) و لكن، و على العكس ، هي نظامية و متكيفة اجتماعيا ً. و قد أوضع عمل لابوف أن التغاير يمكن أن يُصاغ في نموذج، و أن تحليل التغاير يزودنا بالاستبصار في آلية تغير اللغة. و صفوة القول، يجادل لابوف على نحو مُـقـْـنِع أن قبول أسطورة المتكلم- السامع المثالي في جماعة كلامية متجانسة لم يكن عرضا ً لعدد قليل من أنماط الشذوذ السطحية فحسب ، و لكن الأصح كان فقدانا ً لخصيصة أساسية من خصائص اللغة.
بوساطة الإصرار على أهمية التغاير heterogeneity، و تطوير طرق لتحليله، أوضحت اللسانيات الاجتماعية مسائل ذات أهمية نظرية حقيقية من النوع الذي لم توجه لها الأمثـلة الموجودة اهتماما ً بأية طريقة مبنية على أسس علمية. و مثل كل الأساطير، أبرزت أسطورة التجانس المثالي بعض الأشياء، و جعلتها أكثر سهولة ’ للفهم‘، و في الوقت عينه كانت تخفض من قيمة أشياء أخرى( مثل الاختلاف و التغير) جاعلة منها منعزلة و مستغلقة على الفهم. ربما يستحق عمل لابوف عن جدارة أن يسمى ’ نازع للميثولوجيا ‘ لأنه حدد هذه المسألة، و بدأ مهمة جلب ما كان نائيا ً إلى دائرة الضوء. و لكن المنهج الذي أسسه لم يكن بدون أساطير و نقاط عمياء خاصة به. من المؤكد أن اللسانيات الاجتماعية قد أوضحت بعض وجوه اللغة في المجتمع. و لكن وجوها ً أخرى بقيت مغلفة بالأسرار، و الأسئلة الحاسمة لم تجد إجابات، أو حتى لم تطرح أصلا ً.
ما هي هذه الأسئلة الحاسمة؟ باختصار شديد، إنها تهتم بالأسباب المتعلقة بمسألة لماذا يتصرف الناس لسانيا ً بالكيفية التي وجدناهم عليها في دراسة إثـْرَ أخرى. و لا تزودنا اللسانيات الاجتماعية بأي شيء يمثل تفسيرا ً مُـرْضيا ً. فالشرح الذي يُعطى عادة- أو، و هو الأسوأ، يُـفترض مسبقا ً- في المثال الكمِّي هو نسخة ما من الافتراض بأن ’ اللغة تعكس المجتمع‘. و على هذه الصورة، توجد هنالك فئات، و بنيات، و تقسيمات، و مواقف و هويات اجتماعية، وهي التي تـُميَّـز أو تـُرسَـل أو يُـعبـَّر عنها في استعمال اللغة. و بإقامة علاقات مشتركة بين قوالب التغاير اللساني مع المقومات الاجتماعية و السكانية هذه، نكون قد أُعطينا توضيحا ً كافيا ً لهما. ( و قد يستكمل التوضيح بأفكار وظيفية فجة- كالقول إن المتكلمين ’يستعملون‘ اللغة ليعبروا عن هويتهم الاجتماعية مثلا ً- أو بنموذج model أقل فجاجة على نحو طفيف بلغة ’ معايير‘ المجموعة في كل ٍ من المستويين الكبير الشامل macro و المصغر الدقيق micro.)1
هناك أمران يثران المشكلات حول هذا النوع من التوضيح. المشكلة الأولى هي اعتماده على نظرية اجتماعية ساذجة و تبسيطية. فالمفاهيم من مثل’ معيار‘ و ’ هوية‘ و هلم جرا، و النماذج الاجتماعية للبنى / التقسيمات مثل الطبقة، الصفة الأثنية، و الجنس كما تعبر عنه اللغة gender تـُستعمل بوصفها خط- أساس على الرغم من كونها تبقى في حاجة للتوضيح نفسها. ثانيا ً، هناك مشكلة كيفية ترابط العلاقات بين ما هو اجتماعي و ما هو لساني( مهما كانت الصورة التي نفهم بها ما هو اجتماعي). فالتوضيح القائل بأن’ اللغة تعكس المجتمع‘ ينطوي ضمنيا ً أن البنى الاجتماعية توجد علة النحو ما قبل اللغة، التي ’ تعكس‘ أو ’ تعبر‘ فقط عن التصنيفات الأكثر جوهرية لما هو اجتماعية. و أنه لأمر مثير للجدل على أية حال، فإن ما نحتاجه هو نموذج أبعد و أكثر تعقيدا ً، نموذج يعالج اللغة على أنها جزء من ’ما هو اجتماعي‘، متفاعلا ً مع صيغ السلوك الأخرى و هو على الدرجة نفسها من الأهمية تماما ً.
و قبل أن أعود إلى هذه المشكلات بتفصيل أكبر، من الضروري أن أسأل لماذا قد أصبحت اللسانيات الاجتماعية واقعة في شراكها- لماذا اسْتـُثمر المثال الكمِّي في الفكرة الكلية ل’ اللغة عاكسة للمجتمع‘؟ و هذا يعود بنا إلى السؤال: ما هي اللسانيات الاجتماعية، و كيف يمكن أن يُعرَّفَ الحقلُ؟

2. ’ لسانيات اجتماعية و لسانيات اجتماعية‘: صعود و صعود المثال الكمِّي
كما أشرت أعلاه، لجعل اللسانيات الاجتماعية مرادفة للمثال الكمِّي عند لابوف هو التماس للسؤال. فهناك المناهج لأخرى لدراسة اللغة في المجتمع( من مثل أثنوعرافيا التكلم، تحليل الخطاب، علم اجتماع اللغة) التي لها بالتأكيد بعض الادعاء بحق حمل عنوان’ اللسانيات الاجتماعية‘ إلى درجة أنه يمكن أن يُـفسَرَ تعريفي على أنه ضيق و محدود دونما ضرورة لذلك، ناهيك عن القول بأنه متحيز.
