(1)إن الإنسان عدو شيئين.ما هما؟
ما يَجْهل،
وما لا يألف.
وهل هناك فرق؟
إنهما يلتقيان لكنهما يفترقان.لماذا أقول ذلك؟لأنني أشاهد الاهتمام المبالغ فيه بما يسمى "التنمية البشرية"، والحرص على حضور دورات فيها، والحرص على الحصول على ألقاب فيها كمدرب وغيره، والحرص على التمثل بها والاستفادة منها في الحياة، و...إلخ.وما التنمية البشرية؟إنها إشاعة لمباحث علمية من علوم شتى كعلم النفس والإدارة والاجتماع وغير ذلك، ونشر لها في أوساط غير المتخصصين فيها على أيدي غير متخصصين فيها أو متخصصين فيها بغية تحسين أحوال المتدرب وتغيير حياته.وهل هناك حرج في ذلك؟في ذاتها لا حرج، لكن الحرج يركبها من منفذ آخر.ما هو؟إنه الاستمرار في الارتماء في أحضان الغرب ومنتجاته الفلسفية التي تهتم بفلسفة العلوم.وهل في ذلك بأس؟نعم.ما منشؤه؟منشؤه إهمال ما في تراثنا الإسلامي مما يضاهي ذلك أو يفوقه؛ فلو اهتم المسلمون بتراثهم، واستوعبوه، وتمثلوه- لأنتجوا أضعاف ما تعطيهم إياه مباحث "التنمية البشرية". ولو اهتم المدربون باستيعاب ما تراثنا، ثم استفادوا ما تتيحه لهم "التنمية البشرية"- لأصابوا؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن.(2)ولسائل أن يسأل: لو أراد مهتم أن يستفيد من التراث فأين يتجه؟والإجابة واضحة.كيف؟إن العلماء المسلمين اهتموا بالعلم وطرق تحمله وطرق أدائه و... إلى آخر ما يتصل به، فلو يَمّم الطالب صوب أي علم لوجد ضالته، لكنني سأركز في علم الحديث وأحوال أهله؛ فقد اهتموا بذلك أيما اهتمام، ومن يقصدهم سيجد بغيته أوفى ما تكون، وسيحصل على مأربه أعظم ما يكون!(3)وحتى أبرهن على ذلك سأسرد متفرقات من كتاب "الفقيه والمتفقه" لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي المعروف بالخطيب البغدادي(392-463هـ)، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، الناشر دار ابن الجوزي بالسعودية، سنة 1417هـ- لعلها تحث المهتمين بالتنمية البشرية على إضافة الأصالة إليها في سعيهم؛ فيصيبوا الحسنيين!