عظمة الإسلام : ديننا أعظم دين عرفته البشرية عبر تاريخها الممتد في عمق الزمن . نقول هذا ونحن نرفع هاماتنا عزّة وشموخاً بتواضع قلب وخفض جناح حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه بل وسائر أمته بذلك (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين . ) وعلى المدى الأكثر قرباً أمره سبحانه خفض الجناح للوالدين ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ..) هذا الدين العظيم الّذي يجمع ولا يفرّق , ويقرّب ولا يباعد , قادر بما يمتلكه من منهج كامل وهدي قويم ومبادئ ثابتة على أن يحتوي بكل حب كل من يريد اعتناقه من البشر كائنا من كان . *الإسلام يستقطب الآخر بكل حب في إطار الأسرة الإسلامية ذاتها مهما اتسعت : وذلك من خلال المعطيات التالية : 1- الأخوة الإيمانية : ( إنّما المؤمنون إخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلّكم ترحمون . ) وهي أخوة عملية لا نظرية , فالمسلم يحيط أخاه المسلم بالرعاية والحفظ من كل سوء . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه . ) فأخوة الإيمان تأبى الظلم منك أو من غيرك فلا تدعه يظلم أخاك , وتصون الكرامة وترعى المشاعر فلا سبّ ولا شتم ولا انتقاص لشخصه . وترفض الخذلان في أوقات الشدائد فأنت معه دائماً ترفده بالعون مادياً ومعنويّاً . وتحافظ على ماله ودمه وعرضه كما أنت. 2- جذبه إلى مكارم الأخلاق : من خلال تمثلك لها سلوكاً يومياً مع إخوانك , صدق وأمانة ووفاء بالوعود وإنفاذ للعهود , وطلب للكسب الحلال الطيب, وطلاقة الوجه ونحو ذلك مما يرفع قدرك وتسعى بدأب لترفع من قدر أخيك . 3- احتواء العصاة : هؤلاء الّذين غرقوا في بحار المعاصي كبيرها وصغيرها , تركوا الصلاة , أو افطروا في رمضان أو زنوا أو سرقوا , انظر إليهم برحمة ومدّ لهم يد المسلم الغيور على دينهم , مدّ إليهم حبلاً بيدك لعلّهم يتعلقوا به , فتكون قد ساهمت بفك رقبة وأعدت شارداً إلى الحمى بعد طول ابتعاد . الإسلام والآخر : من هو الآخر ؟ هو غير المسلم سواء أكان قي قلب المجتمع الإسلامي , يعيش بين أبنائه , مؤثراً البقاء على دينه , لكنه مسالم لا يؤذي المسلمين ويحترم النظام العام للدولة , فهذا له ما للمسلمين وعليه ما عليهم , فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية وحق المواطنة , ويعطى الحرية ليمارس شعائر دينه كما كتابه المقدس . وهو مصون الدم والمال والعرض فلا يجوز لمسلم أن تعتدي عليه بأي لون من ألوان الاعتداء , هذه حصانة للآخر منحها له الإسلام حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة . ) وأما إذا قتل المعاهد , فقاتله محروم من دخول الجنة , يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة.) هذا موقف الإسلام من الآخر في قلب الأمة المسلمة ( لا ينهاكم الله عن الذّين لم يقاتلوكم في ولم يخرجوكم من دياركم أن يبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين .)والموقف ذاته يأمر به الإسلام إزاء الآخر على مدى الأسرة الإنسانية فالواجب الّذي يحمّلني إياه ديني إزاء الآخر يتكون من المعطيات التالية : 1- أنظر إليه باحترام لأن الله تعالى كرّمه ( ولقد كرّمنا بني آدم ) . 2- أنزله منزلته تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد كان ينزل الناس منازلهم . أستاذ , دكتور , رئيس , ملك . زعيم . 3- أحاوره باهتمام وعمق , واسمع ما عنده مقبلاً عليه , ثم أكلمه بهدوء بحيث يشعر أنه محل اهتمامي ثم أناقشه فيما عرض مقابلاً الحجة بالحجة , وإذا انتهي الحوار وتمسك بما قال أحتويه محترماً رأيه لا مقتنعاً به , وابتسم له ولا أقاطعه . 4- اكرم وفادته واقدم له ما توفر لدي من الضيافة تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم , لما أذن لأسماء أن تكرم أمها المشركة . 5- دعوته إلى الإسلام برفق ولين ومن خلال التزامي بتعاليم ديني وثباتي عليه . واخيراً : ينظر الإسلام إلى الآخر نظرة إيجابية قائمة على عقيدة التكريم الإنساني ما دام يرفع راية السلم ويحترم الإسلام ولا يسيء للمسلمين , وأما إذا اعتدى وجاوز الحدود فعندئذ يتغير الموقف إلى ما يناسب حاله , لكنه يصبح موقفاً سلبياً منشؤه اعتداء الآخر , لا الإسلام ولا المسلمون .