مدخل صغير :
سأبيع لك الأرض ولكن ..امنحني سماك



لا يمكن أن تكون الفضاء التي تظلل رأسك كاذبة طالما أنت تقف على مساحة حقيقية , لأن كينونة التطابق تعتبر وحدة قياسات إثبات وجود الشيء وفي انعدامه قطعاً ينعدم المطابق للمتطابق ..
في حين هناك مساحات قد تبدو من صنيع رغباتنا ولا توجد لها موطئ قدم في خريطة الواقع , ولا يندرج اسمها في سير وملاحم التاريخ .


ولكن رغم هذه الاستحالة , فهي موجودة بقوة احتراقنا بنا , وبشهقة الجمر حين تداعبه كف الريح ويسيل لعاب اللهب شوقا لنهاية الكون رغم انغماسه الآفل تدريجيا في أكوام الرماد . هذا الكون أشبه ببناء من الرمل يتداعى بمجرد قرار ولكنه لا يختفي من الوجود إلا بأمر ربه الذي خلقه منذ البدء .


العجيب في الأمر إنه لا يوجد ما هو أسهل من النار حين تطفأ !! و ما أسهل السيل حين ينقطع!! فـ كلاهما يدمران كل شيء بلحظة , ويبقى اثر الدمار عهدا كفيلا بـ توريث الأجيال آثار ذلك الدمار .



كنت مقتنعة دائما بأن النظريات السياسية أكثر أناقة في سياقات الأدبيات وربما تتفوق أحيانا على الأدب الصرف بجمالياتها المغرية ..في حين يستمد هذا الآخر مكانته من مكمنه , ولكن تلك النظريات التي تتأنق بمفاهيمها الباهرة و التي تكاد تلامس سماءً تبرق باستحياء الليل وجرأة الغلس لتنزع شوك المسلمات من أحداق الاعتراف , والتي يتجرعها الآخر قبولا بالمتاح .
وخاصة عندما لا يكون هناك خيارا آخر ينافس هذا الطرح .
إلا إن تلك المسلّمات تتآكل من أطرافها كضفاف الأنهار العظيمة وتتقلص من جذوعها , وتبدأ بتحللها عن بعض بريقها لتصبح عبئا على حاملها ..
وكلما زادت على الطرف الآخر وتسلقت رؤوس حامليها تناقصت من مصدرها , لها تشكلاتها الهندسية وربما تخرج من تحديداتها لتضيع في زخم تفاصيلها , وتمنح للباحث عنها فسحة من التأمل , قد ترويه من عطش السؤال , وتدربه على نهم القراءة .



ورغم هذا وذاك إلا إن النظريات السياسية تندثر بين أصابع الممارسة و تلفظ أنفاسها الأخيرة كلما أجتهد المسئول عنها في بلورتها , حيث تتكشف فراغاتها بسرعة صاروخية , و تمتص الأقنعة , وتحفر تجاعيدها في نواصي معتنقيها وان كان البعض لا يحب أن يتعامل مع الأمر بشفافية إذ يكلفهم الكثير "الاستمرار" بعد إفراغ الكأس من محتواه وتعرية الحقيقة على جدار معتم غير قابل للوضوح , ناهيك عن اجترار الذات دون تقدم يذكر , فالإضافات المقننة غير مقنعة طالما لم تأت بجديد .
فيبدأ يمارس العامل عليها احتيالا ليس على الآخرين فقط !! بل حتى على نفسه , فيسقط في فخ حفره بيديه ليصبح ضحية أفكاره وفريسة قناعاته ..



مثال صغير:
قيل بأن الماوية نجحت فيحين فشلت الماركسية االلينينة رغم إن الماوية خرجت من رحم الشيوعية إلا إنها نجحت في الصين واختلفت عن الأم بامتلاكها مشروعها الذاتي والحفاظ عليه حد الانفلات دون البحث عن الانتشار والتوسع العولمي , لكنها تقوقعت على ذاتها وشاخت في مكانها حيث كل شيء يبدأ وينتهي .
تأكدت جيداإنه لا نظرية إلا ورافقها الانهيار ولا انهيار إلا من وراء النظرية
عدا دين رب العالمين وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .






.