السلام عليكم

لدى لقاءنا مع الدكتور بهجت قبيسي تبين انه قام ببحث مطول عن الامازيغية يبين عروبة منشأهم ولغتهم رغم تحورها قليلا إلا ان مفرداتها عربية تماما.
وهو يتعامل دائما في بحثه التاريخي مع آثار كل منطقة لا مع المراجع فقط بل مع الآثار الحسية وأبجديات المنطقة,ومن هنا يتفادى اخطاء ودسائس المستشرقين غالبا, فالأبجديات هي وثائق الشعوب وأرشيف تاريخهم.
ولأن التاريخ والأبحاث لاتجد مراجع هامة عميقة موثوقة غالبا , وتعتمد من خلال كسلها على ماأورده المستشرقين وفي هذا خيانة عظمى لتاريخنا, نجد ان ماسنقراه عبر غوغل سيكون فيه مغالطات كثيرة لذا وجب التنبيه إلى ضرورة البحث والتحري بصدق وعمق ودقة بعد ان نكوو خلفية وكرنكزات قوية صلبة قبل البحث.
ان اول من حاول تفريق الأمازيغ عن العرب هم الفرنسيون حصرا ولم نجد سوى مرجعا واحدا عبر غوغل سوف ندعمه لدى مراجعتنا ولقاءنا مع الدكتور بهجت قبيسي لاحقا ولكن كي نفتح الموضوع على مصراعيع فربما نجد عند احدهم معلومة هامة ودليلا قاطعا.
راجع لاحقا اللقاء
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?31758-لقاء-الفرسان-مع-الدكتور-بهجت-القبيسي&p=132833#post132833
والنص المبين للدور الفرنسي في تغريبها:
فرنسا والمسألة الأمازيغية





بقلم/ عبد النور بن عنتر
تعد علاقة فرنسا بالقضية الأمازيغية من القضايا الخلافية التي يطبعها غالباً -للأسف- الغلو الأيديولوجي، حيث يكيل فيها كل طرف وابلاً من القدح في حق الطرف الآخر. وسنركز في هذه المساهمة على تحليل بعض المعطيات وتفكيك الخطاب الأمازيغي السائد.

حول سياسة فرنسا
الأسطورة والخطاب الأمازيغي
القراءة الانتقائية للتاريخ
حجب الرؤية
خصوصية الهجرة القبائلية
دينامية المسألة

حول سياسة فرنسا البربرية

"
سالم شاكر: "لا توجد عند فرنسا سياسة بربرية، بل إنها عمدت إلى تعريب الأمازيغ"
هناك تيار يقول بوجود سياسة فرنسية بربرية إبان الاستعمار تفرق بين البربر والعرب. ويتهم بعضهم دعاة الأمازيغية بالارتباط بفرنسا وبفرنكفونيتها بينما يقول دعاة البربرية -وبينهم الجزائري الفرنسي سالم شاكر أستاذ البربرية في المعهد الوطني للثقافات واللغات الشرقية في باريس- إنه لا توجد هناك سياسة بربرية، بل إن فرنسا عمدت إلى تعريب الأمازيغ.

التيار الأول محق في القول بوجود سياسة بربرية تفريقية لضرب الإسلام، لكنه مخطئ في تهمة الارتباط بفرنسا أو محاولة إحياء الظهير البربري. أما التيار الثاني فهو محق جزئياً فيما يتعلق بتعريب البربر (في الجزائر) ومخطئ في بقية تحليله، فالدولة الفرنسية شيدت على دحر الخصوصيات لكنها استغلتها خارج حدودها. ثم إذا كانت قد ساهمت لوقت في تعريب القبائل فإن المسألة نسبية للغاية، إذ كيف لاستعمار أعلن عام 1936 العربية لغة أجنبية في الجزائر أن يساهم بالدوام في نشرها؟!

لقد أصر الاستعمار على التفريق بين البربر والعرب وعلى التقريب بينهم وبين الأوروبيين عبر المتوسط، وعمد إلى إقصاء نحو 12 قرناً من التاريخ الإسلامي التي لم تتمكن من التأثير على البربر حسب خطابه. "من هذه الاعتبارات ستولد سياسة فرنسا البربرية لأن المسؤولين سيفاقمون هذه الاختلافات لهدف في منتهى السياسة".

