المَنْدَل
أقصوصة
نزار ب الزين[
*****
الزمان : أواسط العقد الأول من القرن العشرين

المكان : بلدة عربية صغيرة ، شحيحة الموارد

و لشح الموارد و خاصة بعد أن جف النبع الرئيسي ، اندفع شبانها نحو العاصمة سعيا وراء اي عمل ، أما سعيد الحظ فهو من يتمكن من الهجرة إلى الخارج ، و كان محمد الدرويش من سعداء الحظ ؛ ترك زوجته و طفلته ذات السنتين في عهدة والديه ، ومضى إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية ...

تراسل من مهجره مع عائلته ، و أرسل لهم دفعات مجزية من النقود لمدة ثلاث سنوات ،

ثم ....

انقطعت أخباره ....

جن جنون زوجته التي نهشتها الغيرة و الوساوس ، و التاعت والدته التي انتابها كل حالك من الأفكار ، أما والده فوقع فريسة الذهول ..

و ذات يوم ...

اقترحت إحدى القريبات ، زيارة عرافة في قرية مجاورة ، ذاع صيتها كضاربة "مندل" ؛

جلست العرافة فوق حصير على الأرض ، و جلست عائشة زوجة محمد الدرويش و حماتها قبالة العرافة ، و في الوسط بينهن ثمة وعاء نحاسي كبير امتلأ حتى منتصفه بالماء ..

و قد أضفى صوت العرافة الأجش و هي تتلو الأدعية، مقترنا بضعف الإنارة ، بعض الرهبة ، و التي زادها اهتزاز الوعاء و ما فيه من الماء كلما ارتفع صوت العرافة !!!!

ثم ..

و بكل ثقة ، أكدت العرافة أن محمد الدرويش ظهر لها على صفحة الماء ...

ثم ...

أضافت : أنه حي يرزق ،

ثم ....

مقاطعة صياح الإمرأتين الجزلتين ، أضافت :

- لكنه متزوج من فتاة أجنبية شقراء رائعة الجمال ، و حوله ثلاثة أطفال ذكور ..

ثم ......

عادت الإمرأتان إلى منزلهما منهارتين ، و قد لفهما اليأس ..

و لكن ....

الفرحة ما لبثت أن عادت إلى العائلة بعد أقل من أسبوع ، فبدون سابق إنذار ، عاد محمد الدرويش من مهجره سليما معافى ،

و لم تكن برفقته غير حقائبه ،

لم تكن معه شقراء ،

و لا ثلاثة من الأبناء الذكور !!!

و كان عذره عن انقطاع التواصل ، انتقال أعماله إلى منطقة غابات الأمازون ، حيت المواصلات و الإتصالات شبه معدومة ....
*****


الزمان : أواخر العقد الأول من القرن الحادي و العشرين

المكان : بلدة صغيرة شحيحة الموارد الطبيعية ، إلا أن كل من زارها شعر بانتعاش سكانها ، فقد غيرتها إلى الأفضل نقود الشبان المهاجرين ....

و في أحد بيوتها الفاخرة ، جلست سحر فوق وثير طويل ، و قد التف حولها والداها و حمواها و طفلاها ،

ثم ..

رفعت غطاء جهاز ألكتروني أسمته سحر ساخرة : "المندل" ..

ثم ...

ضغطت على بعض الأزرار ،

ثم ....

سمعوا نغمة موسيقية جميلة ، تكررت عدة مرات ..

ثم ......

ظهرت صورة محمد الدرويش ، الحفيد السادس لمحمد الدرويش الجد الأعظم ، و الذي يعمل "فني حاسوب" في إحدى الدول الاسكندنافية ،

ثم ........

أخذ الجميع يحاورونه و كأنه بينهم ، و قد غمرتهم السعادة ...
============
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com