بالنسبة للنقد القائل بضيق التعريف و انحيازه، قد أرُدُّ بالتوكيد أن تعريفي للسانيات الاجتماعية يعكس واقعا ً تاريخيا ً( و أكاديميا ً- سياسيا ً): فخلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، فرض المثال الكمِّي بنجاح مزاعمه ليحوز مكانة مركزية و مهيمنة في اللغة و دراسات المجتمع، بحيث أنه بدا الأمر لأغلب الناس في الحقل العلمي( و بخاصة بالنسبة لأغلب اللسانيين في الحقل) أن اللسانيات الاجتماعية تعني، في حقيقة الأمر أساسا ً إن لم يكن حصرا ً،’ اللسانيات الاجتماعية الكمِّية عند لابوف‘. و أثر هذا الانتقال، بالنسبة لنا يجب أن ننظر إليه على أنه انتقال، و هو لإسباغ نوع من المنهج على التغاير اللساني و حتى لأسطرته to methologize.
إنه لأمر مُـستنيرٌ أن ننظر إلى ما حدث في الحقل العلمي المعروف ب’ علم اجتماع اللغة‘. و اليوم يفترض البعض أحيانا أن هذا لم يكن لـه وجود على الإطلاق كحقل بحث منفصل- فهو مجرد صورة اصطلاحية مختلفة للسانيات الاجتماعية- لأنه مطروح جانبا ً من خلال إجماع شائع. و لكن نظرة إلى الأدبيات ذات العلاقة تدمغ هذه الفكرة بالكذب. فجوشوا فشمان، مثلآ ً، وهو أحد قادة المشتغلين في علم اجتماع اللغة في الستينيات و أوائل السبعينيات، وضع تمييزا ً بين المنهجين( فشمان 1968: 6). فهو يفهم اللسانيات الاجتماعية على أنها نوع من اللسانيات، طريقة لدراسة اللغة؛ و علم اجتماع اللغة بالمقارنة لا يحتاج إلى أن ينجزه ناس قد تدربوا و تمرسوا في اللسانيات و هو سيتخذ من مشكلات المجتمع و النظرية الاجتماعية نقطة بداية.
و بقدر ما يُـؤكـَدُ بالدليل أيما تمييز، يبدو أن الأمر قد صار مسألة تكييف للمحتوى أكثر من كونه تكييفا ً نظريا ً. يشغل علم اجتماع اللغة نفسه بأسئلة اللغة في مداها الاجتماعي الأكبر(اختيار اللغة و تخطيطها مثلا ً) بينما تتناول اللسانيات الاجتماعية التحليلات الصغرى للتغاير( من أجل تعبير جلى عن هذا التأثير، أنظرهودسن 1980: 5؛ و من أجل نص معاصر ( و نادر) لعلم اجتماع اللغة، أنظر فاسولد 1984, الذي برغم ذلك قد وضع لـه عنوان اللسانيات الاجتماعية للمجتمع- ربما لأن المصطلح ’ علم اجتماع اللغة‘ لم يعد يبيع كتبا ً للسانيين؟). و قد نظر فشمان إلى هذا التطور بازدراء جدير بالاعتبار. و في عرض لكتاب فاسولد 1984( فشمان 1986) هاجم التمييز المبني على أساس المحتوى على أنه مؤسس بصورة مغلوطة على نحو متأصل و انتقد فاسولد لأنه أعطى اهتماما ً غير كاف ٍ للنظرية الاجتماعية بحد ذاتها. و لكن ما يوضحه كل هذا هو أنه، و بمعزل عن بعض الأصوات المخالفة مثل فشمان، هنالك تحول و انتقال في الإجماع حول ما يؤلف بالمعنى الضيق للكلمة دراسة اللغة في المجتمع، إنه تحول بعيدا ً عما هو اجتماعي و باتجاه ما هو لساني أكثر نقاء ً.
و إذا ما كانت هناك حاجة لدليل إضافي، فإن بإمكان المرء أن يشير إلى أي عدد من الكتب المدرسية التي كتبها مؤلفون لهم تأثيرهم، تلك الكتب التي جرى فيها التوكيد بقوة على أسبقية القضايا اللسانية على القضايا الاجتماعية( هودسن 1980؛ ترودجل 1978 و 1983). و في مقال تمهيدي فيه شيء من الشذوذ في العنوان يُسمَّى ’ اللسانيات الاجتماعية و اللسانيات الاجتماعية‘، يصوغ ترودجل فكرته لما يسميه’ اللسانيات الحقيقية‘ في المصطلحات الآتية: ’ كل العمل في هذه الفئة...يراد منه أن يسعى في نهاية المطاف إلى تحسين النظرية اللسانية و تطوير فهمنا لطبيعة اللغة... و من المؤكد أنه ليس " اللسانيات بوصفها علما ً اجتماعيا ً"‘( 1978: 3).
و الآن ليس هنالك بالطبع من خطأ في محاولة تحسين النظرية اللسانية أو فهمنا لطبيعة اللغة؛ و أيضا ً من الصحيح تماما ً أن اللسانيات الاجتماعية التي نصح بها ترودجل قد ساعدت في إحراز تقدم( أنظر أعلاه). و لكن المرء قد يسأل: لماذا هذا الترتيب المواظب للحدود الصارمة؟ ما هو موضوع المراهنة في الإنكار التوكيدي ل’ اللسانيات بوصفها علما ً اجتماعيا ً‘؟ و هل أن موقف ترودجل قد حُـفـِّزَ جيدا ً بلغة الأهداف الشاملة للسانيات الاجتماعية، أم أنه مُـقررٌ وفقا ً لاعتبارات مختلفة نوعا ً ما؟
من وجهة نظري، أن ما يقولـه ترودجل( و الرجل نموذجي إلى حد كاف) يمكن أن يُـفسَرَ بوصفه جزءا ً من اهتمام قابل للفهم بالاحترام و النفوذ الأكاديميين للسانيات الاجتماعية. و قد يرغب كثير من علماء اللسانيات الاجتماعية في إدعاء ذلك النمط من الاحترام و النفوذ الذي حققه الاتجاه السائد للسانيات عبر السنوات الخمس و العشرين الأخيرة؛ و بالعكس قد يرغبون بالنأي بأنفسهم عن المكانة المشكوك فيها لعلم الاجتماع المعاصر. يعتمد الاحترام و النفوذ الأكاديميين على عوامل مختلفة، و لكن أحدها هو المنزلة العلمية: فالحقل العلمي الذي يتمتع بالاحترام و النفوذ سيُـعنى بالحصول على الخصائص المرتبطة بالعلم ( مهما كان خاطئا ً)من مثل الصرامة النظرية و المنهجية، و ’ الموضوعية‘، و التجريد و هلم جرا. و واحدة من منجزات ما سُميَ بثورة تشومسكي قد كان لتكريس هذا النمط من المنزلة للسانيات على نحو يتسم بنجاح أكبر من النماذج السابقة أو البديلة. و من العجيب، إذن، أن اللسانيات الاجتماعية ينبغي لها أن تركز على ’اللسانيات‘ من أجل الإقصاء الافتراضي لما هو ’اجتماعي‘.