رأت فرنسا أن من مصلحتها ربح البربر إلى جانبها بالاعتراف لهم بخصوصيتهم. وتداركاً لأخطائها في الجزائر، عزلت مناطقهم عن تلك الواقعة تحت سلطة المخزن، وسعت إلى فرض نظام قضائي خاص بالبربر يقصى فيه التشريع الإسلامي لصالح الأعراف، لكن بإخضاعه عملياً للقانون الفرنسي (الظهير البربري).
لم تكن سياسة فرنسا موالية للبربر على حساب العرب بإعطائهم مزايا سياسية أو اقتصادية، إذ لم تمنحهم مثلاً مقام المواطنة وأبقتهم ضمن فئة الأهالي كغيرهم. كما أن فرنسا لم تفلح في خلق قاعدة أمازيغية موالية لها تجندها ضد غيرها.

وتشهد الانتفاضات على أن البربر لم يتخلفوا عن النضال التحريري قط، وإنما استغل الاستعمار بعض الاختلافات بين المجموعتين، ومن هنا فسياسته ليست ممالأة للبربر أو دفاعا عن لغتهم وثقافتهم فهي لم تقم بترقيتهما، وبالتالي فقد أساء فهمَها مَن يقول بوجودها ومَن يعتبرها أسطورية. فهي كانت كرهاً للعرب والمسلمين وليست حباً للأمازيغ.
إن فرنسا لم تبتدع المسألة الأمازيغية من العدم وإنما خلقت لها الظروف السياسية لتوظيفها، ولولا وجود العامل الاجتماعي السياسي لهذه القضية لما نجحت في ذلك.

بيد أن هذه السياسة خلقت قطيعة على الأقل على مستوى الوعي عبر "الأسطورة الأمازيغية"، فلو نزعنا المكون الأسطوري الموروث عن الاستعمار لانهار معظم بنيان الخطاب التاريخي الأمازيغي الحالي، ولتعين عليه التركيز على السياسات المتبعة بعد الاستقلال. وهذا ما يقلل من الجانب المأساوي العاطفي لأن البربر ليسوا أفقر السكان، ثم إن المنحدرين منهم سيطروا ويسيطرون على مراكز صنع القرار السياسي. وبالتالي ربما تكون مراجعة الموروث الاستعماري من هذه الزاوية ضرورية لاستيعاب الأمور: أغلبية الشعب (بغض النظر عن الأصل أو اللغة) تعيش الفقر والتهميش وقابعة تحت التسلطية، ولا يتعلق الأمر

"بأغلبية" عربية تضطهد "أقلية" بربرية، بل كلتاهما في الهمّ مغرب.

الأسطورة و"تذويت" الخطاب الأمازيغي

"
تبنى الخطاب الأمازيغي الرواية الاستعمارية للتاريخ وذهب إلى حد شرعنة انسلاخ البربر عن الإسلام بدعوى العلمانية
"
يقول دانيال سوفاي المتخصص في الدراسات القبائلية إنه اهتم بتفسير الصور النمطية والقوالب بشأن بلاد القبائل، وسرعان ما لاحظ أن "ما يسمى بالأسطورة القبائلية يزيد بكثير عن البعد الأيديولوجي الذي كان قد استقطب المحللين". كما لاحظ استرداد القبائل للمعرفة التي أنتجت حولها خلال الحقبة الاستعمارية "تذويتا" وهو ما تقوم به بشكل واسع الحركة الثقافية البربرية، "وأصبحت الأسطورة والصور النمطية عنصراً للخطاب الهوياتي للقبائل حول أنفسهم".

ويرى سوفاي أن علم اجتماع المعرفة يفيد في "نقد الأفكار العامة المُبتذلة للتغطية الإعلامية للأحداث" والتي تردد "القوالب النمطية الجوهرانية عن البربر وموضوعة الروح الاستقلالية للقبائل، هذا الشعب الخشن والجبلي وريث مملكة يوغرطة وماسينيسا". أما خصوصية المنطقة فتشكلت أيضاً من خلال ظروف اجتماعية تاريخية إبان الاستعمار. ويرى أن هناك "سياسة قبائلية" لا تقول اسمها، وأحكاما استثنائية في مجال الضرائب، وسياسة دراسية وإدارة وقضاء.
رغم أسطورية التصورات الاستعمارية وتنوع المجموعة الأمازيغية من حيث درجة الممارسات الدينية (مثلها مثل المجموعة العربية) فإن دعاة الأمازيغية يقولون إن البربري علماني بطبعه، إذ يؤكد رئيس المؤتمر العالمي الأمازيغي بلقاسم لوناس (في جريدة لوفيغارو الفرنسية بتاريخ 27/06/2003) أن البربر تعرضوا لنفوذ ديانات عديدة لكنهم "لم يتبنوها بطريقة أرثوذكسية، بل كيفوها مع أعرافهم ونمط عيشهم"، وبالتالي "فالبربري جوهرياً علماني". وبالطبع وجدوا "في أسس المجتمع الفرنسي القيم الأساسية التي عليها يقوم مجتمعهم: الديمقراطية، العلمانية والإنصاف".

