رسالة من طفل لم يولد بعد

أنا قادمٌ يا سادتي
من عمق ِ أعماق ِالحنايا القابعات ِبموعدي
أنا حاضرٌ يا سادتي للذبحِ للتعذيب ِللألم ِالمعلق ِ فوقَ أغصان ِالورودْ
ولسوفَ أقبعُ خلفَ تهويم ِالحكايات ِ التي عبقتْ بأنسام ِ الجدودْ
أو ظل ِّ جدرانٍ تهاوى القهرُ مرسوما بها
سأظلُ أجلسُ حافيا في حدِّ أرصفةِ الحياة
ْوعلى الحوافِّ الخاويات ِ من ارتعاش ِالذاكرةْ
أنا قادم ٌ من بوح ِ حقل ِالقمح ِتعمرُه ُ السنابل
ْلن يصرخَ الألمُ المبجّل ِ في القيود ِ وتحتَ آهات ِ السلاسلْ
لن أنحني متذللا كي تهملوا فعلَ المقاصلْ
يا سادتي إني أنا في حضن ِأم ٍّ أرضعتني العشقَ للسيف ِ المقاتلْ
وتعفرتْ وجناتها بتراب ِأرض ِ شاقها المجد ُالرفيعْ
أنا لا أريد ُعطية ًمن كفِّ أوغاد ٍوأرفضُ أنْ أموت َمن الخضوعْ
لا لن تجف َّمياهُ نبع ٍفي اغتراب ِالروح أو عندَ الهُجوع
ْقد ينهشُ الأغراب ُصدري والربوعْ
لكن قلبي صامد ٌبين الضلوع ْ
يا أيها الأسياد ُإني قادم ٌفتموجُ في الزّبد ِ البحار
ْوعلى سجاجيد الطغاة ِببغيكم قد طالَ صمتُ الانتظارْ
فأنا وجرحي مائج ٌبالغارِ أو عبق ِ النهارْ
سيظلُّ ينزفُ كلما هدأت ْأعاصيرٌ ونار
ْأدمنتُ جرحي لم يكنْ تضني الجبالَ صواعقُ الغيم ِالغضوبْ
أم هل شكت ْصحراؤنا من شحِّ غيث ٍ أو نضوبْ؟
فأنا وحقِّ الرمل ِفي الكثبان ِ تسكنُ أو تمورْ
ما كنت ُيوما شاكيا من غبنكم حتى وإن طفح َالفجورْ
فالنزفُ من جرحي قلائدُ فجرنا الآتي المجيدْ
ولسوفَ يسطع ُفي دجى الليل المنيع ْ
قمرٌ يصوغ ُالفجر َمن عُمق ِ الصقيعْ
ويروح ُفي نبض ِ السواقي العازفات ِلحونَها
أملا يدوس حذاؤه جفن َالطغاة
ْوتهامسُ الكونَ الحياةْ
يا سادتي رسمَ الشقاءُ بوجه أمي قبلة ً
وأبي تناغيه الطيورُ على الوهاد ِالعاشقاتْ
فالأرض ُعطشى للزنود ِ الآتيات ِ من الألمْ
من خلفِ آهات ِالضياعْ
قد تكسرون العظم َقي جسدي النحيلْ
قد تجرحون اللون َفي كبد ِالملاكْ
أو تلسعُ الأحقاد أنداءَ الزهورْأ
و تمسحون اللونَ من حدَق ِ العيونْ
أو تقلعون من الأصابع ِظفرَها
أو تقطعون من الجذورِ لساننا
لكننا دوما نعودْ
وتزغردُ الأخوات ُفي عرس ٍ جديدْ
لكنني أرجوكمُ من بعد قتلي والفناءْ
فلتأخذوا بعضَ البقايا من رفاتي واتركوها ساعة ً في حضن أمي
ذلك الحضن ِالدفيءْ
أشتاقه ، أشتاقُ ضمة َصدرها الصافي الحنون ْ
هيا خذوني عند أختي فهي أدماها الفراقْ
كي تلثم َالخدَّ الذي عشق َالحياة
ْونساؤنا يصرخْن َمن عمق الحناجرْ
والصوت يصفع ُقبحكم
يا سادتي
خلّوهُ في أفقِ الزمان منارة ً
خلوه يلثمُ طفلة ًفلقد زرعتمْ يتمها في حزن هاتيك العيون
والدمع ُيكوي نزفه تلك الجفون
خلوا النساءَ مزغردات ٍ
حولهُخلوه يحتضن ُالتراب َمعانقا عرقَ الجدودْ
ولتصرخ ِ الوديانُ والأنهارُ والسّفحُ العنيد
ْسنظلُّ نحتضنُ الرفاة َ
نقبل الترْبَ الذي ضمّ الشهيدْ

رمزت عليا