جولة في أقاليم اللغة والأسطورة "1"
هذه سياحة في كتاب آخر،ولكنها سياحة تستحق أن نقتبس من أجلها عبارة (ألف ليلة وليلة) سياحة : لو خطت بالإبر على مآقي البصر،لكانت عبرة لمن اعتبر!!!!!إنها تستحق ذلك،فهي سياحة في كتاب يتحدث عن اللغة (الآرامية) و(الكنعانية) و(السنسكرتية) ولغات منقرضة .. ومن سيقوم بهذه السياحة (أمي) لا يجيد لغة أجنبية واحدة!!!!!!!! إذا لنستعد بالإبر لنخط بها على مآقي البصر ... سياحة في كتاب (جولة في أقاليم اللغة والأسطورة)للباحث العراقي الدكتور علي الشوك،والكتاب من منشورات دار المدى للثقافة والنشر،في بيروت،سنة 1994م.واضح جدا أنني حين طلبت الكتاب بالبريد – من الكويت،في سنة 1417هـ / 1997م – كنت أتصور أنه يتحدث عن موضوع آخر تماما ،ولكن .. طالما أنني دفعت ثمنه فلابد من قراءته!! {يوجد مثل دارج في إحدى الشقيقات يقول : اشريتك ببارا – عملة – ما تمشي بخسارة} والحقيقة أن الكتاب ممتع،لو لا أنه محشو بالأحاديث عن الآلة والإلاهات .. ويتحدث عن (نظرية ) دارون،التي سقطت وكأنها (تنزيل) .. كما أنه مشحون بالإشارات الجسدية،تفسيرا لكثير من الأمور .. وكل ذلك سوف نقفز فوقه،مع استثناءات قليلة.(رموز الخصب في الأسطورة واللغة)نقتطف من هذا الفصل كلمة : (الأم) .. (والأم بالسومرية يقال لها AMA وكذلك UMU وتختصر أيضا إلى MA . وتقابلها لفظة "أم" السامية،وبالأكدية UMMU . وتعني ما – ري MA-RI "الأم المنتجة،أو الولود" من rim بمعنى "تحمل طفلا"){ص 13}.وإلى كلمة أخرى هي (بعل) .. ( (وهكذا فإن بعل قد يكون مشتقا من المقطعين BA-AL ،وبدمجهما يؤلفان كلمة BAL (يحفر) بالسومرية ويذكرنا المقطع السومري AI (يثقب) بكلمة allu الأكدية (معول) وهو أداة الحفر،وفي الأوغارتية،الكنعانية هناك (؟؟) عليان – بعل،ومثله عليان قردم. وقردم تعني "مقبض الفأس،..".والبعل بالكنعانية : زوج،مالك،صاحب،سيد. وباعل العبرية : يسود،يستحوذ،يتخذ زوجة. وبعل بالحبشية : يملك الكثير،يغتني. وبعولي : غني. وبعل : رب،سيد. ومثلها في السريانية. وبهذا الصدد يمكن ذكر الكلمة السنسكريتية، Pala،واستنادا إلى lee فهي Bala ،كما جاء في قاموس غرينيوس لمفردات التوراة العبرية.){ ص 16 }. بعد تجاوز حديث المؤلف عن الأساطير،نأخذ قوله عن الكلمة العبرية : ( "قولياه"مشتقة من "قول"التي تقابل "قال" العربية. ويلاحظ أيضا أن كلمة Kal السنسكريتية تعني "يصوّت،وكلمة Kaleo اليونانية تفيد المعنى نفسه،وكذلك caleo اللاتينية،ومنها call الإنكليزية.){ص 17}. نعلم وجود نهي عن استعمال كلمة (قوس قزح)،ولكن هذه التفاصيل على ذمة المؤلف : (ولما كان قُزح إله العاصفة عند عرب الجاهلية. وكانت النار المقدسة تضرم في معبده بالمزدلفة. وعلى اسمه سُمي قوس قُزح){ص 20}. وإلى الحمامة،بل صوتها في البداية .. (ومن الطريف أن عمر الخيام عبّر عن نوح الحمامة المطوقة في رباعيته،وهي تندب عزلتها في القصر المهجور مرددة : "كو؟