(كراكوزاتي)الأوان




كتبها: فيصل الملوحيّ





كلنا نمتّع نفوسنا برؤية(كراكوزاتي أيام زمان)، ننظر إليه اليوم في الرائي عندمايريد المخرج أن يعيدنا إلى فردوسناالمفقود ( نحن الهرمين! )، لا زمنا فحسب، بل فكراً وأسلوب حياة، ولا ندري: أيصدق في دعواه أم يهدف إلى أمرآخرعلى شاكلةكل الأمورفي عصرنا عصر التقدم والرقيّ والصنائعيّة( تكنولوجيا) الرهيبة (رهيبة لنا نحن الذين عشناعلى العرانيس البغو)، لا جيل ختام القرن العشرين الذي ولد وأصابعه تلعب بأزرار الحاسوب( اعذروني لجهلي:الكومبيوتر أو الأورديناتور!).
كلنا يعلم ( أو أحسب أن كلنا يعلم ) أن الكراكوزاتي في القهوات أيام زمان كان كالحاوي يحرك (كراكوزه وعيواظه) كيف يشاء، و يتمكن من اللعب بحباله الصوتية لعباً يسحرنا فيه، فمرة نظنه ( كراكوز ) وأخرى (عيواظ) ، هكذا يخيل لنا، أمّا الحقيقة فلا صراع ولا نزاع، إنما هو سحر( حلال أو حرام؟ لست أدري )، يؤلف القصص، و( يفبرك ) الأقاويل على لساني خشبتين شكّلهما على صورة آدمّّ!!
ويشطّ بيَ الخيال، وأرى المتحكّمين بمصائر الشعوب الثالثة (مابقيت ثالثة، ذلك قبل الانهيار الرهيب الذي دبّره الأول، أو بالأحرى من يتحرّك خلف الجميع، إنما اليوم قطبان، غفرانك اللهم: بل عملاق مارد، ونمل كثيركثيرملأ الساحات، وليس له نباهة نملة سليمان الحكيم!! )، كذلك ( الكاراكوزاتي)، ولكن لم يبق متخلفاً يمسك بخشبتين على شكل ابني آدم، يحرّكهما من خلف شاشة ويلعب بضوء الفتيل، ويرسم لنا الظلال بحركات كركوز وعيواظ.
إنّما اليوم آلة إعلامية تستخدم ( تقنيات ) لا أفهمها، ولا أصل إلى تشغيل معشارمعشارها، أضواء وأجهزة، وتغيير أصوات بل وشخصيات مزوّرة،كنا نسمع الحكايات الملفّقة، فنسأل عن صاحبها:أهوثقة،أم غيرثقة،ولكننااليوم نشاهدالثقات يتكلمون ويتحركون، أهم أحياء أم أموات، لست أدري!! تعلمون بمتاحف الشمع، لكنها هيّنة هيّنة أمام ماتفعله الحواسيب من تشويه وتزوير، وترَوْن الأموات من الممثلين يرغّبون الخلق بالعلكة واللبان، و أحمر الشفاه و(الشامبوان) !!
كان يمثلهم بيننا وجوه من أبناءجلدتنا، حتى إذا فات أوانه، أمسكوا برقبته، و(قصفوها)، وأتّوْا بآخر يخدمهم في الفترة القادمة، لكنهم رأَوْا أنه أسلوب عفا عليه الزمان، فابتكروا أسلوباً يوافق عصرالسحر( التكنولوجي )، فخرجت الأمم غاضبة تتحرر من ربقة الظلام الذي خيّم عليها ثلاثين عاماً أو أربعين، ولا أدري شكل المستقبل، و خططه الجديدة، ألم يقولوا: نحن نسأل بعد أن يدخل فينا ( الخازوق ): عن أسباب الدخول وعن وسائل الاحتيال لإدخاله فينا، وقد نصل إلى الجواب الصحيح بعد أن تجفّ دماؤنا، وقد لا نصل.
دماء وقتلى ، لكني لا أعرف الوصف الملائم لما يجري، ولكن كل هذه الدماء لاتحرّك في مدبّر هذه المسرحيّات أو من يقف خلفه شعرة ( خنزيرية ) واحدة!! ما يبحث عنه هو نجاح تجربته الجديدة المبتكرة!!