من العجائب التى اخترعها الساسة هو :

التفرقة بين الدولة والشعب فمن يحكمون الدولة لهم وضع خاص غير وضع من يحكمونهم ويتجلى ذلك فى حصانات أعضاء المجالس النيابية ورؤساء الدول والوزراء وغيرهم وأيضا فى مرتباتهم العالية ومزايا مناصبهم .

كما نقول فى مجالسنا :البلد بلدهم وليس لنا فيها شىء إلا ما يتفضلون به علينا .

هذا هو النظام السائد فى كل دول العالم النظام بأعضائه شىء والشعب شىء أخر وهو ما يسمى فى القرآن حكم الأكابر أو المترفين وما يسميه البعض حكم الصفوة أو حكم أهل الحل والعقد .

بينما النظام الذى أراده الله للبشر هو أن تكون الدولة كالأسرة فكلنا سواء ليس لدى أحد حصانة كلنا نتعامل بالرحمة والشفقة على بعضنا لا يتميز أحد على أحد ولذا طلب الله من رسوله (ص)أن يقول :

"قل إنما أنا بشر مثلكم " وعبرت المقولة الشهيرة عن ذلك :

"الناس سواسية كأسنان المشط "

النظام الذى يجب أن يسود العالم هو نظام العائلة فلا يوجد شىء اسمه حكومة لأننا كلنا معا حكومة ولنا فى وصف الله بنى إسرائيل بأنهم كلهم ملوك "وجعلكم ملوكا"الدليل فكل الناس ملوك أنفسهم يحكمون بحكم الله .

ومن ثم يجب أن يعمل الكل على تحويل نظام الصفوة والخاصة إلى نظام العامة أو الأسرة الواحدة ولعل المظاهرات ضد ول ستريت هى صيحة ضد هذا النظام الظالم الذى يستأثر فيه قلة بالمال والسلطان ولكنها صيحة سوف تضيع لأن المتظاهرين خرجوا دون أن يكون معهم نسق اقتصادى سياسى جديد للعدالة فالكل ينادى بالعدل دون برنامج واضح ودون برنامج عمل ومن ثم فالحل كما قال بعض المحللين سوف يأتى من داخل النظام الرأسمالى وهذا الحل سوف يقدم بعض التنازلات من قبل النظام بحيث يزيد الفتات الذى ترميه الحكومات ورجال أعمالها للشعوب بعض الشىء ثم يعود الناس لمنازلهم نتيجة الرضا بهذه الزيادة الفتاتية ثم تعود الأزمة من جديد مرة أخرى لأنهم لا يستأصلون الداء وإنما يستعملون معه المسكنات .