كو؟كو؟كو؟" بمعنى "أين؟أين؟"وهو على غرار ما جاء في الشعر الويلشي (نسبة إلى ويلز في بريطانيا) cw-cw على لسان طائر الوقواق،ويعني "أين؟أين؟"وهذا يذكرنا أيضا بترنيمة الفاختة أو اليمامة في الترنيمة الشعبية عندنا في العراق : "كوكو ختي،وين أختي،إلخ".ولا ندري كيف تم اشتقاق كلمة (الحمامة) على أننا نرجح أنها مشتقة من مادة (حمّ) بمعنى أسود،ربما إشارة إلى لون الحمام الرمادي،وحم في المصرية القديمة تعني أسود،ومنها جاء اسم(حام) أخي (سام) في التوراة،واسم الحاميين.){ ص 30 - 31}. وإلى قاموس الدكتور أرنست كلاين – وكلمة بيثون - والذي جاء فيه أن (كلمة Python ربما ترجع إلى اسم الموضع Puthon في اليونان. لكن هذا الاسم،أي بيثون Py-thon ويطلق بصورة عامة على الأفعى باليونانية – يذكرنا بكلمة (ب ث ن) الأوغارتية الكنعانية،وتعني (أفعى)،وتقابلها بالعبرية كلمة (فتن)،وهي الحية السامة،وبالسريانية (بثن)،وبالأكدية Bashmu وتعني (تنين). أما (بثن) العربية فتعني : الأرض السهلة اللينة. والبثنة : الزبدة،والمرأة الحسناء الغضة البضة،والنعمة. ومنها أيضا الاسم المصغر بثينة.){ ص 34}.(الأشجار في عالمي الأسطورة واللغة)نبدأ بــ(هليكة)!! وهذا التقسيم لطبقات الشعب من سكان أثينا .. ( وفي الأسطورة اليونانية أن إيون Ion أبا الايونيين – وعلى اسمه تسمية اليونان – تزوج هليكة (الصفصافة). ومن نسلها تحدرت الطبقات الأربع لسكان أثينا : الفلاحون،والصناع،والكهنة،والجنود.){ص 48 - 49}.مع أن المؤلف حدثنا هنا عن (هليكة : الصفصافة) إلى أنه عاد بعد ذلك ليقول نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيومن الأسماء التي يظن أن لها صلة (بالصفصافة الأم ) : سلمى،سالم،سليم،سلمان،سليمان،وربما أورشليم أيضا،إلخ. على اعتبار أن هذه الأسماء مركبة من مقطعين Sal-Ma (الصفصافة الأم) وهناك مادة (سلل) العبرية،وتعني : يرفع،يُعلي،يجمع،يكدس. لكن من معانيها أيضا : يهتز،يتذبذب،ينوس،يتردد. وتستعمل الكلمة عند حركة واهتزاز الأشياء الطويلة والدقيقة،كالأغصان والعساليج والأماليد،مثل أغصان الصفصاف وسعف النخيل. التي تستعمل في صنع السلال. ومن هنا اشتقت كلمة (السلة) من الجذر (سلل). والفعل العربي (سل): انتزع،أخرج برفق. ومن هذه المادة جاءت كلمة السلّاء العربية (التي تقابلها السلِِيّ بالعراقية الدارجة)،وتعني شوك السعف. وتقابلها (سلون) العبرية،شوكة غصن،وهناك المسلة العربية وهي الإبرة الكبيرة تخاط بها العدول. والظاهر أن كلمتي سلم العبرية و(سلّم) العربية،بمعنى درج،من المادة نفسها. ومن ثم فإن Sal تذكرنا بالصفصاف أيضا،لأن الأغصان قابلة للي والضفر.إنما يبدو أن هناك أكثر من احتمال حول أصل مادة (سَلَم) التي اشتقت منها الأسماء المذكورة أعلاه،منها رأي يرجع إلى جذور إيجيه (نسبة إلى جزر إيجه). فهناك أماكن عديدة في شرقي البحر المتوسط سميت بأسماء مشتقة من هذه المادة،مثل رأس سالمونة Caape Sal-mone في كريت،ومدينة سالمونة في إيليس،وقرية سالمونة قرب لوسي باليونان.