مالي أرى الشعر مذ جافيتِ جافاني
وأورق الورد شوقا كل بستاني
وأصبح الشعر يأبى أن يطاوعني
وأعلن الحرف منذ اليوم عصياني
وحاد بي زورقي والموج يدفعه
في حومة الشك سوء الظن ألقاني
هل بت عندك أوراقا ممزقة
وضيع الشك من عينيك عنواني
ماذا فعلت وقد أصبحت سيدتي
والحرف من شفة الفنجان ناداني
أهكذا الحب موج طبعه نزق
يدمر القصر في رملي وشطآني
أهكذا الحب جمر فيه محرقتي
أهكذا الحب بعد الأسر نسياني ؟؟
أهكذا صرت في عينيك منفضة
تلقي بها في رماد التبغ ديواني ؟؟
أو صرت لا شيء في عينيك منزلة
من بعد ما كنت كحلا بين أجفان ؟
مهلا فإني الذي أعطاك من ألقي
ومن يلون خد الورد بالقاني
ومن يصوغك لوحات يعلقها
كل المشاهير فخرا فوق جدران
أنا الذي مازج الألوان في شفة
وصاغ في عاجك المجنون ألواني
أنا الذي من بياني صرت معرفة
وصرت أنت تماثيلي وصلباني
وصرت خالدة في حبر محبرتي
وصغت من وتر الشامات الحاني
جعلت منك سحابات السماء مدى
وفيك طارت على الآفاق جنحاني
كتبت من رعشات الخوخ أغنية
فباح بالآه بعد الآه رماني
ومن بياضك جدلت الحرير غفا
زهر البنفسج في فلي بنيسان
يا أول الحب طيشا كان أوله
وآخر الحب مغموسا بأحزاني
حبي الوحيد لماذا بات يحرقه
حمق بلا سبب في جمر نيران ؟
مجنونة أنت أشقيت الحبيب فتى
وبعد أن شبت حبي فيك أشقاني
أما عرفت بأني فيك منجدل
طيني ومائي وصلصالي ووجداني
وهل نسيت إذا ما اللوز يسترنا
جبانة عاتبت جبنا تغشاني
وهل سألت كم الزيتون نادمنا
وكان عشب الفلا من خير ندمان
وهل نسيت جنود الخوف قد رفعت
سلاح موتي لأفدي طرفك الحاني
وهل تناسيت من بالموت هددني
هل بحت سرك لو أودى بشرياني؟؟
مجنونة أنت لو كل النساء غدت
أنثى لكانت بعيني بعدك الثاني
في كل مفترق أو كل زاوية
أليس عطرك لي فلي وريحاني
أليس نخلك نخلي إن هززت به
تساقط الرطب الممزوج قنواني ؟؟
سلي ثيابك عن كفيّ تعرفها
فبصمتي لم تزل في سفر ثعبان
سلي حريرك كم غازلته فأنا
طرزت أنجمه من وشي خيطاني
سلي قميصك هل ذكراي قد بهتت
هل غادرت دفءه نيران نيراني
وهل تناسيت كنا في الهوى زمنا
شيطانة قد سعت في إثر شيطان
تبا لعمر مضى في حب نافرة
تُهدّم العش بين الآن والآن
وتشعل الشوق في قلبي وتتركني
نهب الضياع وتلغي فيّ إيماني
عشتار أنت وما خصبي يفارقني
وأنت بستان لوز رائع حان
عيناك كانت مدادي حين أكتبها
يسافر الحرف في نهري وودياني
نهداك لو هدلت في غصن داليتي
هبت نسائم عشق منك أحياني
وكرز ثغرك كم أرويته قبلا
فماد غصنك في نيران بركاني
هلا سألت فساتين الهوى كرما
كم في حريرك بات النجم يرعاني
وهل سألت زوايا مخدع عصفت
أركان طيشك في أنحاء أركاني
وكم رجفت ونهر الحب منسرب
ما بين زهرك يسقي وردك الجاني
وكم صهلت كمهر لا يطّوعه
أعتى الطواغيت أو يرضى بفرسان
وكم سكرت وبات الحسن في شفتي
شربت من همسات الحب فنجاني
قد شاب قلبي وظبيي بات منسربا
ولوعتي أسكرت حبري وألواني
في عشق عينيك أبقى دائما عطشا
فلا تقولي كفى ، فالبعد أشقاني
ولتطفئي عطشي من نبع ساقية
تنسي فؤادي لظى بؤسي وحرماني
لما لقيتك غاب الشيب عن أفقي
وأزهر الجدب فلاّ ما له ثان !