قد يكون أدب و فكر وابداع بلا نقد ولكن يستحيل أن يكون نقد بلا وجود عمل فكري أوأدبي أوفني ، وعليه فقد عاشت الأعمال الابداعية بالرغم مما قيل ، و سقطت الآراء و النقد و الانتقاد أو قل فسحت المجال للأصل الذي يبقى .
ونحن اذ نقول هذا فلا نقلل من أهمية النقد ولكن نريد أن نضع النقاط في مكانها . أن النقد مثل المعلم فلا نستطيع أن نستغني عنه لدوره في السير بالمتعلم نحو الأمام ، و ما يعطيه من رعاية متنوعة طبعا مع معلمين آخرين ، و لكن لا
يمكن أن نعتبر المعلم أفضل من التلميذ ، فالأول دوره محدد ، و مجاله معروف ، وأما الثاني فاننا نريد الوصول به الى
غايات لنا من مستقبلنا ، و خطوات في مجاراة من هو معنا في السباق .
ينتج المبدع ، و قد ينجح ، و لكن بلا مراقبة نقدية من الآخرين قد يغفل عن أمور و أشياء ذات أهمية ، و بوجود من يهتم
بما يقدم يكون عمله يسير في الطريق ، و يتفادى ما يحدث من انحرافات عن سهو أو عن جهل ، و يعود بالعجلة الابداعية الى الطريق . فالنقد صديق حريص يريد الخير لمن يصاحب ولا يريد الا المساعدة ثم يترك هذا ليتجه صوب
آخر وهكذا . قد يوجد نقد آخر هدام ولكنه لا يستطيع تحقيق هدفه بل قد يتحول أمام المبدع الحقيقي الى شيء محفز يزيد
من نجاح الأديب ، ولنا الأمثلة في طه حسين و نجيب محفوظ و غيرهم كثير مما زادهم نقد الآخرين طيرانا في فضاء
الشهرة والابداع .
النقد الحق كالمعلم الناجح ، أمنيته أن ينجح طلبته و يصلوا الى ما لم يصله هو ، فيكونون امتدادا لأحلامه ، ويكره أن يتوقفوا عند مستواه أو يكونوا أقل منه . انه يبني ، انه يتطلع ، و من الخطأ أن نبقي على معلم يتقمص الأستاذية و الوصاية ، فلا يريد أن يتجاوزه طلبته أو يتفوقوا عليه ، ولو بعد أن يرحلوا عنه . هونقدنا كذلك . المحبة يجب أن تربط
الناقد و المبدع فيتولد النجاح الأكيد ، و تكون المتعة ، و تكون الخطوات التي تختصر درجات السلم بكل ثقة .