ويندد لوناس بتصنيف بربر فرنسا ضمن الجالية الإسلامية والعربية، وينتقد فرنسا لتخليها عن العلمانية بزعمها تنظيم الإسلام بينما شجعته بإنشاء "المجلس الوطني للديانة الإسلامية"، في حين أن الأغلبية الساحقة لمليوني أمازيغي لا تحدد نفسها على أساس ديانة ما قد لا تكون حتماً الإسلام وإنما على أساس "هويتها الخاصة".

هكذا تبنى الخطاب الأمازيغي الرواية الاستعمارية للتاريخ، وذهب إلى حد شرعنة انسلاخ البربر عن الإسلام بدعوى العلمانية، بينما واقع الحال في هذا البلد يشير إلى أن الإسلام

يشكل مكوناً هوياتياً بالنسبة لعدد كبير منهم، بصرف النظر عن علمانية بعضهم ومواظبتهم على ممارسة العبادات.
الأسطورة وانتقائية التاريخ
حدة التأثر بالموروث الاستعماري انجرت عنها قراءة انتقائية للتاريخ، إذ "ذَوَّتَ" قسم من دعاة الأمازيغية الخطابَ الاستعماري وتصورات ونظرة الآخر للذات الأمازيغية. وبما أن هذه الأسطورة أسست على إسقاط الإسلام سارت عملية "التذويت" على خطاها، إذ يقصي هؤلاء ماضيهم وحاضرهم الإسلامي بدعوى الاضطهاد الهوياتي العربي. فمن جهة يعتزون بأمجادهم في عهد ما قبل الإسلام باسترجاع تاريخ نوميديا وبطولات يوغرطة، متناسين رفضه للإمبراطورية الرومانية –التي تشكل أحد مقومات هوية صانعي الأسطورة الأمازيغية- ولمتوسطيتها التي يؤكد عليها هؤلاء اليوم، ثم فيما بعد بطولات كسيلة والكاهنة.

أما من جهة أخرى فيستبعدون قروناً إسلامية صاغت هويتهم وتاريخهم، ويعتز خطابهم بكسيلة والكاهنة وحتى القديس أوغسطين ربما لإثبات علاقة تاريخية بأوروبا المسيحية عبر المتوسط. وهنا المفارقة، يرفضون الإسلام باسم علمانية عتيدة لكنهم يمجدون القديس أوغسطين وهو من أكبر أقطاب المسيحية في عصره وأحد رموز كنيستها، وهو الذي شرعن تقتيل بربر مسيحيين كما نظَّر للحرب "الدينية" العادلة.

استبعد هذا الخطاب وبمرجعية انتقائية أمجاد البربر وعزتهم الإسلامية -حيث أسسوا دولا كالمرابطين والموحدين- من سجله، لتكون أمازيغية كسيلة لا أمازيغية طارق بن زياد. إن التأكيد على الأول دون سواه يعني التنكر للتاريخ والتأثير الإسلاميين، فيما يعني التأكيد على الثاني -إلى جانب الأول- مطالبة الأمازيغ واعتزازهم بدورهم في التاريخ العربي الإسلامي. إن التاريخ الأمازيغي كل لا يتجزأ.

والمثير أن يتحدث البعض عن أصالة الأمازيغية عند نقد الرافد العربي الإسلامي بينما ينسونها لدى محاولة ربطها بماض مسيحي متوسطي وبالتالي غربي (يذكرنا هذا الربط