و مما لـه علاقة بالموضوع أيضا ً ، على أية حال، إن أغلب من ينتسبون إلى الاتجاه السائد من اللسانيين كانوا نزاعين إلى الشك بخصوص مطالبة ’ اللسانيين الاجتماعيين‘ مشاركتهم مجدهم. فاللسانيات الاجتماعية من بعض النواحي هي ’ علاقة ضئيلة‘؛ ففي المناهج الدراسية الجامعية المقبولة، تكون اللسانيات الاجتماعية ثانوية أو اختيارية حيث يكون الاتجاه السائد للنحو هو ’ لب‘ المعرفة، بينما في لغة الاحترام و النفوذ العلميين قد جرى إزاحتها جانبا ً بوصفها مجرد ’ جمع فراشات‘2. لذلك يجد اللسانيون الاجتماعيون أنفسهم في مكان حيث ينبغي عليهم أن ’ يبرهنوا‘ على موثوقية ما يفعلون لزملائهم الأكاديميين في الاتجاه السائد؛ و هذا مرة أخرى يشجعهم على أن يكونوا ’ صارمين‘ و ’ موضوعيين‘ ما أمكنهم ذلك ( مثلا ً، أن يعمدوا إلى استعمال التقنيات الإحصائية بشكل مكثف)، و الأمر الأكثر أهمية هو أن يسمحوا للسانيات بوضع جدول الأولويات للبحث.

إن المشكلة القائمة مع التركيز على ما هو لساني محض و تحاشي المداخل المدموغة تحت لقب ’ العلم الاجتماعي‘ هي أن اللسانيات الاجتماعية، بأية طريقة تحاول أن تـعُرِّفها، تظلُّ دراسة للغة في المجتمع. و لا يمكن وصف التغاير اللساني على نحو معقول بدون الإشارة إلى تكيفه الاجتماعي؛ و إذا ما كان على اللسانيات الاجتماعية أن تتـقدم من الوصف إلى التفسير( كما يجب عليها أن تفعل ما لم تكن تريد أن تكون عرضة للهجوم و لتجديد الاتهامات لها بأنها نوع من ’ جمع فراشات‘) فإن من الواضح أنها بحاجة إلى نظرية تربط ’ ما هو اللساني‘ و ’ ما هو الاجتماعي‘. إذ بدون نظرية اجتماعية مصوغة على نحو مُرْض ٍ، لذا، و بما يتجاوز ذلك تفسير مصوغ على نحو مُرض ٍ للعلاقة بين المجالين الاجتماعي و اللساني، ستنتهي اللسانيات الاجتماعية لا محالة إلى أن تجنح في النهاية إلى أن تكون فجوة تفسيرية.
بمواجهة مشكلة تفسير التغاير، و بغياب نظرية محكمة فكريا ً لعلاقة اللغة و المجتمع، تميل اللسانيات الاجتماعية إلى أن ترتد إلى عدد من الافتراضات غير المُرضية: فهم قد ينكرون أن يكون هناك أي شيء ضروري لتفسير التغاير سوى الترابطات الإحصائية ، و هم قد يقدمون نظريات اجتماعية وضعت خصيصا ً لهذا الغرض من هذا النوع أو ذاك، أو قد يفعلون الأمرين معا ً. دعنا ننظر و نمحص عن قرب الطريقة التي اعتمدت فيها هذه الافتراضات في الممارسة، و مدى كفايتها بوصفها استراتيجيات تفسيرية من نواح ٍ أخر.

3. التفسير و حدود التكميم: المغالطة الترابطية
في المثال الكمِّي، تـستعمل الترابطات الإحصائية لإقامة علاقة درجات التكرار في المتغيرات اللسانية مع مقومات ليست لسانية هي في آن واحد ديموغرافية( الطبقة class, و الصفة العرقية ethnicity, و الجنس gender, و العمر age، و المحلية locality, و بنية المجموعة group structure) و أخرى سياقية ( الموضوع topic، و الإطار setting, و مستوى الشكلية level of formality ). فمثلا ً، من المعروف تماما ً إن ارتفاع تكرار متغيرات الهيبة و المكانة الاجتماعيين، من مثل الصوت [r] الذي يرد مباشرة بعد صوت علة في مدينة نيويورك، يترابط على نحو دال مع المكانة الاجتماعية و مستويات الشكلية المتصاعدة. و يُسمَّى مثل هذا النوع من الانتظام ’ قالبا ً لسانيا ً اجتماعيا ً‘.
القوالب اللسانية الاجتماعية هي أساسا ً عبارات وصفية حول توزيع متغيرات بعينها في الجماعة الكلامية. و يبقى السؤال كيف نفسر ذلك التوزيع. كما لاحظ براون و ليفنسن(1987) فإن من المألوف أن يُـؤخذ الترابط على أنه الغاية النهائية للتوضيح. و على هذا النحو، يمكن أن يُـزعَـمَ أن ما أسجله من نقاط في المتغير [r] يمكن أن يُـفسَّرَ بواقع أنني أعود إلى فئة اجتماعية محددة- قل، امرأة من الطبقة العاملة من أصل إيطالي في الخمسين من العمر زائدا ً أنني أعيش في مدينة نيويورك- و أنا أتحدث في سياق بعينه، قل مقابلة حوارية مع باحث لساني. و يعمل المتغير(r) على أنه ما يسمِّيه شيرر و جايلز(1979)’ مؤشرا ً اجتماعيا ً‘. و هذا التفسير يستند على نحو صريح برمته على الملاحظة أن ’ اللغة تعكس المجتمع‘: و سأشير إليها بوصفها ’المغالطة الترابطية‘ the correlational fallacy.
