6- حَذْفُ الحالِ وحَذْفُ صاحِبها

الأصلُ في الحال أنه يجوز ذكرها وحذفُها، لانها فضلةٌ. وإن حذفت فإنما تُحذَفُ لقرينة. وأكثرُ ذلك إذا كانت الحالُ قولاً أغنى عنه ذكرُ القَول، كقولهِ تعالى: {والملائكةُ يَدخلونَ عليهم من كل باب سلامٌ عليكم}، أي: (يدخلون قائلين: سلامٌ عليكم)، وقوله: {وإذْ يَرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ وإسماعيلُ ربّنا تَقبّلْ منا}، أي: (يَرفعانِ القواعدَ قائلَينِ: ربّنا تقبّلْ منّا).

وقد يُحذَفُ صاحبُها لقرينةٍ، كقولهِ تعالى: {أهذا الذي بَعثَ الله رسولاً}، أَي:

(بعثهُ).

وقد يَعرِضُ للحال ما يمَنعُ حذفَها، وذلك في أربعِ صورٍ:


أ- أن تكونَ جواباً، كقولك: (ماشياً) في جواب من قال (كيف جئتَ؟).


ب- أن تكونَ سادًةَ مسَدَّ خبرِ المبتدأ، نحو: (أَفضلُ صدَقةِ الرجلِ مُستتراً).


ج- أن تكونَ بَدلاً من التلفُّظِ بفعلها، نحو: (هنيئاً لكَ).


د- أن يكونَ الكلامُ مَبنيّاً عليها - بحيثُ يَفسُدُ بحذفها - كقوله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تقربُوا الصلاةَ، وأنتم سكارى، حتى تَعلموا ما تقولون}، وقولهِ: {ولا تَمشِ في الأرضِ مَرَحاً} ومن هذا أن تكون محصورةً في صاحبها، أَو محصوراً فيها صاحبُها، فالأولُ نحو: (ما جاءَ راكباً إلاّ علي)، والآخرُ نحو: (ما جاءَ عليٌّ إلاَّ راكباً).


7- حذفُ عاملِ الحالِ

يحذَفُ العاملُ في الحال. وذلك على قسمين: جائز وواجب.


فالجائزُ كقولك لقاصد السفر: (راشداً)، وللقادم من الحجِّ: (مأجوراً)، ولِمن يحدِّثُكَ: (صادقاً)، ونحو: (راكباً) لمن قال لكَ: (كيف جئتَ؟)، وبَلى مسرعاً) في جواب من قال لكَ: (إنَّكَ لم تَنطلق). ومن ذلك قولهُ تعالى: {أيَحسَبُ الإنسانُ أَن لن نجمعَ عِظامَهُ؟ بَلى، قادرينَ على أن نُسوِّي بنَانَهُ}، وقولُهُ: {حافظوا على الصّلواتِ والصلاة الوسطى}، إلى قوله: {فإن خِفتم فَرِجالاً أَو ركباناً}.


[للمسافر: الاستعاضة عن تسافر راشداً، وللحاج (رجعت مأجوراً، وللمتحدث: تقول صادقاً، وبلى نجمعها قادرين، وصلوا رجالاً أو ركباناً والرجال هنا جمع راجل أي من يمشي على رجليه، وركبان جمع راكب]

والواجبُ في خمس صوَر:

أ ـ أن يُبيّن بالحالِ ازديادٌ أَو نقصٌ بتدريجٍ، نحو: (تَصدَّق بدرهمٍ فصاعداً، أَو فأكثرَ)، ونحو: (اشترِ الثّوبَ بدينار فنازلاً، أو فأقلَّ، أَو فسَافِلاً). وشرطُ هذهِ الحالِ أَن تكون مصحوبة بالفاءِ، كما رأيت، أَو بِثمّ. والفاءُ أكثرُ.

ب- أن تُذكرَ للتّوبيخِ، نحو: (أقاعداً عن العمل، وقد قام الناسَ؟)، ونحو: (أَمتوَانياً، وقد جَدَّ قُرَناؤكَ؟). ومنه قولهم: (أَتَميميّاً مرةً، وقَيسيّاً أُخرَى؟).


ج- أَن تكون مُؤكدةً لمضمونِ الجملةِ، نحو: (أنت أَخي مواسياً).


د- أن تسُدّ مسَدّ خبر المبتدأ، نحو: (تأديبي الغلامَ مُسيئاً).


هـ- أَن يكون حذفُهُ (أَي حذفُ العامل) سَماعاً، نحو: (هنيئاً لك).