المحور الثالث..
1-ممكن اعتبار كل عربي يقطن في قطر عربي أو غربي مثلا : مطبع بتلك الحياة التي يعيشها؟ إلى أي مدى نؤمن بصحة هذه المقولة؟ وهل العرق العربي قابل للذوبان في الجنسيات الاخرى ولماذا؟
2-كيف يمكننا ان نربي جيلا يتبنى القضية وسط هذا الهرج والمرج والفوضى العروبية؟الإجابة..أولا وقبل كل شيء يجب أن نتفق على أن ليس كل ما لدى الآخر سيئا، بل إن لديه الكثير مما هو جيد، بل مما هو أفضل مما لدينا. بل على العكس من ذلك تغمرني قناعة عارمة بأن الإنسان العربي وبسبب العديد من العوامل يعيش حالة من انعدام الوزن والتيه والتناقض، حتى وهو ينشأ على ثقافته التي ورثها داخل بلده وبعيدا عن المؤثرات الأجنبية! إن الإنسان العربي بحاجة لأن ينفتح على الثقافات والحضارات الأخرى كي يتعلم منها ما عجزت ثقافة الاستبداد والخوف والألفة المقيتة التي يعيشها في وطنه عن أن توصلها إليه. لا يخيفني الانفتاح إطلاقا. حتى لو حصل في مراحل التكوين الأولى. إن الذي يخرج عن عباءته بسبب الانفتاح، هو لم يكن في عباءته من الأساس، وكأن حاله أشبه بالسكوت على باطل أو على ضلال، وبالتالي فقد كان جيدا أن يتعرض لزلزال الانفتاح حتى يظهر على حقيقته ولا يحيى ويحيينا معه حالة الانطواء التي كانت تظهره إنسانا سويا، بينما هو مليء بكل أشكال العقد. إذا تمكنا من أن ننشئ جيلا جديدا، على التفكير، وعلى حسن وسلامة استخدام العقل، وعلى الحرية وعدم الخوف، وعلى الثقة بالنفس ورفض فكرة التقليد الأعمى، والانصياع لكل ما هو من الماضي، وعلى الرغبة في خوض المغامرات والكشف عن الحقيقة، فإننا نضمن أن هذا الجيل سيؤثر في الآخرين أكثر مما سيتأثر بهم. أما والحال أن الإنسان العربي يذهب إلى الغرب وهو منطوٍ في داخله على كل التناقضات والأمراض الذهنية والنفسية، الناجمة عن حالة الخواء، ومحاربة العقل والفكر، والرضوخ للاستبداد والظلم، والهروب إلى الماضي، والتناقض بين القول والعمل، وتعارض المدخل التعليمي والتربوي مع المخرج الاجتماعي والقُدووي، فلا يمكن أن ننتظر غير الضياع والانفلات أو الإمعان في الانطواء.لماذا نخاف على مريض من الاطلاع على أدوية الأطباء؟ أليس من الممكن أن يجد في أحدها علاجا يشفيه من أمراضه؟ المهم أن يعرف كيف يقرأ وصفة الدواء كي يعرف أي دواء يناسبه؟ أميل إلى اعتبار الخوف من التطبع بالثقافات الغربية، والاندماج في تلك المجتمعات، والخوف على الهوية الذاتية من الالتحام بها، أعتبر ذلك مبالغة وتأسيسا خاطئا لفكرة تكوين وإنشاء الإنسان العربي.يجب أن نحدد ابتداء شكل ونمط وهيئة الإنسان الذي نريده، وننشئه على ذلك، ثم نلقي به في أتون كل الصراعات والمحاورات والمؤثرات دون أن نخاف عليه. كي نتحرر من الخوف على أنفسنا وعلى أبنائنا مما أثاره السؤال المطروح، يجب أن نحررهم من ذهنيات الألفة، والخوف، والتميز الفارغ، وإعادة إنتاج ذهنياتهم لتصبح ذهنيات تمرد وتجديد، وذهنيات جرأة وإقدام، وذهنيات تميز على أسس بناءة منتجة وفاعلة. عندئذ لا يخيفنا عليهم شيئ. أما ما دمنا نعرف أنهم خائفون من الجديد، متعودون على القديم، مستأنسون إليه وقانعون بالعيش في ظلاله، متوجسون من المغامرة والإقدام في المعرفة وفي السياسة كما في الحياة، واهمون في إحساسهم بالتميز، فلن يفيدنا في شيء إبقاؤهم حتى في قمم، لأن هذه الذهنيات تدمرهم وتقتلهم، حتى وهم في أوطانهم وبين ذويهم وتحت تأثير الثقافة السائدة.تقول الحكمة.. "إذا رغبت في شيء بشدة، فأطلق سراحه.. فإن عاد إليك، فهو ملك لك إلى الأبد.. وإن لم يعد، فهو لم يكن لك منذ البداية..
مع بالغ تحياتي واعتذاري على الإطالة والمبالغة في الثرثرة
أسامة عكنان