بمنظري دعاة الفرعونية والمتوسطية في مصر مثل سلامة موسى وطه حسين).
حجب الرؤية عن المسؤولية
"
حاول الإعلام الغربي أن يصور الإسلام السياسي الجزائري على أنه خاصية عربية، وأن العنصر البربري ليس إلا الضحية المسكينة
"
يلاحظ الكاتب الجزائري صالح قمريش (في مقالة بجريدة ليبراسيون الفرنسية بتاريخ 29/03/2004) مفارقة لدى النشطاء البربر، فهم يحمِّلون العرب "اضطهاد ألف سنة" الذي تعرضوا له و"التنكر للهوية البربرية"، وإن كانت "هذه التهمة المزدوجة غير خاطئة كلية فإنها تاريخياً ظالمة"، وهذا لسببين:
■أولهما أنه من بين القرون التسعة الممتدة من "الغزو العربي" إلى "الغزو العثماني"، فإن "المماليك البربرية هي التي سيطرت أو حكمت الجزائر خلال ستة قرون على الأقل".
■ثانيهما أن "التنكر للهوية البربرية" لم يكن يتسنى لولا "مباركة" "وحتى تواطؤ العديد من الوزراء والجنرالات الذين هم أنفسهم من أصل بربري" وهذا منذ الاستقلال.
حجب مسؤولية البربر هذه انجرت عنه عملية حجب أخرى وهي محاولة جعل الإعلام الغربي يستمر في الاعتقاد بأن الإسلام السياسي الجزائري خاصية "عربية" وبأن "العنصر البربري ليس إلا الضحية المسكينة" بينما تاريخ العقدين الأخيرين -يضيف قمريش- يطلعنا بأن "الأصولية" تأصلت باكراً في المناطق البربرية لاسيما في القبائل، وأن زعماءها الرئيسيين هم من البربر. كما يلاحظ أن الجالية البربرية لم تعد تعتز بجزائريتها "فالخجل" من الإسلام السياسي جعلها تذهب إلى حد احتقار جزائريتها والتأكيد على أصولها القبائلية وحتى على انتسابها إلى اليهودية المسيحية.
إضافة إلى الإسلام السياسي هناك تيار في أوساط قبائل فرنسا لاحظناه مثلاً في الجامعات، يردد أصحابه نفس الصور النمطية المؤسِّسة "للأسطورة القبائلية" لإقناع محاورهم بصحة موقفهم فيما يخص هذا التنكر. ومن الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى التنوع داخل بربر فرنسا، فالكثير


منهم يعتز بأصوله الجزائرية والمغربية، وبالإسلام كمكون لهويته.
خصوصية الهجرة القبائلية إلى فرنسا
تعد الهجرة الأمازيغية إلى فرنسا من أقدم الهجرات إلى هذا البلد، في حين أن الهجرة القبائلية تحديداً تعود تقريباً إلى قرن من الزمن. وبحكم قدمهم وثقلهم العددي وتداعيات "الأسطورة القبائلية" فإن لقبائل المهجر خصوصيتهم، فقد أعادوا تشكيل بعض البنى التقليدية في المهجر مثل "الجماعة" التي تهتم بتنمية منطقة القبائل وترحيل جثث الموتى ليواروا التراب في الجزائر.
ورغم تأكيدهم على مواطنتهم الفرنسية -بالنسبة لحملة الجنسية- فإن تحركاتهم يمليها أساساً تضامنهم مع أهلهم في الجزائر. ويعمل قسم كبير منهم اليوم على التشديد على تمايزهم منددين بخلطهم بالعرب والمسلمين، ويظهر خطابهم مدى تبنيهم لتلك الأسطورة ونزوع بعضهم إلى نوع من العنصرية حيال العربي والإسلامي في المطالبة بالاعتراف بهم كبربر وقبائل.
وقد طور القبائل شبكة من الجمعيات يبلغ عددها نحو 40 في فرنسا، أنشئ أكثر من نصفها بداية العقد الماضي، وقد ساهم في ظهورها الانفتاح السياسي في الجزائر من جهة -مما جعل بعضها يظهر أساساً لتطوير معارضة سياسية وثقافية- والحاجة في أوساط المهاجرين لمثل هذه الجمعيات من جهة أخرى.
وسياسياً تحديداً بدأ البربر ينظمون أنفسهم بإنشاء "تنسيقية بربر فرنسا" التي يترأسها مصطفى سعدي، وهي قبائلية الطابع أساساً. كما تنشط الحركات الجمعوية البربرية في مجال المواطنة والسياسة. والجالية المسلمة بتنوعاتها (البربرية والعربية والتركية والكردية) أصبحت رهاناً سياسياً في الانتخابات الفرنسية.
أما مسألة تعليم الأمازيغية فتثير تنافساً بين الأوساط القبائلية حول من يتكفل بها. ويبقى أن الأمازيغية غير معترف بها ولا تدرس في فرنسا. وقد رفضت فرنسا المصادقة على الميثاق الأوروبي للغات المحلية للأقليات، مما أثار استياء النشطاء البربر. ودعا بعض قبائل فرنسا للتصويت بنعم في الاستفتاء حول المعاهدة المؤسِّسة للدستور الأوروبي