لماذا هي مغالطة؟ لأن ما يُـفهَم ُ من هذا التفسير لا يوضح في واقع الأمر أي شيء. إن شخصا ً ما يشترك في نوع التوضيح أعلاه قد أساء فهم ما يعنيه[ ذلك التوضيح] لتفسير شيء ما. فالمرء لا يفسر تعميما ً وصفيا ً( مثل القول’ بأن , الإناث الإيطاليات من سكان نيويورك و من الطبقة الاجتماعية العاملة قد حققن في مقابلة رسمية معدل استعمال للصوت(r) هو ن%‘) بمجرد إعادة تقريره كله مرة أخرى. و الأصح هو أن المرء ملزم لأن يسأل استنادا ً إلى ما قد يقبله الترابط. و أي توضيح لا يستمر حتى يكمل هذه الخطوة الإضافية واقع في المغالطة الترابطية.
و إنها لمسألة في صلب الموضوع تماما ً أنه حيث تكون الخطوة الإضافية ضرورية يكون من المحتمل وضع النظريات الاجتماعية المنشأة لهذا الغرض الخاص موضع التنفيذ. و قد يؤكد اللساني الاجتماعي، مثلا ً، أنه باستعمال معدل ن% من الصوت(r)، بأن الإناث الإيطاليات من سكان نيويورك و من الطبقة الاجتماعية العاملة يعبرن عن هويتهن بوصفهن إناثا ً إيطاليات ٍ من سكان نيويورك و من الطبقة الاجتماعية العاملة؛ أو أنهن يتقيدن بمعايير مجموعتهن النظيرة، و ربما ( كما في حالة المقابلة الرسمية) بمعايير المجتمع الأكبر التي تملي عليهن كلاما ً أكثر فصاحة في مناسبات محددة.
هنالك صعوبات متنوعة مع هذه الإيحاءات، و ليس جميعها مما يمكن أن يُناقـَش هنا بالتفصيل الذي تستحقه، و لكن يمكن في الأقل أن يوضع مخطط أولي لمشكلات محددة. خذ ، مثلا ً، فكرة المتكلمين المعبرين عن هوية اجتماعية. إنها عملة شائعة بين اللسانيين الاجتماعيين، و لكن المُنـَظـِّر الاجتماعي قد يطرح حولها بعض الأسئلة المربكة: هل ’ يمتلك‘ الناس حقا ً مثل هذه الهويات الثابتة المُجَسـِدة لوحدة و تناغم كلي، تلك الوحدة التي يعبر سلوكهم عنها باستمرار؟ و الأكثر من ذلك، هل من الصحيح أن نفهم استعمال اللغة على أنه يعبر عن هوية منفصلة عن اللغة و سابقة لها؟ و لطرح القضية على نحو أقل غموضا ً، أليست الحالة هي أن الطريقة التي أستعمل بها اللغة هي جزئيا ً مكون أساسي من مكونات هويتي الاجتماعية؟ و لتـقديم ما قاله هارولد جارفنكل بألفاظ مختلفة، فإن الممثلين الاجتماعيين لا يشكلون ’معلومات‘ لسانية اجتماعية مستقاة من مصدر موثوق. إن الطريقة التي يبنون بها الهوية وينجزونها تحتاج إلى التمحيص بشيء من العمق قبل أن نستطيع قول الكثير حول علاقة اللغة بالهوية.
المقترح بأن استعمال الناس للغة يعكس معايير الجماعة هو اقتراح أكثر فائدة؛ إنه يُـقِـرُ بأن السلوك البشري يحتاج إلى أن يفسر ليس بلغة الأسباب و النتائج الثابتة و لكن بلغة وجود المعاني الاجتماعية، التي في ضوئها يتصرف الناس لتوليد أو لتدمير نظام الأشياء. و لسوء الحظ فإن شرح المعيارية normativity التي ينبغي أن توجد في اللسانيات الاجتماعية كان لافتا ً في غرابته و هو قطعي حد التطرف ( و هو زعم سيجري توضيحه في أدناه). و هنالك أيضا ً مسألة من أين ’جاءت‘ المعايير اللسانية و كيف ’ارتدت مسوح‘ المتكلمين الأفراد - و هي مشكلة غدت الأكثر حدة حينما، كما هو الحال غالبا ً، كانت المعايير المزعومة هي إطرادات إحصائية على هذه الدرجة من التجريد و التعقيد حتى أنه لم يكن بإمكان أي متكلم فرد أن ينطق بها إما لنفسه أو لأي عضو آخر من أعضاء الجماعة الكلامية. و هكذا مرة أخرى، تحتاج قضية المعايير معالجة أقل خصوصية و أكثر حنكة مما لديها حول كل ما تلقته من اللسانيين الاجتماعيين.
إن الكثير من المشكلات التي أشرت إليها هنا قد حظيت بعناية سوزان رَومـَين في مقالة عنوانها ’ مكانة النماذج التوضيحية و التقسيمات الاجتماعية في تفسير التغاير اللساني‘، و هي المقالة التي تصمد في موقفها كونها متهمة بالمغالطة الترابطية في اللسانيات الاجتماعية ( رومَـين 1984). في مقالتها، تورد رَومَـين أربع دراسات منتقاة في النموذج الكمِّي ( لابوف 1963؛ جال 1979؛ ميلروي 1980؛ و رُسِـل 1982) وتحدد رابطا ً يجمع بينها: إنها جميعا ً تفسر التغاير و التغيير اللسانيين بلغة بنية المجموعة و عضويتها. فالمجموعات المشدودة الأواصر ( تقنيا ً، الشبكات المتعددة الكثيفة) تـُعلي من منزلة المحافظة على اللغة بينما الروابط غير الثابتة تسمح بالتغيير اللساني.
و إيراد مثال توضيحي قد يزيد هذا وضوحا ً. قامت ليزلي ميلروي بتصميم ما أسمته ’ مقياس قوة الشبكة‘’ network strength scale ‘ لقياس تكامل أولئك الذين كانوا مقدمي المعلومات اللغوية من أهل بلفاست في مجموعتهم المناظرة. و قد سجلت النقاط لأشياء مثل امتلاك روابط قرابة قوية في الجوار؛ و العمل في المكان نفسه الذي يعمل فيه جيرانك؛ و قضاء وقت الفراغ مع زملاء العمل، و هلم جرا. رُتِبَ الأفراد بين درجتي الصفر و 5 لشبكة القوة، و وجـِدَ أن المعدلات المسجلة العالية تترابط إيجابيا ً مع استعمال الصيغ الوطنية العامية المحددة. فالناس الذين هم أقل تكاملا ً – مثلا ً لأنهم قد أعيد إسكانهم، أو لأنهم من الذين استخدموا خارج المنطقة المجاورة حيث كانوا يسكنون، أو من الذين لا عمل لهم البتة – استعملوا مقومات أقل من تلك الصيغ اللهجية المحلية. و هذا جعل ميلروي تستنتج بأن الناس في عرضها العام هذا قد تصرفوا لسانيا ً على هذا النحو بسبب من التأثير المعياري لمجموعتهم. و ما سجلوه من نقاط حول الاختلافات اللسانية قد حدده مقدار ما كان عليه تأثير المجموعة المناظرة من قوة أو ضعف. فالمجموعات ذات الترابط المتماسك حيث يقضي الناس كثيرا ً من الوقت مع بعضهم بعضا ً( و وقتا ً أقل مع أي شخص آخر) هي مجموعات ذات آليات إلزام معياري فعال efficient norm-enforcing mechansim – و من هنا الاستنتاج بأنها ترتقي بالمحافظة على اللهجة المحلية التقليدية أكثر من السماح للتنويعات المستحدثة بأن تنسل إلى الداخل.
