ويعود النورس
وأذرفُ فَوقَ بياضِ الروحِ، سَوادي
أنْسُلُ من قلبِ النبضاتِ الـ كانت بينَ جناحَيْكِ
عَسَلاً شَهْداً
أسكُبُهُ تِرياقاً يُحييني
قدْ يُحييني مِن قَلبِ سُباتي في لحظةِ دفءٍ
يَهمسُ في أذني ويقول:
يوماً تَلقاها.!

أيا عمري..
هل يَصْدُقُني النَورسُ قَولاً،
يَوماً ألقاكِ..؟!
ونُقيمُ طُقوساً ما عَرَفتْها أسرابُ فراشاتِ الحُلمِ
ولا عاشَتْها حوريّاتِ حِكاياتِ البَحْر
ولا رَسَمَتْها ريشاتِ الألوانْ

ما كُنتُ أصَدّقُ راوِيةَ العُشّاقِ قَديماً
كُنتُ أجاري صَبوةَ فُسحاتِ الروحْ
وأنا أتَصفّحُ كُتباً أقرأ نَزفاً
كم قُلتُ هُوَ الوَهمْ
وما أدركتُ بأنَّ الشَيءَ الساكِنَ في رُكنِ الصَدرْ
يُمكِنُ أن يَتَوَهَّج
تُلهِبُهُ زَفراتٌ تأتي من ركنٍ ما
تَصيرُ شُعاعاً قَدَرِيّاً
يَنضحُ فَرحاً في لَحظاتِ وِصالْ..
وَيَقطعُ في ذاتِ الحَدّ
كلَّ تفاصيلِ الجَسدِ الذاوي بين حُطامِ الساحاتِ المسكونَةِ بِالبُعدْ
حينَ يكونُ البُعدُ هو الحَكَمُ القاضي

وأذرفُ في قَلبِ الصَمتِ الموجوعْ
وجودي وبَياضي
هذي المرّة أقرأ من نَسغِ كِتابي
ها قد أصبحتُ بموسوعاتِ العِشقِ رَديفاً
أشفقْتُ على من ماتَ على ضِفّة قَبرِ حَبيبَتِه
وعلى من لَدَغتْها أفعى كَي تَلحقَ بالمَطعونْ.!
وعلى من سَقَطت في عُمقِ النَهر
وعلى من كَتَبَ على قمِّةِ جَبلٍ جُملَةَ عِشقٍ
ثم تَلقمَهُ الوادي
وأنا.. ماذا أفعلُ كي أدخُلَ موسوعَةَ نَفسي.؟

في رُكنِ الأرضِ هنا
يومَ تَباعَدَتِ الزَفرات
أعيشُ مُواتي
وأذكُرُ بينَ اللحظاتْ
كلّ اللَحَظاتْ..
أذكُرُ ذاكَ الدفءُ الساطِعُ من صَدرٍ يَتنَهْدُ كالمَوجَةْ
يَقذِفُني حيثُ أكونُ على سِدرةِ ذاكَ البُعد
تأتيني الغيماتُ وتَحضُنني
أيا عمري
كم كُنتِ على مدِّ الوقتِ طَعامي وَرِدائي
قهوةَ صُبحي ومَسائي
كُنتِ الرَجْعَ إذا أطلقْتُ نِدائي
كنتِ الضِفَةَ للنَهرِ، والشاطئَ للبَحرِ
والنسمةَ يومَ تَعلّقتِ النِسمَةُ
فوقَ رُفوفِ طُيورٍ ذاتَ مَساء
كُنتِ المِحرابَ.. وسَتْري وَغَطائي
كُنتِ مَصَدَّ الريحِ كي لا يأتيني يَطعَنُ ظَهْري
كُنتِ البَوحَ الراجِفَ فوقَ تفانينِ كِسائي
كُنتِ أيا عُمري مِنّي، تَسري في مِعراجِ دِمائي
أو فيّّ كما روحي
كُنتِ سِراجي وَضِيائي
كُنتِ........ أيا مَن كُنتِ..

أحِبُكِ كيفَ أداري شَوقي
دُلْيني كيف..؟
دُليني كيّ لا أغرقَ في وَهمي
كي أعرفَ دَربَكِ يومَ أعودُ إليكِ
وأعتَبُ لو تُلقينَ عليّّ وداعاً آخَرَ

لو جِئتُكِ مِثلَ عَصافيرِ الصُبحِ
أرجوكِ أقيمي الشَبكةْ، واصطاديني
أبقيني في قفصِ السِجنِ
فقد عُفتُ الميناءَ الـ يأخُذُني مِنكِ
عُفتُ مطاراتٍ تَحملُني أو تُبعِدُني عَنكِ
وكرهتُ مَحطّاتٍ لا تُرجِعُني

أبقيني يا عمري بينكِ
فالرحلةُ تَبدأُ مِنكِ إليكِ

يَوماً، قبلَ بُلوغِ الضوءِ مساراتِ الطُرقاتْ
تقتربينَ مِن البابِ
وتُصيخينَ السَمعَ إلى نَبضِ الطَرَقاتْ
سأكونُ أنا.. سأكونُ أنا
أحمِلُ كَفَني بِيديّ
وأمدُّ إليكِ جُسوري
ثم أدمّرها كي أبقى أقرَبَ من شِريانِكِ
أو شِرياني
يوماً يا عمري آتٍ بالفَرحِ إلينا
فانتظِريني..!‬
ع.ك