في المقهى





كمْ في دمشقَ تواصلتْ سبلُ الوصا
لِ وأشفِيَتْ فيها القلوبُ المحْزَنـَهْ


يَسْتوطنُ التَّاريخُ في حاراتِها
وتميس بين الغوطتين الأزْمنهْ



ما هاجَ في الوجدانِ عشقٌ للمكا
نِ كما تهيجُ القلبَ تلكَ الأمكنهْ


أفنانُها في القلبِ ، يأصَلُ حبُّها
سنة ً ، تأجَّجُ عزَّةً ، تلوَ السَّنهْ


***


أنا لا أدندنُ ،غيرَ أنِّي أدْمَنَتْ
في قهوةِ العطريِّ أذني الدَّنْدّنَهْ( هيمنة الكلام)


أصغي لهمهمةِ القلوبِ بها ، وما
تحكي المباسمُ والعيونُ الموهَنهْ


قصصاً يُشاربها الدُّخانُ مقنـّناً
يَشفي ، وبعضُ الشَّافياتِ مقنـّنهْ


***


لأبي هنا نرجيلة ٌ مدروزة ُ الـ
أنغامِ ، من لَـَحْنِ البَياتِ ، مُدوزَنهْ


مأثورةً رسَمَ الزَّمانُ فصوصَها
وتألـَّقتْ بينَ الصُّفوف مُزيّنهْ


بربيشُها الملفوفُ بالدِّيباجِ ملـ
تحِفاً من الخرَزِ المؤنَّق أفـْتـَنـَهْ


وغطاؤها من فضةٍ تزهو كما الـ
قصْباءُ تسبحُ بالوميضِ ، ملوَّنهْ


ومجسَّمٌ يُضفي الفقاعاتِ الـَّتي
تَجري ، تدغدغُ في الزَّجاجةِ سوسنهْ


***


في كلّ فجرٍ يقصُدُ الحَمراءَ مر
تديا لها أغلى اللباسِ وأحسنَه



يتلمَّس الطَّربوشَ في زهوٍ كمنْ
قدْ خاضَها بالغيدِ حرْباً معلـَنهْ


ويغلِّف العُنُقَ النَّحيل بشالهِ
متدثراً أغلى الحريرِ وأثمنَهْ


ويشيلُ شنطته المكحَّلة التي
من لون بذلتهِ الحريرِ مبطـَّنهْ


ويسيرُ في مهلٍ كمن يرجو لقا
ءَ حبيبةٍ في الصالحيّةِ ، فاتنهْ


حتَّى إذا بلغَ المكانَ تنفَّّس الـ
الصعداءَ ، كالمرهوبِ يَبْلغُ مأمنَهْ



فإذا رآه القهوجِي ُّ تراهُ منْ
أشواقهِ يجري إليه فيحضنَهْ



بالسَّهلِ والترحابِ واللفظِ الذي
تعنو له في اللطفِ كلُُّ الألسِنَهْ


ويقودَهُ لمكانهِ المعهودِ في الـ
ركن المطلِّ على خضيرِ البَسْتـّنهْ


ويدورُ يردفه الفتى : رأساً به
تنباكُهُ العجميُّ ممَّا أدمنـَهْ


وترى صبِيَّ النـَّار بين الطاولا
تِ يردد الأقوالَ شبهَ مُوَزّنَهْ


يَمضي يصولُ محاذراً في رقةٍ
يستذكر الأحبابَ فيما أتـْقـَنهْ


يأتيهِ منفعلاً يتيهُ بمنقلٍ
يلحو به جمراتِ نارٍ مُثخنهْ


تتوهَّج الجمراتُ في زهوٍ وقد
نفخَ الصبيّ بها الجِمارَ ودكّنهْ (نضده فوق بعض)


في ملقطٍ يهتزُّ في يده كما
يهتزُّ ملقطُ خاتنٍ في مِختـَنهْ


وينافخُ الجمراتِ حتَّى تغتدي
شرراً تَطايرُ في جميعِ الأمكنَهْ



ويقيمُها : صفَّ المهندسِ تؤدةً :
مصفوفةً ، ملمومةً كالمِئذنـَهْ


فإذا انتهى من سمسمات جِمارهِ
أعطى أبي نـَفـَسَ الدخانِ ليشْحَنهْ


ويشدَّ منه الريحَ في قرقرةٍ
يعلو صداها مثلَ صوتِ المطحنهْ


ويمصُّ مبسمَها الأنيقَ كمدنفٍ
خبـِرَ ارتشافَ الطيـِّباتِ وأتقنـّهْ


ويبوسَها ، ويزيدَ شفط َ دُخانها ،
و بنشوةٍ ، يُملي الأوامرَ خنْخَنهْ(من أنفه)


وسحائبُ الدخّان تطفرُ بالشَّذى الـ
عجَميِّ من خيشومِهِ كالمدخنهْ


***


إنْ كنتُ أنسى العمرَ ، لا أنسى عيو
نَ السادرين عقولهم ، والهتـْمَنهْ (اللغط في الحديث)


وأبي على كرسيـِّه متشبثاً
ويَكادُ من شوق ٍ لهُ أنْ يسكُنَهْ


حسبي فقلبي في لحونِكِ مدنفٌ
طرَباً ، فكلُّ القرقراتِ مُلحـَّنـَهْ


قد طبتُ نفْساً في هواك ولم يزلْ
لي حافزٌ أن أستبيحَك : هنهنَهْ

***