(..) ترد (سلمى) Salma على نحو واسع في الأسماء الجغرافية بما يفيد معنى (الشرقية)،أي إلى الشرق. (..) وكانت سلمى موقعا في وسط الجزيرة العربية في طريق القوافل التجارية من البحر المتوسط إلى الخليج. كما كانت سلمالاسوس Salmalassus موقعا في أرمينيا الصغرى على طريق القوافل إلى الشرق الأقصى. وكان سالميديسوس في أقصى الشرق من تراقيا،على مشارف البحر الأسود،وسالمونة إلى أقصى الشرق في كريت،وسلاميس Salamis في أقصى الشرق من قبرص. وتقع جزيرة سلاميس شرقي مدينة كورنث الكريتية. ويقع الجبل المقدس لسلامنيس (وبالآشورية سلمانو) شرق السهل النهري الكبير خلف إنطاكية.){ص 55 - 56}. الحمد لله الذي أخرجنا من هذه (السينات) سالمين .. ولا أدري ما حكاية ليبيا معنا؟!! فقد كانت المحطة الأولى في (حول العالم على كرسي متحرك)،وهاهي أيضا!! (أما اسم ليبيا الحقيقي فيبدو أنه يرجع إلى أصل فينيقي – سامي،كما يرجح غزينيوس في قاموسه عن مفردات الألفاظ العبرية الواردة في التوراة،كأن تكون مشتقة من (اللوب) أي العطش،وبالتالي فالليبيون هم سكنة البلاد العطشى أو الجرداء. وبالعربية،لاب يلوب الرجل أو البعير : عطش. وقيل حام حول الماء وهو لا يصل إليه.){ص 54}.قطعا لم أكن أعلم بوجد (حواء ثانية)!! ولكن (في مهرجان الفاكهة في فلسطين القديمة،وهو طقس يرقى إلى أيام الكنعانيين،كان المحتفلون يحملون الترسوس {في الهامش : "صولجان أو رمح يتوج بحلية على شكل كوز صنوبر،ويلف أحيانا بأعواد الكرمة وأغصان الفاكهة"} باليد اليمنى،وأغصان السفرجل باليسرى،ويدورون (..) وكان الترسوس يزين بثلاثة أغصان : الآس في اليمن،وسعفة النخيل في الوسط،وغصن الصفصاف في اليسار،حين يكون القمر بدرا،وذلك اعتقادا منهم بأن القمر حين صار بدرا في جنة عدن،قطعت حواء الثانية – بعد ليليت العفريتة التي تزعم الأساطير العبرية أنها كانت زوجة آدم الأولى – غصن آس وتشممته،فقالت : "إنها نبتة تصلح تعريشة للحب" لأنها كانت على أحر من الجمر لعناق آدم. ثم قطعت سعفة وضفرت منها مروحة،ثم قالت : "وهذه مروحة لإذكاء النار"،وقطعت سعفة أخرى اتخذتها صولجانا وقالت : "سأعطي هذا الصولجان لآدم،وأقول له: اتخذه أداة لتسود بها عليّ"،وأخيرا قطعت غصن صفصاف وقالت : "وهذه أغصان تصلح للمهد"){ص 61}.على كل حال،وضعت القصة هنا على أنها (أسطورة)،وهذا أخف من القصة التي أوردها (الآبي) – صاحب "نثر الدر" – وهي قصة تجاوزت حدود الأدب .. كثيرا!!