مفكر وباحث إسرائيلي يناضل من أجل القضية الفلسطينية
إسرائيل شامير.. حاصل على جائزة نوبل، ومقالاته تربك القيادة اليهودية
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
صورة تجمع المؤلف ومراسل "الرياض" وأحد الصحفيين بموسكو
موسكو - هلال الحارثي:

صدر حديثا في موسكو كتاب "كابلا فلاست" وهو أحد الكتب التي ألفها المفكر والباحث الإسرائيلي إسرائيل شامير، وهو كاتب وصحافي إسرائيلي، يسميه أعداؤه ب (المعادي للسامية بقسوة)، كما أنه الكاتب العبري الوحيد الحائز على جائزة نوبل. وقد قام المؤلف في هذا الكتاب بكشف أسرار الأيدلوجية الصهيونية وفضح العديد من المخططات الصهيونية التي تستهدف المستوطنات الفلسطينية، وتطرق من خلاله إلى كشف جرائم الصهيونية في فلسطين، كما قام بالإجابة عن بعض الأسئلة التي تكشف الخيوط الخفية التي تربط بين الصهيونية والعولمة والنظام العالمي الجديد.
إسرائيل آدم شامير، كاتب ومفكر إسرائيلي من أصل روسي، يعيش في فلسطين، ويرتاد روسيا بين الفينة والأخرى، ينحدر أصله من عائلة جذورها بفلسطين، ولذلك فهو يصف من أبناء فلسطين البررة الذي ناضلوا للدفاع عن حقوق فلسطين والفلسطينيين المسلوبة، وتجاوز نضاله القلم والكتاب إذ أنه اشترك مع بعض أصدقائه من دول غربية في حماية بعض الفلسطينيين من رصاص اليهود.
درس الرياضيات والقانون في روسيا وهاجر إلى إسرائيل عام 1968، حيث التحق بالقوات الخاصة وشارك في حرب 1973، وبعد انتهاء الحرب، أكمل دراسة القانون في الجامعة العبرية، لكنه ما لبث أن ترك مهنة القانون وتحول إلى الصحافة والكتابة في الصحف والإذاعة الإسرائيلية، إلى أن قام راديو إسرائيل بطرده من عمله، الأمر الذي دعاه لكي يتحول إلى صحفي مستقل، حيث قام بتغطية الحرب في جنوب شرق آسيا (فيتنام ولاوس وكمبوديا)، وكتب في عدد من المطبوعات والإذاعات العالمية، كما ترجم عددا من الكتب أهمها (الحروب الإسرائيلية العربية) للرئيس هيرتزوغ والذي نشر في لندن.
كتب في صحيفة "معاريف"، كما كتب في صحيفة "هارتيز" بعد عودته إلى إسرائيل عام 1980، وكذلك صحيفة "هاميشمار"، كما عمل في الكنيست كمتحدث باسم الحزب الاشتراكي، ألف العديد من الكتب أهمها (الصنوبر والزيتون) والذي يحمل غلافه صورة للوحة فنان فلسطيني من رام الله، تحدث فيه عن قصة فلسطين والاعتداء الإسرائيلي ويصف كيف اليهود حطموا أشجار الزيتون وزرعوا مكانها الصنوبر، في إشارة منهم إلى محاربة الشعب الفلسطيني. وقد أعيدت طباعة هذا الكتاب في لندن وموسكو أكثر من مرة. ومع بداية الانتفاضة الأولى كان قد غادر إلى موسكو، وقام بتغطية السنوات المتحركة 1989- 1993في روسيا لصالح صحيفة (هارتيز) التي فصلته عن العمل عندما نشر مقالا يدعو فيه إلى عودة اللاجئين وإعادة إعمار قراهم المدمرة. كما أنه حرم من العمل في إسرائيل وتلقى العديد من التهديدات المتنوعة.
صنفت مقالاته بأنها تربك القيادة اليهودية كونها تنبع من كونه يهودياً على معرفة عميقة بالتاريخ اليهودي القديم والمعاصر، بل على معرفة بالآليات المعقّدة التي أوصلت إسرائيل والنخب اليهودية في أمريكا والعالم الغربي (المتحكّمة برؤوس الأموال، والمهيمنة على كبريات وسائل الإعلام العالمية) إلى هذا المستوى من النفوذ والتأثير على صنّاع القرار، الفريد من نوعه في العالم، ولأنه كذلك تكتسب كتابته، وأفكاره قيمة إضافية متميّزة.
ويعد إسرائيل شامير أحد أبرز الكتاب الإسرائيليين، مقالاته تربك الحكومة اليهودية وآراؤه تتصف بالجرأة كموقفه من العولمة أو المحرقة اليهودية مما دفع المعارضين له طلب محاكمته مرارا، وتعرض لحملات تكميم وتهديد.