كل هذا يبدوا واضحا ً على نحو كاف ٍ، و لكن كما تتحرى رَومَين، ما هو نوع التفسير هذا؟ فالشبكة الاجتماعية نوع من البناء النظري الذي لن يتمكن إذن من جعل المتكلم الفرد يفعل أي شيء. و مع ذلك، إذا أقصينا فكرة قدرة الشبكة على الإلزام بمعايير لسانية ، فإن كل ما سيكون لدينا هو ترابطات إحصائية. و حول هذه تعلق رَومَين قائلة: ’ الترابطات المشاهدة بين اللغة و عضوية المجموعة لا تخبرنا بأي شيء ما لم تنسجم مع نظرية ما أكثر عمومية‘ ( 1984: 37).
ما هي كينونة هذه النظرية الأكثر عمومية؟ من الواضح أنها تحتاج إلى أن تكون ذات علاقة مع كل ما تنطوي عليه قضية الكيفية التي يرتبط بها الأفراد بالمجموعات و معاييرها – و بكلمات رَومَين، يجب عليها أن تقوم بالإشارة إلى ’ العقلانية ، قصديا ً، و إلى وظائف الفاعلين الاجتماعيين و العوامل البشرية‘( نفسه: 26). أهي إذن نظرية تتعلق بالجانب النفسي للفرد، تلك النظرية التي تبحث عن تفسير حول كيف أن الوسائط الاجتماعية تقوم باتخاذ قرارات عقلانية في حقل السلوك اللساني؟ و هذا النوع من خط ’ الاختيار العقلاني ‘ هو من ذلك النمط الذي يفضله اللسانيون الاجتماعيون عادة الذين يذهبون بالتأكيد إلى أبعد من الترابط( قارن تفسير براون و ليفنسون (1987) حول ظواهر التأدب بلغة الإستراتيجيات المؤدية إلى إشباع الحاجات النفسية الكونية للمحافظة على ’الوجاهة‘). و لكن بينما قد يكون توضيح الجانب النفسي الفردي ضروريا ً، أعتقد بأن رَومَين قد نظرت إليه على أنه ليس بكاف ٍ. هناك منطقة أخرى مهملة وهي التي تعود إلى دراسة اللغة في داخل المجتمع و لكنها لا يمكن أن يجري الانكباب عليها في سياق تيار فرضيات النموذج الكمِّي.
رَومَين تصوب كلامها إلى هذا عندما تقوم بصوغ الملاحظة الآتية:
من المشروع و المنطقي أن ندرك بأن مكانة الفاعل الاجتماعية و علاقاته مع الآخرين قد تقيد سلوكه في مناسبة بعينها و بطريقة محددة... . فالناس يُجبَـرون و يُكيفون على وفق المصادر التعبيرية المتيسرة في اللغة أو اللغات التي يجود طريقهم إليها و بوساطة التقاليد التي تتفق مع استعمالها. (1984: 37).
و هذا يمكن تفسيره على أنه مناقشة للدفاع عن مستويات التوضيح الاجتماعية أو المتعلقة بعلم الاجتماع فضلا ً عن المستويات الفردية أو النفسية. لأن ما تلمح إليه رَومَين هنا هو واقعة أن المتكلمين ’ يرثون‘ نظاما ً معينا ً ما، وهم يستطيعون فقط أن يختاروا من الاختيارات التي يتيحها لهم. فالفاعلون الاجتماعيون ليسوا بفاعلين أحرار، و لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نعود إلى فكرة أنهم أجهزة آلية اجتماعية لغوية. فالأصح، ينبغي لنا أن نسأل أنفسنا أسئلة من قبيل ’ ما الذي يقرر " الأصول التعبيرية المتيسرة" في لغة محددة أو مجموعات متكلمين محددة؟ من أو ما الذي يُـنتِـج " الأعراف التي تـُطبق على استعمالهم؟ و كيف – بمعنى، من خلال أية ممارسات حقيقية ملموسة – يُـنجز هذا؟‘
و من أجل الانكباب بجد على مثل هذه القضايا فإن الأمر يتطلب منـَّا الإقرار بأن اللغات مؤسسات اجتماعية منظمة، و لكونها على هذه الصفة قد تكون لها دينامياتها الخاصة بها و بذا فهي تصبح أهدافا ً للاهتمام الاجتماعي على وفق معايير الصواب الخاصة بها. و بتأكيدها على التحليل الدقيق و التفصيلي microanalysis و شكها بالنظرية الاجتماعية، تميل اللسانيات الاجتماعية إلى دفع مثـل هذا المنظور إلى الواجهة الخلفية. و لكن إذا ما كنا نبحث عن فهم السلوك اللساني للناس و فهم مواقفهم – و فوق كل ذلك، فهم التغييرات في النظام اللساني التي يجب أن تحصل عند مستويات بعينها بوساطة سلوك المتكلمين الفعليين و مواقفهم – فإننا سنكون بحاجة ماسة إلى منهج للغة في المجتمع الذي يبرز أسئلة مثل التي تطرحها رَوميَن. فاللسانيات الاجتماعية التي نـُزعت عنها الميثولوجيا قد تجسِّد مثل هذا المنهج بوصفه ملحقا ً ضروريا ً للتكميم quantification و التحليل الدقيق و التفصيلي. إنها ستتناول مساءل من قبيل إنتاج و إعادة إنتاج المعايير اللسانية من خلال المؤسسات و الممارسات ذات الطابع الاجتماعي؛ كيف تـُفهم و تـُقبل و تـُقاوم و تـُخرب هذه المعايير بوساطة ممثلين أفراد و ما هي علاقتهم ببناء الهوية.
عند هذه النقطة سيكون أمرا ً نافعا ً أن نضع في الاعتبار و بلغة ملموسة كيف أن منهجا ً مثل هذا يمكن أن يعمل و ما هي فوائده المحتملة. و هنا سأعود إلى مسألة في الصميم: إن التغييرات في السلوك اللساني و في أنظمة لغوية محددة قد حصلت نتيجة الجهود الإصلاحية للناشطات في قضية حقوق المرأة. فهذه التطورات تعطينا مثالا ً لنوع من التغير اللساني الذي لا ترتاح إليه اللسانيات الاجتماعية الكمِّية, و هي تبدو واهية بالتحديد فيما يتعلق بأية تفسيرات اصطلاحية داخل إطار ما يعرف ب ’اللغة تعكس المجتمع‘.


4. مسألة في الصميم: الجنسانية في اللغة
عبـر السنوات الخمس عشرة سنة الأخيرة كان سؤال ’ الجنسانية في اللغة ‘[ الجنسانية ***ism تعني التمييز على أساس الذكورة و الأنوثة في الأسماء و الصفات و الأفعال. و هذه الظاهرة موجودة في العربية بشكل أوسع من الإنجليزية. المترجم] موضوع تنافس و جدل و نضال عنيف سواء داخل أو خارج الدوائر اللسانية. و كانت نقطة الخلاف هي الطرق التي تمثل بوساطتها أنظمة لسانية فرعية( الألقاب العرفية و أشكال توجيه الخطاب، و أجزاء المعجم أو حتى النحو، مثلا ً) الجنس اللغوي gender. إن أتباع الحركة النسوية قد أشاروا بأن اتجاه هذه التمثيلات هو لتعزيز التقسيمات الجنسية و عدم المساواة. و الوقائع البارزة حول الإنجليزية، مثلا ً، العلامات الصرفية لكثير من أسماء الفاعل التي تشير إلى الإناث مثل( الممثلة actress، و الحاجبة usherette)؛ و وفرة المصطلحات التي تزدري المرأة جنسيا ً أكثر من الرجل( لي 1980)؛ و الاستعمال غير المتبادل لمصطلحات التحبب من الرجال للنساء( وولفسن و مَـينز 1980)؛ و، و هو الأمر الأكثر شهرة، استعمال الضمائر الذكورية للدلالة الاجناسية الشاملة (بوداين 1975).
لا ينبغي أن يثير دهشتنا أن ظواهر مثل هذه تـُفهم، على نطاق واسع، بوصفها شاهدا ً على مقولة أن ’ اللغة تعكس المجتمع‘. ’ فالمجتمع‘ يحمل معتقدات محددة عن الرجال و النساء و المكانة النسبية لكل منهما؛ و اللغة ’ قد تطورت‘ لكي تعكس تلك المعتقدات. و قد حاول مناصروا قضية المرأة أن يجادلوا بأن ما يجري أكثر بكثير من الانعكاس السلبي: فالممارسة الاجناسية اللسانية هي مثال على الجنسانية في كامل صورتها وهي تعيد بشكل فعَّال إنتاج معتقدات بعينها. لكن اللسانيين الاجتماعيين من غير المناصرين لقضية المرأة قد فشلوا بشكل ملحوظ في الأخذ بتلميحهم هذا.
و هذا يصبح واضحا ً بالتحديد في المناقشات حول التغييرات الحالية في استعمال اللغة الإنجليزية – و هي التغييرات التي تحصل تحت تأثير الحملات المناصرة لقضية المرأة ضد الجنسانية في اللغة. لبعض الوقت، كانت وجهة نظر الكثير من اللسانيين أن إصلاح اللغة الاجناسية كان هدفا ً غير ضروري، و تافه و فيه مضيعة للوقت، لأن اللغة تعكس ببساطة الأوضاع الاجتماعية. فإذا ركـَّز أنصار المرأة على إزالة الصور الأكثر جوهرية لعدم المساواة الجنسية، فإن اللغة ستتغير من دون إكراه، عاكسة على نحو ذاتي الواقع الجديد غير الاجناسي.3 ( و هذا، بالمصادفة، يقترح وجهة نظر في اللغة يُـفترض أنها مهجورة و مهملة في فكر القرن العشرين، التي ربما تحمل عنوانا ً هو’ المغالطة العضوية‘: و هي أن اللغة مثـل الكائن الحي، لها حياة خاصة بها، و هي تتطور لكي تفي بمتطلبات المتحدثين بها. أما بالضبط كيف تفعل اللغة هذا فهو أمر يظل سرا ً غامضا ً).
و الأكثر راهنية، على أية حال، أنه صار واضحا ً بأن الإصلاح اللغوي الذي اقترحه مناصرو قضية المرأة قد تمتع بقدر من النجاح. مثلا ً، من الواضح أن الضمائر الاجناسية للمذكـَّر ما عادت تستعمل من المتعلمين و الكتـَّاب على نحو موحد؛ و حتى المصادر المعتمدة علميا ً من مثل كتاب كويرك و جماعته (1985) يقرون بوجود بدائل من مثل they و he و she. ماذا يفعل اللسانيون الاجتماعيون بمثل هذا التغيير في استعمال الضمائر الإنجليزية؟ من العجب أن يخبرونا بأن ذلك حـَدَث َ ’ طبيعيا ً‘، بوصفه انعكاسا ً لواقعة أن مكانة المرأة الاجتماعية قد تغيرت جذريا ً في العقدين الأخيرين( قارن. تشيشاير 1884: 33- 4 لعبارة حول هذا التأثير).
و من الجدير بالاهتمام أن نؤشر بالتفصيل ما الخطأ في مثل هذا النمط من المزاعم. الخلل المباشر في المناظرة هو أنه غير صحيح بشكل جلي: إذ بدون الحملات و الندوات المكرسة حول قضية الجنسانية في اللغة، ما كان للاستعمال اللساني أن يتغير حتى و إن أنجزت بقية الكاسب النسائية ( مثل الأجور المتساوية و التشريعات المناهضة للتمييز). و من الناحية التاريخية فإن من المؤكد أن هناك رابطة بين الحملات النسائية من أجل فرص متساوية و من أجل لغة غير اجناسية، و لكن الواحدة لم تستلزم الأخرى قط، و لم تعكس أي منهما الأخرى. و نكرر هنا النقطة الحاسمة مرة أخرى: استعمال اللغة هو ممارسة اجتماعية في أجلى صورها.
