ترويض النمرة/محمد زعل السلوم
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ترويض النمرة

محمد زعل السلوم

دمشق هي مسقط رأسي وحبيبتي وعشيقتي على الدوام بل هي كل أنثى رقيقة وجميلة في هذا العالم فهي أم وأختوزوجة وحبيبة ورفيقة درب طويل، وصفها الشاعر العظيم والذي عاش دمشق واستنشق هواءقاسيونها ومات فيها محمد الماغوط بأنها تدير ظهرها لمن أحبها وأنها قاسية مع عشاقها وهو من وصف كاتبنا الرائع زكريا تامر ابن دمشق بالمطرقة في وطن من فخار،فهل دمشق هي ذاك الوطن العتيق كونها رمز سورية العربية بمجملها..؟!!

دمشق قد تكون نمرة تحتاج الى من يقوم بترويضها وإن استعرت عنوان مسرحية شكسبير الشهيرة "ترويض النمرة" فدمشق متمردة على تاريخها وأقدارها وبحاجة للاعتناء بها على الدوام من سكانها ومحبيها ومريديها ومن ولدوا اوعاشوا وقد يموتوا بل وحتى ماتوا بها فجدي الشيخ ناصر السلوم توفي ودفن بها عام1972 بالمزة بعد نزوحه من الجولان عام 1967 فدمشق ملجأ ومأوى لجميع المستضعفين بالأرض والنازحين المهجرين اللاجئين إلى ديار الشام الغالية.

قبل عدة أيام اختلفت مع معلمة زميلة لي وكنا نستقل حافلة صغيرة للنقل الداخلي أين علينا النزول من الحافلة، هي أصرت على النزول على بعد 100 متر إلى الأمام –طبعا ليست عبارة إلى الأمام القذافية الشهيرة ولا تتعلق بمتلازمة أعراض المرض القذافي- فيم قررتُ النزول عندالجسر وكان لكل واحد منا وجهته للعودة إلى منزله ولكن طريقي كان الأقرب والأفضللها وبالفعل نزلنا بالمكان الذي قررتُه بعد شبه مشادة لطيفة بيننا واختلاف جميل بالرأي أثارت انتباه جميع من بالحافلة فأطلقوا ابتساماتهم لخلافنا اللذيذ، فذكرتني هذه المشادة اللطيفة بمسرحية شكسبير ترويض النمرة وهو ما ذكرني بدمشق اليوم واليزابيت تايلور من فترة والتي قدمت هذه المسرحية على شكل فيلم من كلاسيكيات السينما الهوليودية بل والعالمية، بل وأذكر خبرا بمجلة المستقبل التي كانت تصدر في باريس نهاية السبعينيات بداية الثمانينيات وأنا كنت من قراء أعدادها القديمة بدايةالتسعينيات بل واحتفظت بأعداد منها إلى اليوم عن مسرحية ترويض النمرة وعرضها بلندن على شكل حلبة مصارعة لترمز إلى الصراع الأبدي بين المرأة والرجل وهو ليس صراعأجيال بالضرورة بمعنى صراع عامودي وإنما صراع أفقي ولكن سؤالي ما علاقة هذا بدمشق التاريخية والحديثة والرجل والمرأة...؟!!

إنها علاقة بسيطة فدمشق هي المرأة التي روضتني وأدبتني وهذبتني وقمت بترويضها عندما عرفت كل مكانفيها وكل مقهى ومطعم ومركز ثقافي ومكتبة ودار نشر ومطبعة ووزارة وكل ما يعبر عنروحها وجمالها الصاخب الألوان.

فدمشقي أنا تختلف عندمشقيات الآخرين فأنا وهي جسد واحد وروح واحدة وقلب واحد وشوق وولع وأحيانا هوس.

مدينتي غالية علىقلبي ولتبدأ رحلتي ضمن سلسلة "يومياتي في دمشق".
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي