من فقه الأدعية والأذكار

عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَلَّمَا كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ : (( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ به عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بأسْمَاعِنا ، وَأَبْصَارِنَا ، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .

الشَّرْح
اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ: أي: اجعل لنا حظًّا ونصيباً من خشيتك ـ وهي الخوف المقرون بالعلم والتعظيم لله ومعرفته سبحانه ... لقول الله تبارك وتعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
ما تحول به بيننا وبين معصيتك: لأن الإنسان كلما خشي الله عز وجل منعته خشيته من الله أن ينتهك محارم الله.
وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ: أي ويسِّر لي من طاعتك ما يكون سبباً لنيل رضاك وبلوغ جنَّتك التي أعدَدتَها لعبادك المتَّقين..
ومن اليقين: اليقين هو أعلى درجات الإيمان لأنه إيمان لا شك معه .
وقوله ما تهون به علينا مصائب الدنيا لأن الدنيا فيها مصائب كثيرة لكن هذه المصائب إذا كان عند الإنسان يقين أنه يكفر بها من سيئاته ويرفع بها من درجاته إذا صبر واحتسب الأجر من الله هانت عليه المصائب وسهلت عليه المحن مهما عظمت سواء كانت في بدنه أو في أهله أو في ماله .
ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا تسأل الله تعالى أن يمتعك بهذه الحواس السمع والبصر والقوة ما دمت حيا .
واجعله : أي كل واحد منها السمع والبصر والقوة.
الوارث منا: أي الباقي منا ، أي اجعل هذا التمتُّعَ بالحواس والقوى باقياً مستمرًّا بأن تبقى صحيحةً سليمةً إلى أن أموت.
واجعل ثأرنا على من ظلمنا: أي: وفِّقنا للأخذ بثأرنا مِمَّن ظلمنا، دون أن نتعدَّى فنأخذ بالثأر من غير الظالم.
وانصرنا على من عادانا: أي: اكتب لنا النصر على الأعداء.
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا: أي: لا تُصبنا بما ينقص ديننا ويُذهبه من اعتقاد سيِّء أو تقصير في الطاعة أو فعل للحرام، وذلك لأنَّ المصيبةَ في الدِّين أعظمُ المصائب وليس عنها عِوَض، خلاف المصيبة في الدنيا.
ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا أي: لا تجعل أكبر قصدنا وحزننا لأجل الدنيا؛ لأنَّ مَن كان أكبرَ قصده الدنيا فهو بمعزل عن الآخرة، وفي هذا دلالة على أنَّ القليلَ من الهمِّ مِمَّا لا بدَّ منه في أمر المعاش مُرخَّصٌ فيه.
ولا مبلغ علمنا أي: لا تجعلنا بحيث لا نعلم ولا نفكِّر إلاَّ في أحوال الدنيا.
ولا تسلط علينا من لا يرحمنا أي: من الكفار والفجَّار والظلمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شرح رياض الصالحين / محمد بن صالح بن محمد العثيمين
فقه الأدعية والأذكار / عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
مشكاة المصابيح / للعلامة الشيخ ولي الدين التبريزي

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