لأن الميثاق المذكور جزء منه، وبالتالي ستضطر

فرنسا لتطبيقه.
دينامية المسألة الأمازيغية
"
لو أن الأنظمة الحاكمة اعترفت غداة الاستقلال بالأمازيغية كأحد مقومات هوية شعوبها، لما أخذت المسألة حجمها الحالي
"
المسألة الأمازيغية من نتاج الحقبة الاستعمارية من حيث ظهور الوعي السياسي الأمازيغي، لكن لها ديناميتها الخاصة. وقد استفادت من تلك الحقبة لتعبر عن نفسها، بيد أنها لم تتواطأ مع الاستعمار بل قاومته وكانت السباقة في النضال من أجل الاستقلال. فهي استخدمت هذا الإرث لتأخذ منحى مختلفاً تماماً عن الأطماع الاستعمارية، ولم يكن ولاؤها السياسي لفرنسا رغم فرنسية لغة خطابها.
المشكلة التي تبدو مستعصية على الفهم هي أن المسألة الأمازيغية اليوم من نتاج التسلطية السياسية والهوياتية في البلدان المغاربية. ولو أن الأنظمة الحاكمة اعترفت غداة الاستقلال بالأمازيغية كأحد مقومات هوية شعوبها، لما أخذت المسألة الحجم الحالي. ثم إن رفضها للمطلب الأمازيغي بالتعبير عن نفسه جعله ينتقل إلى المهجر، حيث تشكل فرنسا بحكم التاريخ مركز ثقل هذه المسألة.
وباريس تمثل بالنسبة للإعلام الأمازيغي في المهجر ما تمثله لندن بالنسبة للإعلام العربي في المهجر، وإن كان الحضور البربري حديث النشأة (تلفزيون البربر أول قناة فضائية بربرية، وأطلقت عام 2000 وتبث بالفرنسية والأمازيغية).
إن وصم دعاة الأمازيغية بالعمالة لقوى أجنبية محاولة لإعفاء الذات من حقيقة موجعة وهي أن المطلب الأمازيغي يعد أيضاً تعبيراً مأساوياً لواقع إخفاق دولة الاستقلال ومحاولة للهروب من المعضلة المركزية، وهي الانسداد السياسي وتجذر التسلطية بما فيها الهوياتية.
ثم إن هذا المطلب يتحرك اليوم بمعزل عن الرهانات السياسية لأية قوى، إذ إن ديناميته محلية المنشأ ووطنية الهموم. فمثلاً تتعذر قراءة أحداث منطقة القبائل (1980 أو 2001) من زاوية العلاقة مع فرنسا، لأنها جزائرية المنشأ والتعبير. أما فرنسا المرشحة دائماً –حسب الأيديولوجية السائدة– للعب الدور السلبي، فإنها توجد بين مطرقة دعاة البربرية وسندان معارضيها. فالفريق الأول يتهمها بالتواطؤ مع الأنظمة المغاربية وبخيانتها لمبادئها الإنسانية الكونية، والفريق الثاني يتهمها بإيواء ومساندة المطلب الأمازيغي لضرب الإسلام والعروبة.
إن فرنسا لا تتلاعب بالتمايز بين بربرها وعربها لأن ذلك سيهدد سلمها الاجتماعي، ولا تلعب على هذا الوتر الحساس في المغرب العربي لأن أي اضطراب هناك سيمتد إلى أراضيها. ثم إن التفرقة بين البربر والعرب لن تنجح لثقل القاسم المشترك الأساسي أي الإسلام، والعنصرية التي لا تفرق بين أمازيغي وعربي ومسلم.
وإذا كانت فرنسا متعاطفة بعض الشيء مع القبائل (سياسة تأشيرات لصالح طلبة من هذه المنطقة على حساب المناطق الأخرى، مساندتها المطلب البربري..) فإنها التزمت تقريباً الصمت في أزمة القبائل، بل إن علاقاتها مع الجزائر تعززت حتى في خضم هذه الأزمة.
وموقفها هذا بعيد عن موقف البرلمان الأوروبي الذي تحدث في بيانه عن "الشعب البربري" والذي يوحي بأن في الجزائر "شعبا بربريا" يضطهده شعب آخر! وعليه فإن لفرنسا حساباتها الخاصة التي تتعارض أحياناً والمطلب الأمازيغي داخلياً

(الميثاق الأوروبي المذكور) وخارجياً (تعاونها مع البلدان المغاربية لموازنة النفوذ الأميركي).
_______________
كاتب وباحث جزائري

Tags: التاريخ و الثراث الامازيغي, شؤن امازيغية