لنتجاوز الأمر إلى (الآس) .. ( كما كان ثمة بطل أسطوري يوناني يدعى ايساكوس Aesacus،واسمه مؤلف من مقطعين،هما aes(آس)،و asos(غصن) وكلا المقطعين يذكرنا بجذور سامية فالأول هو الآس،وأما الثاني asos(غصن) فيذكرنا بكلمة (عص) السامية التي تعني (شجرة)،وقد بقيت منها في العربية كلمة (العصا)،والآس بالأكدية أسو asu،وبالسريانية اسا،وبالعبرية هدس،وفي قاموس غزينيوس أن الآس في اليمنية القديمة هدس أيضا،وهدسة،أي أسة،اسم العذراء اليهودية التي أطلق عليها فيما بعد اسم أستير (من ستارة،بمعنى نجمة بالفارسية وهي بالأصل عشتار) (..) وتذكر لفظة (آس) بكلمة (اسا،ياسو)بمعنى "يعالج"،ومنها جاءت كلمة الآسي أي الطبيب. وهي سامية يبدو أنها مستعارة من A-ZU أو I-ZUالسومرية،,تقال للطبيب،وتعني بالحرف الواحد "ماء،خبير بالزيت"وتعني أيضا "نبي، - وراءٍ". فإذا صح وجود علاقة بين الآس،وأسا،فمعنى ذلك أن فكرة العلاج استقيت من الآس الذي كان يستعمل لأغراض طبية أو بالعكس (..) ولابد أن اللفظة الكنعانية الدالة على الزيتون هي (ز ي ت ). وزيت،وزيتين،بالعبرية : زيتون،شجرة الزيتون. وزيتا بالسريانية : شجرة الزيتون. وزيت بالحبشية : دهن،زيتون. وقد انتقلت الكلمة العربية إلى الأسبانية Azeyte: زيت.ويجهل اللغويون اشتقاق هذه الكلمة. إلا أن غزنيوس يعتقد أن أصلها من الفعل زها،بالعربية،وزهة بالعبرية،بمعنى : لمع،ازدهى،تكبّر. ومنه الزهو،والجمال،والتيه. ومن معاني زها العربية : أشرق،زهر،أضاء،وزها النبت : ظهرت ثمرته. وزها البُسر (أي التمر) : تلون. والزهو : النبات الناضر. وهناك الزي أيضا. وربما سمي الزيتون للمعانه أو لمعان زيته،كما يرجح غزينيوس {هل هو الأول نفسه؟!!}{ص 61 - 63}. ومن (الزيت) إلى البلوط والزان .. ( وكانت شجرة البلوط وسيط وحي عند الآخيين – أوائل اليونانيين – الذين كانوا قبل ذلك يستبشرون شجرة الزان،ثم تحولوا إلى البلوط بعد انتقالهم إلى اليونان،لأنهم لم يجدوا زانا فيها.{ومن لم يجد زانا تبلطا} وكانت الأبواب تصنع من شجر البلوط لصلابة خشبه. ومن هنا،فإن معظم الكلمات الأوربية الدالة على الباب مشتقة من اللفظة الدالة على شجر البلوط : فكلمة duir الأيرلندية التي تقال للبلوط،تطلق على الباب أيضا. والباب بالإنكليزية Door ،وبالألمانية tur، وباللاتينية foris وباليونانية thura ،وبالسنسكرتية dwr.){ص 65 - 66}.ونختم هذه الجولة بـ(التفاح) ..(وهناك من يعتقد بأن اسم أبولو Apollo مشتق من الجذر الذي يدل على التفاح Abol،ومنه كلمة Apple (تفاح) بالإنكليزية. (..) والتفاح بالعربية و(التفوح) بالعبرية اشتقا من الجذر (نفح)،ويعني : انتشر،ويقال في الطيب والرائحة. ومثله الجذر(فح)،ويمكن ذكر الجذر (فاح) أيضا،بمعنى انتشرت رائحته. فأغلب الظن أن التفاح سمي من فوح رائحته. و(نفح) العبرية تعني : هبَّ،نفخ،تنفس. والتفاح بالسومرية MA-GUNU ،وبالأكدية خشورو Khashuru ،والسريانية خزّورو. ){ص 73}. إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله. س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة ((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب))