أدن الكؤوس فقد عطشت طويلا
واجعل وريدك للشموع فتيلا
وانثر ظلام الليل عند لقائنا
ليكون غصنا للغرام ظليلا
ويلفنا همس النسيم ببوحه
ويبيت حول غرامنا مسدولا
شفتاك إن مست كؤوسي أزهرت
حبا يسافر شاطئا مجهولا
شفتاك تجعل من كلامي عسجدا
شفتاك تلهمني الكلام جميلا
شفتاك مولاتي تنير أزقتي
تهدي حروفي للجمال سبيلا
وتعيد ترتيب الغصون بداخلي
أملا يضيء جوانحي ودليلا
أتسير في رملي الظباء ولا أرى
يهتز رملي ضحوة وأصيلا
ويذوب في خطو الظباء توحدي
فأكون فيها الهمس والتقبيلا
همست بفجري ظبية مجنونة
فرعفت من حرف المداد شمولا
وسكرت من شهد العيون وقد بدت
وتبتلت أجفانها تبتيلا
وعزفت في زهر الشفايف لحنها
فغدون وردا ما عرفن ذبولا
يا همسة الفجر التي أشتاقها
هلا ملأت من الهوى القنديلا
فأنا بصدرك لا أمل إقامتي
وبِحُقّ عاجك لا أكون بخيلا
وبقرب مرمرك الذي مرمرني
أهوى اتخاذي للملاذ مقيلا
وإذا أباح دماء قلبي لحظها
هرع الفؤاد لكي يكون قتيلا
في حق عاجك بت فيه متيما
وبموج شعر يرفض التجديلا
بنبيذ خدك صار قلبي مغرما
وبغير خصرك محبطا وملولا
يا من إذا ماج الربيع بصدرها
رفضت نجومي أن تكون أفولا
وثبتن في كبد السماء توثبا
عل الوميض يبوحها المجهولا
ويبوح عطر الشرق في فستانها
أن الجمال مبعثر إكليلا
في كل جزء من زهورك وردة
تحكي الجمال مفصلا تفصيلا
فالنهر يروي وردها متبتلا
وأراه يروي حسنها مذهولا
أيبوح شعري ما يرى بمفاتن
في كل جزء إذ رآه خميلا
بمداد شهدك قد غمست قصائدي
فغدت بسحرك للجمال رسولا
ووصفت رمشك راعشا متهيبا
ورجفت خوفا سيفك المسلولا
إن طالبت عيناك صدق صبابتي
فالحب أظهر رقة ونحولا
وبرى التلهف خافقي وأثاره
وأشاع في رمش الحنين ذبولا
من بعد ما صار الغزال بقبضتي
أهدى لقلبي وهمه المعسولا
فشربت من وهم السراب سرابه
وغدوت فيك متيما متبولا
يا همسة الفجر التي تجتاحني
قد بت في شفة الجميل عليلا
ويلذ موتي أن أرى في شطه
ميلا يقبل جانبيه فميلا
إني أتيتك عاشقا متوسلا
لا ترجعيه خائبا مخذولا
وقصور رملي زلزلت في لحظة
وغدون فيك كما الكثيب مهيلا
أدني الكؤوس فعرش ملكي قد هوى
وغدا سأمضي عاشقا ضليلا
ولتسكبي كأس المنى ولتكسري
كل القيود وحققي المأمولا
كوني لقلبي دفءه ومصيره
أبدا وكوني للعذول عذولا
قلبي بحبك لا يمل سحابه
يهديك من فصل الربيع فصولا
ويكون نبض ضبابه ورذاذه
في وصف سحرك دائما مشغولا
هاتي أصابعك التي لو لامست
حجرا أصم أصاره مصقولا
من لوعتي إني نسجت قصائدي
ومزجت دجلة والفرات ونيلا
حتى يكون كبعض ريقك مسكرا
فأبى رضابك أن يكون مثيلا
فمججت في نهر الثلات بنفثة
جعل المزيج معتقا وشمولا
وتبرأت كل الدوالي غصنها
وأبى النخيل بأن يكون نخيلا
لما رأت من قطف فرعك قطرة
عصفت ترتل ريقها ترتيلا
بكت الدوالي ثم جن قطوفها
وعلى الغصون تهدلت تهديلا
يا همسة الفجر التي في حبها
ذابت حروفي لو هجرت قليلا
إن البيان يذوب فيمن عشقها
جعل الفؤاد مكبلا تكبيلا
هاتي يديك وجدفي كي نلتقي
فالبعد عنك أنا أراه وبيلا
أوما علمت حبيبتي شرع الهوى؟
أنا لو حُرمتك لا أعيش طويلا !!