إن ما يحدث سيداتي سادتي أمامنا في جهاز التلفاز من متغيرات سريعة ومتتالية في بلدان كانت آمنة ومطمئنة، وشعوبها مثالا للطاعة والخضوع الراقي والرائع، لأوامر حكامها ورغباتهم ،من انتخابات يتم خلالها انتخاب ذاك الرئيس بنسبة 99%،ويبجل زوجته السيدة الأولى ، ويرفع التحية له ولأصدقائه ،ويعلم أطفالنا في المدارس ليحفظوا أبرز واهم قصص بطولته في مادة تسمى التاريخ المعاصر ، لهو أمر محير جدا يحار فيه عقل اللبيب، فكيف بالمواطن العربي العادي الذي تسيطر عليه وسائل الإعلام سيطرة شبه كاملة ،وترفعه وتهوي به كيفما تشاء ،وبما تشاء، فتارة يكون الرئيس، المناضل البطل المغوار ،وترفع صوره وتماثيله وتطبع كتبه بالملايين ،وتكون زوجته وأسرته مثالا للشباب العربي المناضل الفاضل، الذي يمثلنا خير مثال ،والذي كان للرئيس شرف تربية ذلك الفارس، وإعطاء تلك الشعوب المطحونة ،العارية، الفقيرة البائسة الجاهلة ،نموذجا للشباب المتعلم ،الأنيق الجميل بوسامة واضحة ،تجعله مثار إعجاب شباب وشابات ذاك البلد، لتنكس الصورة رأسا على عقب ،وبصبح ذاك الشعب المنوم ،المنهك المتعب، العاطل عن العمل، رغم شهاداته الجامعية ،الخنوع الخاضع الساجد المصلي لأمجاد حاكمه ،مصدرا لثورة تشاهد بالملايين ،ويكتب بالخط العريض.. الشعب يصنع ثورته وتبدأ الصور تظهر بنفس وسائل الإعلام ،نفس الصحفيين ،نفس الكاميرات ,,,صورا فاضحة! أسقطت عن هؤلاء الأبطال حتى ورقة التوت !!فصاروا من ذوي المليارات ،من أكبر أثرياء العالم مع أسرته وصارت زوجته وأبناءه مثالا للبلطجية والحرامية اللصوص، والثعالب والذئاب والحيوانات الضارية ،والخفافيش التي تعتاش على دماء الشعوب، ولا تشبع مليارات، وتعطي ثروات بلادها لأعدائها، وترضخ لهم ذليلة ،وتصبح حتى شهاداتهم مزورة!! ومدفوع ثمنها ،ويبدأ الشعب بالهتاف ،والشباب بالخروج ثائرين ،تاركين خلفهم خوفهم الذي عشعش في قلوبهم سنوات عشرين أو ثلاثين وحتى أربعين، ليقابلوا جبروت ذلك الحاكم، وأسلحته وغتاده وجنوده وهامانه ، بصدور عارية ،ولافتات ورقية مكتوب عليها بدماء الألم والقهر ....أخرج... ارحل ..يسقط النظام ...الشعب يريد اسقاط النظام ..وتعلو الأصوات ،ويكثر الجمع ،ويعد بالملايين ومن كان خائفا بالأمس صار ثائرا اليوم ، وجمعة الصمود وجمعة الغضب وجمعة الخلاص ، والزعيم المغوار صار خائفا يقسم بأعظم الأيمان أنه لن يجدد سنوات رئاسته الأبدية، ولن يمنح لابنه المهدي المنتظر حلم الولاية التي يستحقها ، وسيخرج فور انتهاء حكمه بكل آدب وبدون نسبة 99% .
ينظر إليه أصدقاؤه القدامى وأحباؤه من بقية الزعماء الشرفاء الأتقياء المخلصين ، بصمت محير، فلا يدافعون عنه أبدا ،ولا يعلنون كذب تلك الافتراءات ،أو الحقائق، فكأنهم صاروا جزء من ذلك الشعب المنوم المخدوع!الخائف المفزوع ، هل حقا سيدي الفاضل كنت مخدوعا به ولم تكن تعرف تلك الفضائح والسرقات ؟؟بل تستقبله مثل بقية شعبه بالأحضان وتمنحه أرفع الألقاب !!
أي حيرة تنتابنا عندما نسمع الآن ما يحدث ؟؟،وماذا نصدق ؟؟الإعلام القديم أم الحديث؟( ومن فات قديمه تاه واللي مالوش كبير يشتري له كبيرا )والحاضر هو ابن الماضي وسيلد المستقبل .
سيداتي سادتي لاتشفقوا على من سقط ،وتلاشى في غياهب التاريخ ،فقد تمتع كثيرا بما منحه الله من سلطان وكان الأحرى به أن يكتفي بعشرين سنة أو عشر وليذهب ليتمتع بملياراته ولكنها الدنيا وابن آدم الذي لا يملأ عينيه إلا التراب ، وأن يرثه ولده الحبيب ربيب الأسرة الحاكمة والرئاسية .
سيداتي إن ما يحدث حولناا هو فتنة دهماء عاصية غامضة حقا وباطل خيرا وشرا نهارا واضحا وليلا حالكا اجتمعت الشمسمع القمر ، واحتار بينهما البشر ، فكلنا نكره الظلم والطغيان وكلنا نحب بلدنا وشعبنا وكل يغني على ليلاه !واسمعوا مني خبرا سمعته بالإذاعة استفتاء هام (هل توافق على تدخل القوات الجنبية لحماية سكان ليبيا ؟صوت الان !!
سيدي ،إن قلت لا فأنت تريد أن يموت سكان ليبيا ،ولكن انتبه إن قلت نعم فإن أمريكا قادمة عفوا أقصد القوات الجنبية الصديقة والتي نحب ونحلم ، كما العراق، ولا عزاء للثوار !!والشعوب ! صديقي !انتبه لصيغة الاستفتاء هل تؤيد التدخل الأجنبي لحماية سكان ليبيا ؟؟وليس لإسقاط ,,,,,,,,,,,قل ما تريد واملأ الفراغ كيفما شئت وبأي اسم فكل الإجابات مقبولة حاليا !!هل تؤيد صديقي ؟؟ أجب هيا ارفع شعارا جديدا سيرفع بعد فترة ،أريد التدخل الأجنبي ؟؟ هذا ما أخشاه !ام ما تريده ؟؟حدد طلبك أيها الثائر الحالم المؤمن الصادق !!
واخيرا ليسقط الطغاة بلا رحمة، واللهم أرنا بهم آية ،واجعلهم عبرة وأذقهم الذل والهوان الذي أذاقوه لشعوبهم، وعاملهم كما عاملوا شعوبهم ، وكما يستحقون ،ولكن إلهي احفظ أبناء بلدي وشبابها وأطفالها وألهمهم الصواب والحق ,واجعل ما يحدث فرجا ونافذة لدخول نور الحق والعدل والحرية التي نستحقها !
ولكن ما دورنا نحن في تلك المتاهة ؟؟أجيبوني أنتم سيداتي سادتي، فقد تعب قلمي و ..!!
شكرا
إلهام بدوي