وفي لقاء مع "الرياض" قال إسرائيل شامير : لا شك أن دولة إسرائيل زائلة لا محالة ولن تبقى أكثر من عشرين عاما، وأضاف إسرائيل تقوم بالتضييق على الشعب الفلسطيني، وأمريكا تدعم إسرائيل وأهم دعم تتلقاه إسرائيل الدعم الإعلامي، إذ أن اليهود يسيطرون على معظم وسائل الإعلام الأمريكية. كما تقوم أمريكا بإظهار إسرائيل عملاقاً نووياً، وحليفاً عظيماً للولايات المتحدة، ودولة يهودية تشكل مصدر فخر لكل يهود أمريكا، ولكن اليهود أنفسهم يعرفون أنها خدعة من ورق، فإسرائيل تنهار كل يوم. حيث يهاجر مواطنوها المنتجون لشدة يأسهم، مع استمرار الجنرالات بالتدمير الكامل للبلاد. وحول سيطرة اللوبي اليهودي على كبريات وسائل الإعلام العالمية قال: أبرز وسائل الإعلام العالمية يهيمن عليها اللوبي اليهودي مثل نيويورك تايمز، وواشنطن بوست إذ أنهما يهوديتان بالكامل. مالكوها يهود وغالبية مقالاتها وتحقيقاتها يكتبها يهود. أصواتهم تمثّل وعي اليهودي الأمريكي، مع استثناءات قليلة جداً، وكلهم مؤيدون لإسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين.
ويؤكد شامير أنه لا يوجد هناك حل للقضية الفلسطينية دون الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ويدعو إلى إنهاء أسطورة جمع اليهود التي اصطدمت بالواقع، ليس بسبب الفشل الذريع لاتفاقيات أوسلو، بل لأن فكرة التقسيم في الأصل هي برأيه فكرة خاطئة، وبالتالي لا بد برأيه من التعايش في دولة واحدة. كما يرى أن أحداث فلسطين أصبحت مركزاً للمسرح العالمي، بل تشمل أيضاً التطورات الحديثة الخطيرة على ضوء الصراع الفكري الشامل في العالم مع تنامي نفوذ اليهودية الأمريكية، وانحطاط اليسار، ونمو العولمة، وأول خطوات حركة مناهضة العولمة، وتفجر الحرب العالمية الثالثة، حيث تقف أمريكا ضد العالم الثالث...الخ. كل هذه الأحداث دفعته إلى محاولة ربط العديد من الخيوط السياسية، اللاهوتية، العسكرية، الاجتماعية، من أجل تشكيل مفاهيم جديدة، تقدّم للناس أدوات جديدة للتحليل والتحرّك، ليس(على حدّ تعبيره) من أجل السعي إلى تحرير فلسطين فحسب، بل أيضاً من أجل السعي إلى تحرير الخطاب العام، لأنه يرى ثمة ترابطا وثيق الصلة بين حركتي التحرّر هاتين. وبرأيه يمكن تحقيق تحرير فلسطين من خلال انتصار التنوّع العالمي الرائع على زحف رمادية العولمة.
كما يرى شامير أن فلسطين تشكّل نموذجاً للعالم، ثمة قوى تعمل هنا لإفناء السكان المحليين، وتدمير الكنائس والجوامع، لتدمير الطبيعة فيها، لكن ثمة قوى مضادة أيضاً، قوى مادية فضلاً عن القوى الروحية، جديدة وقديمة، وهي تجتذب أفضل الرجال والنساء إلى بوتقة المعركة من أجل فلسطين. ويتذكر قصة وقعت في إحدى قرى فلسطين عندما قام اليهود بمنع الفلاحين الفلسطينيين من المرور بمستوطنة صهيونية للذهاب إلى حقول الزيتون، فقام هو ومجموعة من أصدقائه المناصرين للقضية الفلسطينية - من أوروبا - بمرافقة هؤلاء الفلاحين إلى حقولهم لحمايتهم من الرصاص اليهودي. وأضاف الفلسطينيون ليسوا إرهابيين كما يصفهم الإعلام اليهودي، وإسرائيل تقوم بتضييق الخناق عليهم، مثل من يريد أن يجعل مئة شخص يعيشون في غرفة واحدة، فلو كانت أرانب تعيش هكذا لتحولت إلى أسود. هم يناضلون لاستعادة حقهم المسلوب، يعيشون في دولة يحكمها اليهود بالرصاص، وليس لغير اليهودي من السكان المحليين إلاّ حقوق قليلة. الغالبية العظمى منهم بلا حقوق دستورية. يستولون على أملاكهم حين يشاؤون ويدمرون مصادر دخلهم المستقل. يحاصرون مدنهم، ويغتالون نشطاءهم، يجوعون نساءهم وأطفالهم، ليس لديهم أي منفذ لوسائل الإعلام العامة، ولا مساعدات