و ينبغي أيضا ً الإشارة إلى أن تغيرا ً ما في الممارسة اللسانية هو ليس مجرد انعكاس لتغير اجتماعي أكثر جوهرية بعض الشيء: فهو، نفسه، تغير اجتماعي. و المناهضون للحركة النسائية مولعون بملاحظة أن إزالة الضمائر المذكرة الاجناسية لا يؤمن أجورا ً متساوية. و الحقيقة أنه لا يؤمن ذلك – من هو الشخص الذي يقول أنه يمكن أن يفعل ذلك؟ فإزالة الضمائر المذكرة الاجناسية تزيل بالضبط الضمائر المذكرة الاجناسية. و بعملها هذا فإنها تغير الذخيرة اللفظية من المعاني و الخيارات الاجتماعية المتاحة أمام الممثلين الاجتماعيين. و إذا استعرنا كلمات تريفور بَيتمان ( 1980: 15) فإنه ’ يكوِّن إعادة تركيب و بناء، في الأقل، لوجه من وجوه العلاقة الاجتماعية‘.
و المشكلة الأخرى مع مناقشة مقولة ’ اللغة تعكس المجتمع‘ في علاقتها في التغييرات في الاستعمال في اللغة الإنجليزية هو أنها تجعل من تغير اللغة عملية ملغزة و مجردة، و متأثرة بوضوح بوساطة فاعلية لا يمكن نسبتها إلى شخص ما ( أو ربما بوساطة اللغة نفسها – و هنا تطفو المغالطة العضوية مرة أخرى). و هذا يغفل الصراع الطويل الأمد الذي قدمه الأفراد و الجماعات من أجل و على الضد من لغة غير منحازة جنسيا ً ( و هو الصراع الذي ما زال مستمرا ً). أنها تتجاهل، مثلا ً، نشاط كل امرأة قاتلت يوما ً ما من أجل وضع الضمير’ Ms ‘ على دفتر شيكاتها، و كل ناشر، و لجنة جامعية أو مجموعة عمل في اتحاد عمالي الذين أنتجوا خطوط توجيه و دلالة على اختيار مفردات الوثائق، هذا إذا لم نذكر كل كاتب قادح إلى الصحف و الذي قاوم و شجب أو أظهر شكواه حول اللغة غير المنحازة جنسيا ً.
النقطة العامة هنا أن هنالك أمثلة – و هذا أحدها – حيث يمكننا أن نعين موضع الخطوات المحددة و الملموسة التي تؤدي إلى تغير ملحوظ في السلوك اللساني لبعض الناس و في النظام نفسه. و نستطيع اكتشاف من اتخذ تلك الخطوات و من عارضها. و نستطيع الإشارة إلى مناظرة منشورة حول الموضوع، و نتفحص المجادلات التي قـُدِمت على كلا الجانبين( و الممتع في الأمر أن هذه المجادلات تميل إلى أن تكون حول اللغة أكثر من كونها حول الجنس في اللغة: فليس هناك’ أيجب معاملة النساء بالمساواة[ مع الرجال]؟، و لكن، ’ ماذا تعني الكلمات و هـل من الصحيح أن نستبدلها؟‘). و نموذج ’ اللغة تعكس المجتمع‘ يحجب الآليات التي بوساطتها صارت اللغة الاجناسية أقل قبولا ً، متخليا ً عن أية فكرة للفاعلية في تغير اللغة. و على نحو حاسم، أيضا ً، يموه النموذج على وجود الصراع الاجتماعي و ما يتضمنه لاستعمال اللغة. هنا كما في مواضع أخرى في اللسانيات الاجتماعية، يكون الافتراض الضمني هو النوع الذي ينطوي على تشكيل اجتماعي مجمع عليه حيث يذعن المتكلمون لمعايير مجموعتهم المناظرة أو لثقافتهم، و يوافقون حول ’الحاجات‘ الاجتماعية التي وجدت اللغة لخدمتها.
و لعل من الخطأ الزعم أن كل التغير اللساني هو من هذا النمط – عبارة عن جهود منظمة و موجهة سياسيا ً لتغيير المعايير و الأعراف الموجودة. و لكن بعض التغييرات اللغوية هي من هذا القبيل، و لا ينبغي للسانيات الاجتماعية أن تعتنق مفهوما ً للغة يجعل من المستحيل تقديم تفسير لها.

5. نحو لسانيات اجتماعية منزوعة عنها الميثولوجيا
الحملة ضد الجنسانية في اللغة هي مثال واحد لنوع مـن الممارسة الميتالسانية ****linguistic practice التي يمكن أن نسميها’ علم الصحة الكلامي‘ verbal hygiene ( و الأمثلة الأخرى يمكن أن تتضمن حركات الإنجليزية الواضحة و حركات اللغة الصناعية، الأنظمة التي تضبط الاستعمال الفاحش للكلام و الإهانات ( قارن جاريوش 1987)؛ و، بالطبع، النزعة التوجيهية prescriptivism و جعل الظواهر معايير قياسية و الفعاليات المرتبطة بها). و يُـشار إلى مثل هذه الممارسات في العمل اللساني الاجتماعي بصورة عابرة ، هذا إذا ذكرت البتة: بلا شك لأنه أُعْـتـُقِد بأنها لا يحتمل أنها تحدث تقدما ً في النظرية اللسانية، و لذلك ينبغي تركها للسانيين الاجتماعيين حتى يبحثوا فيها.
و مع ذلك، إذا كان للمجادلات التي قدمت أعلاه أية قوة، فليس من السهولة أن نـُقَوم، على نحو منفصل، اهتمامات النظرية اللسانية و تلك التي تخص اللساني الاجتماعي. فقد رأينا كيف أن اللسانيين الاجتماعيين يستفيدون عرضيا ً و لكن على نحو لـه دلالته من أفكار مثل’ المعيار‘ و ’ الهوية الاجتماعية‘ من أجل أن يوضحوا التغاير و المواقف التي يلاحظونها. و أُجادل بأن واحدة من المشكلات مع هذا النمط من هو أننا نـُترك دونما توضيح لمسألة من ’أين‘ جاءت المعايير و كيف تدخل في استعمال المتكلمين – ليس جيدا ً كفاية أن نضعها في مجتمع ما غامض و معرف بشكل سيء و كما لو أن المجتمع متجانس، موحد و متراص، وشفاف في ما يأتيه من أعمال، و كما لو أن الأفراد من مستعملي اللغة كائنات مؤتمتة و مبرمجة مسبقا ً. و البحث المفصل في فعاليات ’ مستعملي اللغة‘ الميتالسانية – مثلا ً، أشكال ’ علم الصحة الكلامي‘- قد تخبرنا حقا ً الكثير عن إنتاج المعايير و إدراكها من الأفراد.
