((استراحة الجمعة)) ((38))
إذا تجاوزنا سلبيات الشبكة العنكبوتية ... وتجاوزنا - كذلك - إيجابياتها .. فسنجد أن أبرز - أو من أبرز - مظاهر تلك الشبكة هي (الرغبة في المشاركة) .. والتي تتجاوز الحد أحيانا .. ومن هذا الباب قررت أن أشرككم - بعد إذنكم بطبيعة الحال - في (كناشتي الشعرية) ... أو في (دفتر) كنت أسجل فيه ما يعجبني من الشعر ..
نبدأ بقصيدة للشاعر أحمد قنديل ...
سقط النصيف عن ابنة الخباز *** سلمت بارجمها من الأوخاز
فبدت به .. وكأنها حورية *** برزت مفاتنها .. بلا برواز
فأدرت وجهي للجدار محوقلا *** فالحب ممنوع بغير جاز
ونويت ... إن هي أقدمت فقدمت *** نحوي لمد الساق للدرواز
للباب بالفصحى كما بينته *** في المتن مذكورا مع الإيجاز
أو أنه والله أعلم يا أخي *** بمراده بالشرح للألغاز
***
لكنها حفظت التراث صنيعها *** هتفت بصوت ناغم هزهاز
قف يا ابا دحمان غير محاول *** هربا وقل ما تبتغي لطرازي
قلت : النصيف. ولم أزد في قولتي *** حرفا فذلك منهجي و ركازي
فتناولته بصنعة برشاقة *** تزري بلاعبة الجمباز
وجرت على طرف الأصابع حرة *** كالفلو مفلوتا بلا مهماز
فكأنها غجرية حفيانة *** تسعى على سجادة شيرازي
فصرخت لا تفرنقعي بل جحدري *** قلبي يحلق طائرا كالبازي
***
قالت : وماذا بعد؟ قلتُ : فقطرة *** بلي بها ريقي مع الأبواز
فمشت إلى ثلاجة مدروقة *** خلف الستارة قد مشت بألغاز
فرشفتها متلذذا بنقاخها *** وركزت متكئا عكازي
أرنو إلى البنت الجميلة ثغرها *** كالنبقة الخضراء أو ككراز
ومشيت من قدامها وورائها *** وأريتها تأشيرتي وجوازي
وسبحت في دنيا العروبة كلها *** تعبان بين تهانئ وتعازي
أطوي الجزيرة من أباطح دخنة *** أي من ربى نجد لسهل حجازي
من فاس من مكناس أو مصراطة *** من تونس الخضراء إلى بنغاز
متنقلا من نيلنا لفراتنا *** حتى القضارف أو ذرى الأهواز
بين الغدائر للعلاء تفرقت *** مستشزرات لا تلين لغازي
***
قالت : أبا دحمان،قلت مسرحا : *** مهيم؟ فقالت : دونما تبواز
بالله ما معنى البراجم؟ قل معي *** طاسا طرنطاسا بلا أكواز؟
إني أشوفك زي أخويا دائما *** يا ليت أنك يا أخي جلوازي
يا ليتهم حطوك دون مقابل *** وسط الإذاعة أو ورا التلفاز
فضحكت مبسوطا وقلت لها اقرئي *** يومي مع الأيام دون جواز
**********
من البراجم والأوخاز والنقاخ .. وهو "ماء المطر"إذا لم تخني الذاكرة .. إلى .. كاظم خلف .. وهو يقول :
جاءت تقول ولم تقل *** وأجبتُ دون جواب
والشوق في أحداقنا *** والدمع في الأهداب
وسألتها عما بها *** وتساءلت عما بي
لاحت وقد حان الدجى *** بين الفارقد فرقدا
وبدا عليها الشوق في *** العينين أروع ما بدا
ووضعت قلبي في *** يدها حين مدت لي اليدا
********
وهذه أبيات للشاعر لا أعرفه ..
وأصعب الجراح جرح لا يسيل دما *** وأعمق الحزن حزن ما له سبب
قالت وفي دمها من لوعة لهب *** علام عيناك يرسو فيهما التعب
ولم قناديلك الخضراء مطفأة *** كأنما نسيتهما تلكم الشهب
ولم جوادك جرح رحت تركبه *** فما يضمك بيت حيث تغترب
***************
قد لا تكون التجربة متطابقة بين العاملتين (الكادحتين) .. ولكن – دون شك – هناك خيط ما يجمع بين التجربتين .. من قصيدة "في القميص"لـ"توماس هود"مكتوبة عام 1844م :
(أعمل ... أعمل ... أعمل
بمجرد أن أسمع الدورة الأولى ...
