القدس:
من Mohamad Melle في 17 مارس، 2012 في 03:20 مساءً ·
القدس. بقلم محمد مللي
مقدسيون نحن جميعا أهل العقائد السماوية التوحيدية. ومن قبلنا أصحاب المعتقدات الوثنية والدهرية والارواحية والطبيعة الخارقة مقدسيون بمعنى من معاني فطرة التوحيد والعقل فالمدينة المقدسة هي المركز المعماري الذي يتلالا فوقه نجم القطب وتتدلى فوق قمته قبة السماء .
وتسمى القدس سرة الأرض وتعتبر محور العالم ويقوم عليها جبل البيت المقدس وهي صلة الوصل مابين الأرض والسماء .
ويؤكد يوما yoma أن العالم خلق ابتداء من القدس وبحسب كتاب مغارة الكنز السوري فان ادم خلق في مركز الأرض وارتفع يسوع في المكان نفسه إلى سدرة المنتهى .
وتظهر موضوعات رمزية القدس والوصول إليها والصعود منها بحثا عن مركز الرؤية المسيحية والإسلامية في آداب العصور الوسطى, وفي هندسة العمارة وزخرفتها المقدسة فيها .
وتعتبر القدس معجزة مئات القرون الزمنية الأرضية على امتداد أعمار الحضارات في بلاد مابين النهرين ووادي النيل وفارس وبلاد اليونان والرومان وماتبعها من أقاليم وأمصار .
ونستخلص أن مدينة القدس الأرضية ليست مجرد أرض ترابية يزرع فيها التين والعنب والزيتون فحسب بل هي فوق هذا مدينة الثمار السماوية النورانية التي انتهت إليها الرحلات المقدسة الكبرى في المعتقدات الدينية التوحيدية .
وقد تابعت مداح المدن المقدسة والمؤلفين الذين تشربوا حب فلسطين ومركز الفؤاد فيها مدينة القدس العتيقة والجديدة ومن هؤلاء العشاق الحضاريين الإنسانيين القاسم بن عساكر في (الجامع المستقصي في فضائل المسجد الأقصى) والتمرتاشي في (الخبر التام في حدود الأرض المقدسة وفلسطين والشام) والصحبي في (الروض المغرس في فضائل البيت المقدس) ومحمد بن طولون في( فضائل البيت المقدس) وابن الجوزي في (فضائل القدس) وأمين الدين بن عساكر في (الأنس في فضائل القدس) ومحمد يمني في (فضائل قدس شريف) والدمياطي في (لطائف انس الخليل في تحائف القدس والخليل) .
وقد اهتم العلماء بتوضيح جانب دنيوي آخر يتعلق بفلسطين فأخذت تتشكل وتنمو الفكرة القائلة بأن الشام تمتلك تسعة أعشار ثروة العالم بأجمعه ومع هذا فان ما تمت دراسته من هذا الميراث المعرفي الإنساني قليل جدا يصل إلى حد الندرة. ونشر المستشرق الروسي كراتشكو فسكي كتابا بالروسية بعنوان (تاريخ الأدب الجغرافي العربي ) ركز فيه على كتب معينة متصلة بآداب الحروب الصليبية أو ما سماه الأدب الجغرافي الخاص بفلسطين وبلاد الشام والذي يتصل بنمو حركة التحرير التي ترجع إلى عهد صلاح الدين وتنتهي بزوال الوجود الصليبي عن بلاد الشام .
ويميل الباحث إلى أن الأدب الفلسطيني في مجال كتب الفضائل يدخل ضمن بلاد الشام ولايدرس باعتباره وحدة مستقلة كما يتوجه بها بعض الباحثين وخاصة في نطاق الدراسات التوراتية المغرضة .
ويرى كراتشكو فسكي بحق أن المسألة الفلسطينية كما دعاها لم تعد وقفا على أهل الشام وحدهم منذ النصف الثاني من القرن الثامن الهجري. وقد ترجم صلاح الدين عثمان هاشم كتاب كراتشكو فسكي بعدما راجعه العلامة بليايف قبل الترجمة وراجعته العلامة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) وصدر في مجلدين عن جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1965 .
واسترسل كلاوس بولكين في مصنفه (قديما في البلد المقدس ورحلات إلى فلسطين القديمة) في تحليل مئات التقارير التي وضعها الرحالة الأجانب إلى القدس وفيهم الحجاج المؤمنون والمتدينون والمتلهفون للمعرفة والرهبان والتجار والملوك والأمراء. ومنهم الرحالة الفرنسي اركولف ومورتس بوش وكارستن نيبور وماكس فان برشم وابنته مرغريت وكارستن نيبور وسيتزن وفرنسوا دي فولني وربنسون وبراون وبوركهاردت وسواهم من جنسيات أوربية متعددة .
ولابد من الإشارة إلى مصنف المؤرخ وليم الصوري ومذكرات القديس جوانفيل و(موسوعة تاريخ الحروب الصليبية) لستيفن رنسمان وكانت لبعثات صناديق اكتشاف فلسطين الأثرية المتعددة الجنسيات منذ القرن الثامن عشر حتى اليوم آثارا مدمرة على أساسيات المسجد الأقصى وما حوله من أحياء بحجة البحث عن المعبدو والهيكل المتخيل .
ويقول الزائر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الاستيطاني اليهودي على ارض فلسطين العربية الإسلامية. لقد تم انتخابنا حتى نسهر على القدس وإنني اعتزم البناء في كل أنحاء القدس بما فيها ضاحية جبل أبو غنيم (هارحوما) ويخطئ من يعتقد أن التنازل عن جبل الهيكل أو المسجد الأقصى سيحقق السلام بل أن ذلك إن حصل سيأتي على العكس من ذلك. وتبقى نصوص اتفاقية لاهاي الدولية لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح منذ عام 1954 حبرا على ورق بالنسبة لحكومات الاستيطان الصهيوني المتعاقبة على ارض فلسطين العربية.

محمد مللي