عامة، حتى أنه غير مسموح لهم بالدخول إلى سواحل البحر، وكل هذا ليس سراً، بل يناقش علناً في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ويكشف شامير عن واحدة من الأكاذيب الكبيرة التي روّج لها الكيان الصهيوني ومساندوه في الولايات المتحدة في العام 1991، حيث روجوا لفكرةٍ مزدوجة. من جهة حذّروا من قرب وقوع مجازر في روسيا، ومن جهة أخرى روجوا لفكرة الحياة الجميلة والسهلة للمهاجرين في الولايات المتحدة، ومن ثم طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة التوقف عن منحهم سمات الدخول، أي أُغلقت بوابات الولايات المتحدة في وجوههم، وأُجبرت هذه الكتلة البشرية المتحركة للتوجه إلى إسرائيل. في نفس العام 1991عندما بدأت أفواج الروس بالقدوم إلى إسرائيل، توقفت الأخيرة عن السماح لفلسطينيي الأراضي المحتلة بالعمل فيها، وكانت الخطة استبدالهم بهذه القوى العاملة الجديدة القادمة من روسيا، الذين أخضعتهم النخبة الإسرائيلية لما يسمى"اجتثاث التطور"، وهو أسلوب سبقت تجربته على اليهود الشرقيين. وكان المطلوب أن يعملوا في الأعمال اليدوية ضئيلة الأجر. هذه هي الخطة، لكنها لم تنجح نظراً للكثافة البشرية الروسية التي سمحت لهم بخلق دولتهم داخل الدولة (إعلام خاص ومتاجر خاصة وأنظمة التكافل المتبادل). عاد الأذكياء منهم إلى موسكو، واتجه المغامرون إلى الولايات المتحدة، واختار المسالمون كندا. كما يشير شامير إلى أن الربا الفاحش هو الذي منح اليهود هذا النفوذ، ولفت الكاتب إلى لعب الإسرائيليين على الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، وتلويحهم بدعم بوتين إذا لم يحصلوا على ما يريدون من الإدارة الأمريكية. كما يحاول شامير كشف مخاطر فكرة جديدة على اليهود والعرب والفلسطينيين وهي فكرة الدولة اليهودية العنصرية، وبرأيه فهي دولة افتراضية صارت تفقد بسرعة كل ما بقي لها من ارتباط بالواقع.
وفي كتابه "أزهار الجليل" كتب حول إلغاء أسطورة "المسيحية الصهيونية، والخيال الأمريكي ومساعدة المسيحي، به مقالات كتبها خلال عامي 2001- 2002في يافا المدينة الساحلية الفلسطينية القديمة، على الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط ، إبان الانتفاضة الثانية .أو انتفاضة الأقصى لا تقتصر على الأحداث في فلسطين، فقد جعلنا الحرب في الأرض المقدسة مركزا في المسرح العالمي حيث الصراع الفكري الشامل ضد التطورات الحديثة الخطيرة مثل تنامي نفوذ اليهودية الأمريكية "النهضة اليهودية" وانحطاط اليسار، ونمو العولمة، وأول خطوات حركة مناهضة العولمة، وتفجر الحرب العالمية الثالثة إذ تقف أمريكا ضد العالم الثالث.
وعن كتاب "الوجه الآخر لإسرائيل" قال تعرضت للعديد من المضايقات عقب إصدار هذا الكتاب حيث قدمتني منظمة الرابطة العالمية ضد العنصرية والعداء للسامية لمحكمة فرنسية، ذلك عندما انتقدت فيه وحشية الاحتلال ضد الفلسطينيين، وهي الانتقادات التي أغضبت اللوبي اليهودي الذي اعتبرها تشكل معاداة للسامية. وقد قضت المحكمة بمنع تداول الكتاب وسحبه من كافة مكتبات فرنسا في غضون شهر، كما قضت المحكمة بأن تدفع دار النشر 12ألف يورو كغرامة إلى صاحبة الدعوى كطرف مدني. وأضاف لقد قالت المحكمة إن الكتاب يحث على الكراهية والعنف واستعمال معاداة السامية في صورها البدائية، كما اعتبرتني معاديا للسامية حيث تهجم على اليهود مستندا إلى نظرية المؤامرة. واستغرب ازدواجية المعايير الغربية عندما يتعلق الأمر بانتهاكات ضد المسلمين حيث يعتبرها البعض "حرية تعبير مقدسة
المصدر
http://www.alriyadh.com/2007/08/04/article270094.html