الأمر المثير للانتباه هو، على سبيل المثال، أن اللسانيين الاجتماعيين غالبا ً ما يشيرون إلى المكانة ( الواضحة) للإنجليزية القياسية و يفترضون بأن ذلك يُـفرَض على المتكلمين من خلال توجيه معياري يجري إنجازه أساسا ً في المدارس؛ بيد أنني لا أعرف أية دراسة للكيفية ( أو حتى فيما إذا) كانت معايير الإنجليزية القياسية قد جرى غرسها في الأذهان بوساطة المعلمين. و قد قام دانكوين ( 1988) ببحث هذه المسألة في فرنسا، و كانت النتيجة ورقة مكتنزة معرفيا ً تماما ً – إنها نموذج لنزع الميثولوجيا.
لقد لقيت الفعاليات و المعتقدات الميتالسانية، على الأقل في المجتمعات المدنية الغربية، اهتماما ص أقل مما تستحق. لأن من المؤكد أنها واقعة لها دلالة مهمة جدا ً حول اللغة في هذه المجتمعات أن الناس يحملون معتقدات عاطفية متحمسة حوله؛ إنها تولد صراعات اجتماعية و سياسية؛ و أن الممارسات و الحركات التي تنشأ حولها هي تخص الجانبين: من أجل و ضد الوضع الراهن. ربما نضع في الاعتبار الواقعة المشهود على صحتها تماما ً أن الكثير من الناس، بمن فيهم أولئك الذين يحظون بأقل قدر من التعليم ، يقرؤون المعجم من أجل المتعة؛ و أن هنالك سوقا ً كبيرة للنحو، و الكتب التي تعلم كيفية الاستعمال و المطبوعات المتعلقة بالشأن العام، و برامج الإذاعة و التلفزيون حول اللغة الإنجليزية؛ و بأن في الكثير من الصحف و الدوريات الرائجة ( مثل مختارات القارئ) هناك أعمدة حول قضايا لسانية.
إن الكثير من الباحثين في مجال المثال الكمِّي هم على بينة بهذه الوقائع، و على نحو أكثر عمومية باهتمام الناس الشديد في التفاصيل اللسانية. و مع بعض الأمثلة المشرفة، على الرغم من أنها تنحو إلى معاملة وجهات نظر الأشخاص العاديين حول الاستعمال على أنها تجسيدات للجهل ينبغي تبديدها، أو أنها تجسيدات للنزق و غرابة الأطوار و الانحياز ينبغي ازدراؤها. و البديهية القائلة بأن اللسانيات هي ’ وصفية و ليست توجيهية‘، مع المبدأ المنهجي القائل بأنه ينبغي على الباحث أن يؤثر على مصادر المعلومات اللغوية بأقل قدر ممكن، تمنع اللسانيين الاجتماعيين من أخذ اللسانيات الشائعة بجدية. و من الأمور التي يمكن الجدال حولها، برغم أن، ممارسات من مثل قراءة المعجم و الكتابة إلى الصحف حول مسائل تخص الاستعمال هي مثيرة بشكل كاف يتطلب التحليل: فأولا ً، ليس من غير الطبيعي، أنها تتطلب البحث.
و هذه هي المهمة التي سأعينها للسانيات الاجتماعية التي نـُزعت عنها الميثولوجيا: أن تتفحص الممارسات اللسانية التي يسهم فيها بانتظام أعضاء جماعة ثقافية ما أو التي يتعرضون لتأثيراتها. و فضلا ً عن كونه ذا فائدة بحد ذاته، قد يساعدنا هذا المشروع في إضفاء دلالة على العملية التي لاحظتها رَومَين: إعاقة السلوك اللساني من قبل العلاقات الاجتماعية التي يرتبط بها المتكلمون و المصادر اللسانية التي يمكنهم الوصول إليها. و ربما نكتشف أيضا ً كيف أن تغير اللغة قد يحصل من خلال جهود الأفراد و الجماعات للإنتاج مصادر جديدة و علاقات اجتماعية جديدة. لأن اللغة ليست كائنا ً حيا ً أو انعكاسا ً سلبيا ً، و لكنها مؤسسة اجتماعية، مضمنة عميقا ً في الثقافة، و في المجتمع، و في العلاقات السياسية في شتى مستوياتها. و ما يحتاجه اللساني الاجتماعي هو مفهوم للغة توضع هذه النقطة في المركز منه لا في الهوامش.


ملاحظات
1. قد تتضمن المعايير الصغرى المكانة المحترمة للتنويعات القياسية و وصمة العار للتنويعات غير القياسية، المركبة على مستوى المجتمع برمته ( التعليم، و وسائل الإعلام و غير ذلك)؛ و المعايير الصغرى قد تكون من النوع الذي ألمح إليها لابوف (1972) و ميلروي (1980) الذي وفقا ً لـه تحاصر المجموعات شديدة التماسك الرائدة الانحرافات عن القوا المحلية لاستعمال اللغة.
2. قـُلصت مصادر اللسانيات الاجتماعية في المملكة المتحدة بلغة الدعم المضمون؛ يزعم نيوماير1976 أن هذا[ الأمر ] لم يكن كذلك في الولايات المتحدة، و لكن ذلك ( إذا كان صحيحا ً) يعكس ليس المكانة التي تمنح للحقل بوساطة اللسانيين و لكنه يعكس الإمكانات الضمنية التي تراها الوكالات الحكومية فيه من أجل السيطرة الاجتماعية. قارن تيرنر 1988.
3. على الرغم من صعوبة توثيق وجهة النظر بين اللسانيين هذه اعتمادا ً على مصادر مطبوعة، فإن النقطة ذاتها قد أُثيرت أمامي في مناقشات و بوساطة زملاء مهنة لا يمكن إحصاء عددهم، و كثير منهم قد عبر أيضا ً عن هواجس حول الإصلاح اللساني على خلفية أنه توجيهي و لذا يجب أن يتحاشاه اللسانيون.