بوادر فكر عالمي جديد تنطلق من إيطاليا


في كل قرن من الزمان، يخرج المفكرون بفلسفات تصف وتعالج الواقع الذي تمر به المجتمعات المحيطة بالمفكر، وأحياناً تتعدى فلسفات هؤلاء المفكرين لتصل الى عموم البشرية.

ولعل اندثار بعض الأفكار أو المدارس الأيديولوجية يكون مصدره الممارسة التي تقوم بها النُخب التي تبنت أفكار مدرسة بعينها، فتبتعد معها الممارسة عن وقائع الفكر فيكون السلوك العام لرجال الفكر المنافي لما جاء في تفصيلات الفكر الذي تبنوه، محفزاً للابتعاد عن تلك الأفكار والبحث عن أفكار نظرية جديدة. هذا ما آلت إليه بعض الأفكار التي سادت في العالم واضمحلت.

(جوليتو كيزا)، كاتب صحفي إيطالي، وشيوعي سابق، وعضو البرلمان الأوروبي (سابقاً)، صاحب كتاب (زيرو) الذي يشكك بصحة أحداث 11 سبتمبر2001، اكتشف عدم ملائمة الأفكار التي سادت في العالم في القرن الماضي وضرورة ابتداع فكرٍ جديد، فأسس حركته المسماة ب (الترناتيفا: أي البديل)، وبثت قناة روسيا اليوم أربع حلقات لهذا المفكر بين 18/3/2011 و 6/5/2011، لتُسلط الضوء على هذا الفكر الجديد.

سؤال: لماذا أسستم تلك الحركة، وإيطاليا تعجُّ بمئات الأحزاب والحركات؟

جواب: لقد استنزف العالم 60% من مدخراته من المواد الضرورية لإدامة الحياة، وأن الذين يقودون العالم أشبه بالقرود لا يهمهم سوى مصالحهم أو مصالح من يمثلون. وضرب مثلاً الاجتماع الشهري الذي يحضره تسعة من رؤساء أعظم بنوك في العالم، ليرسموا سياسات العالم الاقتصادية بمنأى عن المشاكل التي يعاني منها السواد الأعظم من سكان العالم. أي ديمقراطية تلك؟

إن الغاز والنفط والوقود بشكل عام غير كافٍ لكل سكان الأرض، وأن تلك المصادر ناضبة لا محالة، وعلى العالم أن يستعد لتلبية حاجات السكان من المياه العذبة والوقود وغيرها، وإلا ستنشب حروبٌ تدمر سكان الأرض، وعلى الناس أن يبدءوا بتكييف أوضاعهم على هذا الأساس. العلماء يعرفون ذلك، لكنهم لا يقودون العالم، والذي يقود العالم (قرود) على العالم أن يتدرب على إزاحتهم رحمة بالبشرية.

سؤال: ما الجديد الذي تحمله حركتكم؟

جواب: إن حركتنا جديدة ولكن أفكارها كبيرة، وسيتحسس البشر بأهميتها ليتبناها، والمرحلة الانتقالية صعبة ومريرة، وبالذات لملايين الفقراء. ولكن هؤلاء الملايين سيتعرفون على أفكارنا خلال سنة أو سنتين أو ثلاث.

سؤال: كيف تنظر حركتكم للقضايا العربية وبالذات القضية الفلسطينية؟

جواب: سلوك الغرب غير الأخلاقي بإنشاء دولة غريبة في منطقة الشرق الأوسط لتعطيل نموهم وإعاقة التنسيق بين بلدان تلك المنطقة لتسهيل نهبها وإبقائها في دائرة الفقر والحاجة للغرب، رغم تفاهة المبررات التي تزعم الدوائر الصهيونية أن اليهود لهم الحق بتلك الأرض، هم يعرفون خطأ تلك المزاعم ويعرفون أن الآخرين يعرفون تلك الحقائق وبطلانها ولكنهم يمضون في السير في خططهم.

كما أن زعمهم بالحجج الديمقراطية باطل. لقد حضرت انتخابات الفلسطينيين عندما فازت (حماس) بها، وكانت انتخابات نزيهة وشفافة، لكن الغرب أدار ظهره، لأن نتائجها لم تتماشى مع تطلعاته، وتركوا الأمر للصهاينة للفتك بشعب غزة.

سؤال: ما هو الحل برأيكم؟

جواب: إن المطالبة بدولتين واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين، هو حلٌ غريب، لأن الانتقال بين أجزاء الدولة الفلسطينية سيكون عسيراً جداً وسينال من استقلالهم. وبرأيي أن يعيش المجتمعان في دولة واحدة بكرامة، وهذا الحل سيرفضه اليهود، وعلى المجتمع الدولي الضغط عليهم لقبوله.. هذا رأيي.

سؤال: كيف تنظر الى سياسة إيطاليا في القضايا العربية؟

جواب: كان الإيطاليون بحكم (كاثوليكيتهم) وقرب البابا منهم، يتعاطفون باعتدال مع القضايا العربية، وكانوا بعيدين عن التأثير الصارخ لإرادة الأمريكان. وكان الحزبان (الديمقراطي المسيحي) و (الشيوعي) يؤثران في اعتدال تلك السياسة. لكن منذ أكثر من عقدين وصل المساندون لإسرائيل الى الحكم، فكانوا ممن شارك في العدوان على العراق، وممن يناصر السياسة الإسرائيلية.

لقد فقدت إيطاليا أصدقائها في الدول العربية، للهاثها وراء سياسة أمريكا الراغبة في إشعال الحروب بدم بارد.

سؤال: كيف تنظر الى سياسة أوروبا في المنطقة العربية؟

جواب: لقد تحدثت عن ذلك في مثال الانتخابات الفلسطينية، لقد كان هناك 35 مفوضية أوروبية وشاهدت الانتخابات بأم عينها، ومع ذلك كان أدائها هزيلاً. أوروبا مُحتلة من قبل الولايات المتحدة، ولا تستطيع أي دولة أوروبية اتخاذ قرار دون موافقة الولايات المتحدة. إن أوروبا فاقدة لسيادتها، والشعوب العربية تعرف ذلك.

سؤال: ألا يوجد مَخرج لأوروبا؟

جواب: نعم، الآن كل شيء ممكن، فأمريكا خلقت أزمة اقتصادية، أخذت تلك الأزمة تخنق أمريكا، ومراقبة المشهد في اليونان والبرتغال وايرلندا، فأخذ الأوروبيون ينظرون بريبة الى البنك الدولي (أمريكا) الذي يتلذذ بالمشهد. نحن في أوروبا أكثر سكاناً من أمريكا، ولدينا علماؤنا واقتصادنا وكل شيء، ما عدا قوة السلاح التي تتفوق فيه أمريكا علينا.

سؤال: هل ستحافظ أوروبا على وحدتها؟

جواب: إذا حافظت أوروبا على رغبتها في الاستقلال ستحقق مكانتها...
هناك أربعة عمالقة في العالم: الولايات المتحدة؛ والصين؛ وأوروبا؛ وروسيا.. وهناك قوى صاعدة أخرى كالهند والبرازيل، وغيرها... إذا أرادت أوروبا أن تعزز استقلالها، عليها النظر شرقاً (روسيا والصين)، فستتخلص من هيمنة الولايات المتحدة.