أعمل
حتى لو أن النجوم أشعت بدموية ..
ذلك الذي سيرتدي هذا القميص .. لن يعرف الثمن المدفوع من أجله.)
وهذه عاملة سورية – تعمل في خض اللبن - تقول ... كما روى الأستاذ عصام العطار ... متع الله به ...
(خضاضات الجف بحيل
عدادات نجوم الليل
خضاضيتو .. ما داقيتو ..
غير السهر ومراريتو)
**********************
ونختم بهذه القصية لخالد الفيصل :
في سحابه
على متن التمني
شفت عمري خيال في سحابه
يا ذهابه
تعدى ما ارجهن {لم يتهمل}
كن عامه نهار يا ذهابه
من غدا به
ربيع العمر منّي
حسبي الله على وقت غدا به
التوى به
رجا قلب يونّ
ويل قلب تعلق والتوى به
في شبابه
حبس نشواه عنّي
ما تهيا لذيذه في شبابه
ذا صوابه {جرحه}
عقب ما هو طعني
لو نسيته يذكرني صوابه
من هقابه
يخيب كل ظنّي
وا عذاب الخفوق اللي هقابه
رد بابه
زماني وامتحني
يوم ثوّر عجاجه ردّ بابه
يا ربابة
علي المسحوب غنّي
من قصيدي بكى قوس الربابة
***********************************

على هامش (الاستراحة) .."19" من شرح الشيخ عبد الله كنون الحسني،لقصيدة (الشمقمقية) ..وقد بدأ بتقديم النصائح ..
110 – فكن مهذب الطباع حافظا *** لحِكم وأدب مُفترق
111 – وعاشر الناس بخُلْق حسن *** تُحمد عليه زمن التفرق
112 – ولا تصاحب من يرى لنفسه *** فضلا بلا فضل وغير المتقي
113 – وكل من ليس له عليك من *** فضل فلا تُطعِمه بالتملق
114 – وفوقن سهم النميري لمن *** لطرق العلياء لم يوفق
(( فوق السهم : جعل له فواقا بالضم،وهو شق في رأسه حيث يجعل الوتر. وسهم النميري : مثل يضرب في الإصابة وعدم الخطأ،والنميري صاحبه. هو أبو حية الشاعر زعم أنه عرض له مرة ظبي فرماه بسهم فراغ عنه فعارضه،فما زال حتى أقصده وهذا من أكاذيبه. وطرق العلياء : المراد بها أسباب المجد وما يكسب الحمد. ))
115 – وافعل بمن ترتاب منه مثل *** فعل المُتلمس اللبيب الحذق
116 – ألقى الصحيفة بنهر حيرة *** وقال يا ابن هند أرعد وابرق
(( ترتاب منه : تشك فيه. والمتلمس : اسم رجل. واللبيب : العاقل. والحذق : الماهر. وألقى : رمى. والصحيفة : الكتاب. بنهر حيرة : أي فيه وهي الحيرة،وحذف ال للضرورة. وكان المتلمس وفد هو وابن أخته طرفة بن العبد على الملك عمرو بن هند صاحب الحيرة،فبقيا لا يصلان إليه،وكأنه استخف بهما،فهجاه طرفة فبلغه ذلك فهم بقتله لكنه خاف هجاء المتلمس أيضا،فقال لهما : لعلكما اشتقتما لأهلكما؟ قالا : نعم. فكتب لهما صحيفتين،وقال : اذهبا إلى عاملي بالبحرين فقد أمرته أن يصلكما،وكان في الصحيفتين الأمر بقتلهما. فأما طرفة فمضى إلى العامل فقلته،وأما المتلمس فإنه اشتبه بأمر الصحيفة فأعطاها إلى صبي فقرأها له فنجا بنفسه،وبقي أمر صحيفته مثلا مضروبا في الحذر والأخذ بالحزم.)).

أبو أشرف : محمود الشنقيطي – المدينة المنورة يوم الجمعة 05/02/1433هـ
Mahmood-1380@hotmail.com