لا شك أن التدخل الغربي السافر والوقح، أوقع الثوار والمعارضة الليبية الوطنية، وكل من يقف مع ثورة ليبيا، بضيق شديد وغضب مضاعف من فرض وصاية الغرب على آبار النفط بالقوة، وبعدوان مسلح صارخ. القذافي سقط بكل الأحوال، لمجرد استخدام القوة المفرطة والسلاح الحي، وبالتالي أدى إلى انقسام الجيش، واستخدم كل منهما أسلحته، الموالي للسلطة لحمايتها، والمنضم للثورة للدفاع عنها. المشهد في ليبيا اليوم، يبدو وكأن سلطة القذافي تعرضت لمؤامرة، ويجب على كل العرب الدفاع عنها، وإلا أصبحوا في عداد الخونة أو المتآمرين مع الغرب!. بعض قيادات الثورة واجهت حماقة القذافي بحماقة القبول بالتدخل الغربي، والمطلوب طرد الغرب الاستعماري، وأن تصحح الثورة مسارها الوطني فورا، ودون تسويف وتأخير. فعلى الشعب الليبي أن يواجه الاحتلال القادم من الجو وبذريعة حماية المدنيين، وعلى الشارع العربي وقواه الحية، أن لا يقفوا وكأن على رؤوسهم الطير، فقد كان قرار المسماة الجامعة العربية، وبعض أطراف المعارضة الليبية المدفوعة من الغرب، بمثابة ضوء أخضر، للتدخل المباشر وعلى نحو ما نراه من طلعات عسكرية، حتماً أنظمة النفط العربية ستدفع فاتورتها، وكذلك الشعب الليبي، والأهم من هذا بكثير، النيل من استقلال ليبيا. ليس هذا فحسب، فقد جاءت الخطة منسجمة تماماً مع محاصرة الثورتين في مصر وتونس بأخرى مضادة، ولإجهاض أي تحرك شعبي عربي بهدف التغيير الجذري الوطني، الرافض للتبعية للغرب وبمقدمتهم الإدارة الأمريكية، ولا يمس هذا النظام العربي المستبد، بأي أذى الكيان الصهيوني، بل على العكس، يشغل الشعب العربي باللهاث وراء لقمة عيشته وكيفية مواجهة نظام الأجهزة الأمنية القاتلة، وغيرها من أمور داخلية، تشغله عن السبب الرئيس بإيجاد أنظمة المقايضة، لذا فمحاربتهما معاً، الاستعمار وأعوانه، هو الهدف والغاية. العرب الشرفاء، يجب أن يقفوا على مسافة واحدة من رفض العدوان الغربي، والعمل على وقفه بأي طريقة كانت، وإسقاط سلطة القذافي، بمعنى تزواج الثورة والمقاومة بآن. علينا التمييز بين ثورة الشعب واختطافها، والهجوم على الثوار واتهامهم كلهم بالعمالة وبالتعميم، فهم اليوم مستهدفون بالدرجة الأولى وكذلك ليبيا -أرضا وشعبا-. نعم الشعب العربي مطالب اليوم بالرفض القاطع لهذا التدخل السافر، وبكل الوسائل، لحماية ثورة الشعب وحفظاً لدمائه، والقذافي وسلطته إلى الجحيم، فاستقلال ووحدة ليبيا أهم بكثير من شخص أو سلطة سقطت بفعل ممارستها الوحشية بقتل الشعب وتدمير مدنه، والعدوان على ليبيا، بمثابة عدوان على الامة العربية بأكملها. نرفض التدخل الغربي ونرفض القذافي ونرفض الذين انحرفوا عن خط الثورة الوطني الشريف ونقف الى جانب الثوار الشرفاء حتى تطهير ليبيا من الغرب الامبريالي ومن الديكتاتورية القذافية، ومن الذين ركبوا موجة الثورة، مدفوعين بأجندات الغرب وحساب الامتيازات الخاصة على حساب حقوق الشعب المشروعة والمتمثلة بحريته واستقلال بلده ..