المحور الثاني..
1- مانعرفه هو عمق الغور الثقافي والفكري لإخوتنا العرب في فلسطين وخارجها، هل هو المعاناة؟ وهل يمكنك المقارنة بين من هو داخل فلسطين وخارجها؟ وبين العرب جميعا؟
الإجابة..لا أظن ابتداء أنني مؤهل لإجراء مقارنات بين أسباب الاختلاف في المستويات الثقافية بين مجموعة عربية وأخرى، في هذا البلد أو في ذاك. فأنا أقل شأنا من ذلك، فضلا عن أنني لا أستطيع الحكم على ما لم أطلع عليه، ومهما اتسعت مطالعاتي فهي محدودة جدا بالقياس لما يجب أن أعرفه كي أعطي لنفسي الحق في حكمٍ كالذي طرحه سؤالك. ولكني أستطيع القول بموجب قراءاتي المحدودة والمتواضعة، أنني لم ألمس هذا التميز والعمق الذي أشرت إليه عند الفلسطينيين فقط، بل لمسته عند عرب كثيرين. فالمثقفون العرب حتى وإن حصر معظمهم نفسه في دائرة النهج التوعوي ولم يحوله إلى حالة وعي حركية، فيهم مجموعة من العباقرة الأفذاذ الذين سيشهد العالم بأهميتهم وبدورهم آجلا أم عاجلا. فالمؤرخون والروائيون والمفكرون والشعراء العرب في المغرب وسوريا والعراق ومصر ولبنان على نطاق واسع، وفي الأردن والسودان واليمن وليبيا وبعض دول الخليج على نطاق أضيق، لا يمكن التشكيك في مقدراتهم وفي عمقهم في الكثير من القضايا التي تناولوها في أعمالهم الفكرية والإبداعية والتاريخية. إن في كل دولة عربية من المبدعين والمفكرين ممن تشرفت بالقراءة لهم حتى الآن من يستحق صفة العالمية، إذا كانت هذه الصفة تُمنح لمن يمكن لأعماله أن تؤثر على البشرية، لكن ظروفنا السياسية والثقافية في الوطن العربي هي التي تحول بيننا وبين أن يرى العالم عالميتنا هذه. إننا محصورون مقموعون محاربون منشغلون محرومون من أدوات الانتشار ونقل التأثير مع أن القدرة على التأثير ذاتها متوفرة لدى الكثيرين من مبدعينا ومفكرينا ومؤرخينا ومثففينا عموما.