مما قرأت

لا تستعجلوا؛ فإن الاستعجال يقود إلى الفشل فتضطر إلى تكرار العمل، فلو جمعت الوقت الأول مع وقت الإعادة لكان أطول من وقت واحد. أقول هذا لبعض المتعجلين الذين يتهمون أهل الأناة بالتباطؤ؛ لأنهم هم يستعجلون، وليتهم يفلحون ويعملون، لكن لا حاجة يدركون ولا أرضًا يقطعون، ولا ظهرًا يبقون، ولا لسانًا يكفون، وفي ذلك يستعجلون منا الأناةُ وبعضُ القومِ يحسبُنَا *** أنا بطاءٌ وفي إبطائِنَا سرعإياكم والفراغ؛ فإن من مقت الإنسان أن يكون فارغًا ليس في عمل دنيا ولا آخرة، والوقت هو الحياة، فلا يضيع، وما هذا المخيم إلا مساهمة في استغلال الوقت دقات قلب المرء قائلة له *** إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثوانِ إذا فتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يغلق عنه ذلك الباب :إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فإن لكل خافقة سكونإن حياة بعض الأخيار لا تخلو من ذنوب تضخم أحيانا لحاجة في نفس، ولكني أقول للأخيار: ووالله ما أظن من حضر إلا أخيارًا. إن التوبة تعدل ذلك كله ولا ضير، فصاحب التوبة بكل حال في خير، وكل منصف يعلم أن الكثير من أبناء الأمة غثاء غفلات وشهوات شطط وفساد وعدوان وعداوات، فيهم كل منخنقة وموقودة ومتردية ونطيحة وما أكل السبع، فيهم من لوَّثه الربا، وأذهله الخمر، والأخيار -وما أنتم إلا جزء من الأخيار- رغم كل شيء هم أهل المناقب والصدق والعفة، ولا ننزِّه أحدًا، ولا نزكِّي أحدًا؛ فكلنا ذوو خطأ. من لم يلحظ هذا فهو عن ميزان العدل ناكب، يليق بكم –يا أيها الأخيار- أن تثقوا بأنفسكم أنكم أمثل من على الساحة، وأنكم أهل للإصلاح، وأهل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أهل لأن تأخذوا الزمام، فلا تلتفتوا إلى وسوسة شيطان أو أكاذيب ملا، أو تخذيل مخذِّل، ولكن اعملوا ومن أخطأ فليتب. ووالله، ثم والله، ثم والله لا يسعكم القعود، ابرؤوا ممن إذا أقدمتم أحْجَم، وإذا أعربتم أعجم، ألحقوا العمل بالعمل؛ فالعمل يدفع إلى العمل، والحسنة تقود إلى الحسنة، والحركة تولِّد الحركة، والطاعة تجلب الطاعة .


.