لماذا أنا هنا؟
حشر جميعهم في تلك السيارة الضيقة المهترئة,ليرحلّوا إلى السجن , كان أحمد غاضبا يزمجر رافضا هذا الحدث المفاجئ دون مقدمات ولا أسباب!..
كان يدفعهم بقوة الرجال جميعا, لكن أمام أسلحتهم لم يعد يقوى على الاستمرار...
لفت نظره طفلا لم يتجاوز الاثني عشر ربيعا,مازال مشدوها لايعرف ماذا يجري:
وهو يردد بذهول:
-طلبوا مني هويتي وبطاقتي الوطنية ,لكنني صغير لم يفرض علي هذا بعد !!!هكذا قال لي أبي البارحة...
-أريد أبي..أريد أبي..
وصاح باكيا بطفولة بريئة...
لكن السيارة مضت بلا توقف..قاطعة الهواء بريحها النتنة,حاول أحمد رغم القيود الجارحة في معصمه أن يضم الطفل الصغير لصدره رغما..
فلم يستطع سوى أن يواسيه بكلامه الهادئ...
لم يكونو يروا ماحولهم من خلال هذا الكيس الأسود الوسخ المرمي على رأسهم ,وحشروهم دفعا إلى غرفة صغيرة بالكاد تتسع لهم وقوفا...
كاد يمضي النهار ولم يكلمهم أحد ورائحة عرقهم تزكم الأنوف..
عندما سمح لهم برؤية بعضهم بعد قليل..صدح صوت الطفل :
-عمو أحمد بدي نونو
-ماذا يعني نونو؟
-يعني بي بي..
-بيبي؟
-يعني حمااااااااااااااااام...
-نعم؟ يا ...حبيبي...كمُلت... أرح نفسك وقوفا لايوجد أي شيئ يمكنه أن يساعدك الآن على النونو يا عمو..
-أمي ستغضب مني إن وسخت ثيابي.. فأنا قد صرت رجلا..هكذا قالت البارحة..هل سنخرج هذا المساء؟
جرت همهمات وكلام خفيض لم يكن يفهمه جميعهم , فمنهم من كان يصرخ متألما لأنه كان محتاجا لحبة دواء ضرورية,عندما فتح الباب مناديا على أحمد ورفيقه بعد يوم كامل من الإهمال الرهيب...
كان قد رفع عقدا من الأرض فيه صورة هامة تصلح كتعويذة , مؤكد سقطت ممن قبله هنا ...
نظر للطفل ونظر في نفسه؟ابتسم مكررا:
-جاء الفرج يا أحمد
ريمه الخاني 8-3-2012