--------------------------------------------------------------------------------



نشرت مجلة الآداب الأجنبية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سوريةهذا المقال في العدد 137/2009
أفضل خمسين كتاباً روسياً في القرن العشرين فلاديمير بُندَرينكو ـــ ت.شاهر أحمد نصر

كلما ابتعدنا عن القرن العشرين، نزداد ـ نحن أبناءه ـ فهماً وقناعة، أنّ عظمته هي عظمتنا وهباته ومآسيه هي هبات لنا ومآسينا. لقد لامس ذلك كلاً منا بهذا الشكل أو ذاك؛ إذ يوجد بيننا من مات آباؤهم بعد الحرب مباشرة متأثرين بجراحهم، كما يوجد من عانى آباؤهم في معسكرات الاعتقال. جميعنا تقريباً، أبناء جيل كامل من أصل ريفي، على الرغم من أننا ولدنا وترعرعنا في مدن كبيرة. لهذا السبب ها أنذا أكتب ثانية عن قرننا العشرين.‏

كرست مجلداتي الثلاثة: «القرن الفضي لعامة الشعب» للكتابة عن أدب الجبهة والريف، عن الشعر الغنائي الصامت، وكتاب «أبناء عام 1937» عن الجيل المجيد والعظيم، الذي ولد على أعتاب الحرب، أما كتابي الذي صدر للتو «جيل الوحيدين» فهو عن أبناء جيلي بالدرجة الأولى، الجيل المذهول والمرتبك والضائع، من أبناء نصر أعوام 1945-1955، عن الجيل السوفييتي الأخير الناضج، عن أولئك الذين تجاوزوا الثلاثين من العمر في سنوات البيرسترويكا؛ في الجوهر كتبت هذه المجلدات الثلاثة عن الأدب الروسي، وعن مبدعيه في النصف الثاني من القرن العشرين. قد لا تكون شملت جميع الكتاب المتمرسين والجديرين؛ إذ أنّه من المستحيل أن تحتضن، كلّ ما هو فسيح، وشاسع ورحيب ومترامي الأطراف، وعزائي أنني سأهتم وأعالج هذه الثغرات في السنوات المتبقية.‏

وها أنا أقترح للقارئ، من وجهة نظري، أفضل 50 خمسين كتاباً من الأدب الروسي في القرن العشرين. أقدم لكم الآن لائحة فقط بهذه الكتب وأسماء مؤلفيها. سيتبع ذلك تعليق من صفحتين أو ثلاث عن كل كتاب، وذاتية مختصرة عن الكاتب، وسيعرض هذا الكراس المؤلّف من خمس صفحات مطبوعة على رفوف المكتبات. أعتقد أنّ هذه اللائحة، وذلك الكراس سيثيران اهتمام ليس تلاميذ المدارس، والطلاب والمعلمين، فحسب؛ بل وجميع محبي الأدب.‏

سيجد كل من يطلع على هذه القائمة نقصاً وخللاً ما فيها، إن لم يعثر على أحد من كتابه المفضلين، والمحبوبين، لكن 50 هو 50، وقد تظهر عند كل منكم لائحته الخاصة بأفضل خمسين كتاباً. علماً بأنّ الأساس عند الجميع سيكون، من وجهة نظري، واحداً.‏

سيندهش البعض، وقد يرون عيباً في وجود، على سبيل المثال: ليف تولستوي وإيدوارد ليميونوف، أو أنطون تشيخوف ويوري كازاكوف، أو أندري بلاتونوف وألكسندر بروخونوف، أو إيفان بوزين وغريغوري كليموف في قائمة واحدة.‏

وسيرفض البعض المقاربة الحسابية للأدب، قائلاً ها هو بُندارينكو يتذكر سنة ميلاد الكتاب، أو يقدم لوائحه من عشرة، أو خمسين كاتباً. لكن قد يكون هذا الاختيار بالتحديد مفيداً لبعض القراء البسطاء ـ وبالتالي لن يضيع جهدي عبثاً.‏

سيلومني البعض كالعادة للإفراط الزائد في سعة المقاربة، ما حاجتنا لبيتوفي ولماكيناني، وسيلومني آخرون لأنني تجاهلت مدارس ما بعد الحداثة، ولم أذكر، على سبيل المثال، بابلي (الذي، حسب زعمي، لا يذكره أحد الآن، ولا يطبع له). تفضلوا، أيها الأصدقاء، أبدعوا وتقدموا بمقاربتكم. وأنا سأقوم بعملي.‏

ومن الجدير بالذكر أن أفضل خمسين كتاباً، لا يعني، أولاً، أنّها جميعها في مستوٍ واحد، ولا يمكن أن يوجد في روسيا 50 ليف تولستوي في قرن واحد، وثانياً، من الطبيعي، أنّه كلما اقتربنا أكثر من العصر الحديث، كلما ازداد عدد المرشحين، وعدد المنافحين عنهم. ستثبت الأيام كم أنا محق في صحة القائمة التي أقدمها. ويبقى المجال مفتوحاً أمام الراغبين أن يصححوا لي عبر صحيفة «زافترا ـ الغد»، وأن يقدموا تعديلاتهم وإضافاتهم، قبل إصدار الكتاب، وأنا بكل رحابة صدر ورغبة صادقة سأستفيد من نصائحكم، غير متجاهل أسماء مساعدي الأذكياء في الصحيفة.